الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نسأل الله تعالى أن يثبتك على طاعته واجتناب محارمه .
أولا :
سؤالك : إذا مُت مبتعداً عن أعمال الشذوذ فهل أكون شهيداً ؟
لعلك تقصد الحديث الذي ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَكَتَمَ فَمَاتَ فَهُوَ شهيد ” .
فهذا الحديث قد حكم عليه أهل العلم بالحديث بعدم الصحة ، بل صرحوا بأنه موضوع مكذوب .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
” وأمّا حديث “من عشِقَ فعفَّ ” فهذا يرويه سُوَيد بن سعيد ، فقد أنكره حفّاظ الإِسلام عليه .
قال ابن عدي في كامله : هذا الحديث أحد ما أُنكِر على سويد .
وكذا ذكره البيهقي ، وابن طاهر في الذخيرة ، والتذكرة .
وأبو الفرج بن الجوزي ، وعدّه في الموضوعات .
وأنكره أبو عبد الله الحاكم – على تساهله – وقال: أنا أتعجّب منه …
ولا يشبه هذا كلام النبوة …
وكلام حفاظ الإِسلام في إنكار هذا الحديث هو الميزان ، وإليهم يرجع في هذا الشأن . وما صحّحه ، بل ولا حسّنه أحد يُعوَّل في علم الحديث عليه ، ويُرجَع في التصحيح إليه ” انتهى . ” الداء والدواء ” (ص 568 – 572) .
فالحاصل ؛ أن هذا الحديث لا يصح .
وتحديد الشهداء هو من المسائل التي لا بد فيها من نص من الوحي ، ولا نعلم نصا يجعل مَنْ كفَّ نفسه عن الشهوات من الشهداء .
لكن لا شك أن من كف نفسه عن الشهوات وصبر عنها فهو موعود بأجر عظيم لا يعلم مقداره إلا الله تعالى .
قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر (10) .
ثانيا :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : … وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا ، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ) رواه البخاري (6806) ومسلم (1031) .
المرأة وصفت في هذه الحديث بوصفين “ذات منصب ” و ” جمال ” .
ولهذا توقف أهل العلم في الإلحاق بهذا الحكم من دعته امرأة ليست بذات منصب أو جمال .
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
” إذا دعت امرأة ذات جمال فقط دعت رجلا للحرام فأبى ، هل يظله الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله ؟
الجواب : إذا دعته امرأة ذات جمال إلى الفاحشة فأبى خوفا من الله فقد فعل خيرا ، وله الأجر من الله فضلا وإحسانا ، ولو لم تكن ذات منصب .
أما تقديره وبيان نوعه وكيفيته فإلى الله ؛ لأنه من المغيبات التي استأثر الله بعلمها ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) . ذكر منهم : ( ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ) .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ” انتهى . ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (1 / 238) .