0 / 0

نصائح للإمام وأهل المسجد الذين يشغّبون عليه .

السؤال: 233051

قدمني الناس في مسجد الحي أصلي بهم الصلوات الخمس متطوعا منذ ما يزيد على السنة ، ولكن يقولون لي بعد الآذان : “هيا صلي بنا لم يبق وقت ” ، ومنهم من يقول لي : أطلت السجود أو الركوع ، وقد طلبت منهم بأن لا يأمرونني للتقدم للصلاة ، وإنما هذه أمور يقدرها الإمام نفسه ، بالتقدم أو الترقب قليلا ، مع العلم أني ملتزم ـ بفضل الله تعالى ـ على الحضور قبل الوقت ومع الآذان ، كما نصحتهم بترك الحديث الجانبي من قبيل “الدردشة والميعاد الزائد ” ، ونهيتهم عديد المرات عن مثل هذه التصرفات ولكن دون جدوى ، أرجو أن توضحوا لي حكم إلتزام المصلين بأوامر الإمام وعدم أمرهم لإمامهم بأشياء لاتهمهم كما شرحت سابقا ، وبماذا تنصحونني ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
على كل من تقلد منصبا ، أو ترأس الناس ، أو تقدمهم في أمر من أمورهم العامة : أن يتحلى بالصبر ، ويتصف بالحكمة ، وأن يتسع صدره لهم ، وأن يصغي إلى رأيهم ، ولا يصدر منه إليهم ما يبغضهم فيه ، فإن كان أمرا من أمور الدين : فأحكام الشريعة حكم بين الناس .

ثانيا :
ينبغي أن يكون هناك وقت بين الأذان والإقامة يكفي للتطهر ، والذهاب إلى المسجد ، وصلاة السنة الراتبة ؛ فإن ذلك يحقق مقصود النداء للجماعة ، ويعين على مصلحتها ، وهو ـ كذلك ـ أرفق بعموم الناس ، ما دام في حد معقول ، محتمل ، لا إشقاق فيه على أهل المسجد ، بطول انتظارهم ، ولا إشقاق فيه ـ أيضا ـ على الآتين ، أو تضييع الجماعة عليهم ، أو عدم تمكينهم من الإتيان بالسنن الرواتب .

وليس في ذلك تحديد شرعي ، وكل أهل مسجد يختارون الوقت المناسب لهم ، ما دام ذلك محققا لمصلحة الجماعة ، كما سبق ، وكان فيه رفق بعموم الناس .
انظر جواب السؤال رقم : (97009) .

ثالثا :
أولى الناس بالإمامة في المسجد هو الإمام الراتب ، والمشروع انتظاره ما لم يشق ذلك على الناس ، وخاصة إذا كان حافظا متقنا عالما بأحكام الصلاة.
والإمام أملك بالإقامة ، فلا يقيم المؤذن إلا بإذن الإمام ، وعلى الإمام أن يراعي أحوال الناس.
قال النووي رحمه الله :
” وَقْتُ الْأَذَانِ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْمُؤَذِّنِ ، لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُرَاجَعَةِ الْإِمَامِ، وَوَقْتُ الْإِقَامَةِ مَنُوطٌ بِالْإِمَامِ ، فَلَا يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ إلَّا بِإِشَارَتِهِ ” انتهى من “المجموع” (3/ 128) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
” لَا يُقِيمُ – يعني المؤذن – حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ ، فَإِنَّ بِلَالًا كَانَ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – . وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ، وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ ” انتهى من “المغني” (1/ 302) .

وعلى الإمام الراتب مراعاة حق المأمومين ، فيأتي المسجد لإمامتهم دون تأخير ، إلا لعذر ، وعلى المأمومين مراعاة حق إمامهم ، فلا يقدمون للصلاة بهم غيره ، وينبغي أن ينتظروه ما لم يشق ذلك عليهم.
فإذا تأخر الإمام عن الوقت المتفق عليه بين أهل المسجد ، فأقاموا الصلاة في وقتها المعهود ، وقدموا أحدهم ممن يحسن الإمامة : فلا شيء عليهم في ذلك ، ويُنصح الإمام بعدم التأخر.
انظر جواب السؤال رقم : (146970) .

رابعا :
ينبغي على الإمام أن يحرص على أن يصلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه البخاري (631).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” والأفضل للإمام أن يتحرى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصليها بأصحابه ، بل هذا هو المشروع الذي يؤمر به الأئمة … فينبغي للإمام أن يفعل في الغالب ، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في الغالب ، وإذا اقتضت المصلحة أن يطيل أكثر من ذلك ، أو يقصر عن ذلك : فعل ذلك ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً يزيد على ذلك ، وأحياناً ينقص عن ذلك “انتهى من “مجموع الفتاوى” (22/315-318) .

وعلى الناس أن يعينوه على ذلك ، ولا يكثروا التشغيب عليه ، ومخالفته ، ونقده ، ما أقام فيهم السنة .

وعلى الإمام أن يبين السنة للناس ، وينصحهم بالحكمة ، ويتروى معهم ، ولا يكثر الجدال ، ويحرص على إقامة السنة ، ومعرفة الدليل ، مع التأكيد على ترفقه بهم في ذلك كله ؛ فإن الناس قد نشؤوا وتربوا على حال غير التي عهدت من السنة ، والفطام عن المألوف أمر عسير ، فالمشروع في حق الإمام ألا يشق على الناس ، وأن يترفق بهم ، ويتوسط في أمره ، ويتدرج معهم ، في نقلهم عما ألفوه ، إلى الحال الفاضلة ، والسنة الكاملة .

وليحرص أهل المسجد جميعا على توافر المحبة والوئام بينهم ، ولإمام المسجد في ذلك دور كبير ، وخاصة في خطب الجمعة ، أو الدروس التي يلقيها ، وإنما شرع الله الصلاة في المساجد للاجتماع على ذكره وعبادته، ولا يتم ذلك كما يحب ربنا ويرضى إلا إذا اجتمع الناس في بيوت الله على الألفة والمحبة ، وقصد وجه الله والدار الآخرة ، لا على الخلاف والنزاع والشقاق والجدال.

ولذلك فإن مهمة الإمام كبيرة ، ومسئوليته عظيمة ، وخاصة إذا كان يخطب بهم الجمعة ، ويلقي عليهم الدروس ، وينظم الدورات العلمية ، فإن مقامه هذا هو مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين من بعده ، وأئمة الهدى والصلاح من بعدهم .

خامسا :
الكلام في المسجد : إن كان فيه تشويش على المصلين والتالين والدارسين فإنه لا يجوز ، أما إن لم يكن فيه تشويش فيجوز، وإن كان في أمور الدنيا ، ما لم يكن محرما في ذاته ، أو كان كثيرا ملهيا شاغلا عن ذكر الله .
وينظر جواب السؤال رقم : (4448)، (127068) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (106526) ، (142325).
والله تعالى أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android