تنزيل
0 / 0

يفصل الله ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكتبة ما هو كائن من أمره سبحانه في تلك السنة .

السؤال: 233677

ما معنى ” لأن الله يقدر فيها الأرزاق وأمور العباد وتأخذ الملائكة صحائف الأقدار عاماً كاملاً من ليلة القدر إلى ليلة قدر أخرى ، فلا يبقى جليل ولا حقير إلا كتب الله أمره عاماً كاملاً ” ، فعندما تأخذ الملائكة صحائف الأقدار ماذا تفعل بها هل تطلع عليها ؟
وهل تعرف الملائكة ما يحدث من الغيب هذه السنة وهو من اطلاع الله تعالى لها أو ماذا ؟

ملخص الجواب

وخلاصة الجواب : أن الله تعالى يطلع بعض الملائكة (وهم الكتبة) على ما سيقع في تلك السنة من الأحداث ، ويأمرهم بنسخه من اللوح المحفوظ . وأما ما زاد على ذلك من إعطاء كل ملك من الملائكة ما يخصه من تلك الصحف ، فلم يدل على ذلك دليل . والله تعالى أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قال الله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا
مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) الدخان/ 3، 4 ، أي : يأمر
الله تعالى الكتبة من الملائكة بنسخ ما سيقع في تلك السنة من اللوح المحفوظ ، هكذا
ورد عن بعض السلف ، ونقله المفسرون .
روى ابن أبي حاتم في تفسيره (18527) – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (فِيهَا
يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) قَالَ: ” يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي
لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ
حَيَاةٍ أَوْ مَطَرٍ، حَتَّى يُكْتَبَ الْحَاجُّ ؛ يَحِجُّ فُلانٌ ، وَيَحِجُّ
فَلانٌ ” .
وروى الحاكم (3678) وصححه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : ”
إِنَّكَ لَتَرَى الرَّجُلَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ، وَقَدْ وَقَعَ اسْمُهُ فِي
الْمَوْتَى” ، ثُمَّ قَرَأَ ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ،
إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) ، يَعْنِي
لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ : يُفْرَقُ أَمْرُ الدُّنْيَا إِلَى
مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ ” .

قال ابن كثير رحمه الله :
” أَيْ: فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يُفْصَلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى
الْكَتَبَةِ أَمْرُ السَّنَةِ ، وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْآجَالِ
وَالْأَرْزَاقِ ، وَمَا يَكُونُ فِيهَا إِلَى آخِرِهَا ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي مَالِكٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَالضَّحَّاكِ ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ
مِنَ السَّلَفِ . وَقَوْلُهُ: (حَكِيمٌ) أَيْ: مُحْكَمٌ لَا يُبَدَّلُ وَلَا
يُغَيَّرُ ” .
انتهى من “تفسير ابن كثير” (7/ 246) ، ونحوه قاله الطاهر بن عاشور في “التحرير
والتنوير” (6/422) ، والشيخ ابن عثيمين في “فتاواه” (20/344) .

ثانيا :
لا يعلم الغيب إلا الله ، قال تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)
النمل/65 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” يقول تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول معلمًا لجميع الخلق : إنه لا
يعلم أحد الغيب إلا الله عز وجل ، فإنه المنفرد بذلك وحده ، لا شريك له ” انتهى من
“تفسير ابن كثير” (6 /207) .
لكن الله تعالى يُطلع من شاء من خلقه ، على ما يشاء من أمر غيبه ، قال تعالى :
( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى
مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا )
الجن/26،27 .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
” علم المغيبات من اختصاص الله تعالى فلا يعلمها أحد من خلقه ، لا جني ولا غيره ،
إلا ما أوحى الله به إلى من شاء من ملائكته أو رسله ” انتهى من “فتاوى اللجنة
الدائمة” (1 /346).

ودل ما ذكر من نسخ الملائكة
لما يحصل من أمور العام ، على أن الله تعالى يطلع الملائكة الكتبة على ما سيكون في
هذه السنة ، ويأمرهم بنسخه من اللوح المحفوظ .
قال النووي رحمه الله :
” قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَسُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِمَا تكْتَبُ فِيهَا
المَلَائِكَة مِنَ الْأَقْدَارِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ الَّتِي تَكُونُ فِي
تِلْكَ السَّنَةِ، كَقَوْلِهِ تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم) .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ ربهم
من كل أمر) : وَمَعْنَاهُ: يُظْهِرُ لِلْمَلَائِكَةِ مَا سَيَكُونُ فِيهَا،
وَيَأْمُرُهُمْ بِفِعْلِ مَا هُوَ مِنْ وَظِيفَتِهِمْ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا
سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَتَقْدِيرُهُ لَهُ ” انتهى من “شرح النووي
على مسلم” (8/ 57) .

ثالثا :
ذكر بعض العلماء أن الله تعالى يأمر الملائكة الكتبة إذا انتهوا من كتابة ما سيكون
في تلك السنة : يأمرهم بإعطاء كل ملك من الملائكة ما يخصه من تلك الصحف ، ولكنهم لم
يذكروا دليلا على ذلك .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
“وإيضاح معنى الآية : أن الله تبارك وتعالى في كل ليلة قدر من السنة يبين للملائكة
ويكتب لهم ، بالتفصيل والإيضاح جميع ما يقع في تلك السنة ، إلى ليلة القدر من السنة
الجديدة .
فتبين في ذلك الآجال والأرزاق والفقر والغنى ، والخصب والجدب والصحة والمرض ،
والحروب والزلازل ، وجميع ما يقع في تلك السنة ، كائناً ما كان .
قال الزمخشري في “الكشاف” : ومعنى (يفرق) : يفصل ويكتب (كل أمر حكيم) من أرزاق
العباد وآجالهم ، وجميع أمورهم فيها ، إلى الأخرى القابلة .
إلى أن قال : فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ، ونسخة الحروب إلى جبرائيل ، وكذلك
الزلازل ، والصواعق والخسف ، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا ، وهو ملك
عظيم ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت ا ه محل الغرض منه بلفظه .
ومرادنا بيان معنى الآية ، لا التزام صحة دفع النسخ المذكورة للملائكة المذكورين ،
لأنا لم نعلم له مستنداً ” انتهى من “أضواء البيان” (7/271) .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android