هناك قصة عن أبي قدامة مع إحدى النساء وولدها ، وأبو قدامة رجل عاش في العراق في القرن العاشر وحارب ضد النصارى ، فهل لديكم سيرة ذاتيه كاملة لأبي قدامة ؟
قصة أبي قدامة مع المرأة التي أعطته شعرها ليجعله قيدا لفرسه في سبيل الله .
السؤال: 235047
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذه القصة ذكرها بعض المؤرخين ، كابن الجوزي رحمه الله في كتابه “صفوة الصفوة” (2/363) ، قال : ” بلغنا عن أبي قدامة الشامي قال : كنت أميراً على الجيش في بعض الغزوات ، فدخلت بعض البلدان فدعوت الناس إلى الغزو ورغبتهم في الثواب ، وذكرت فضل الشهادة وما لأهلها ، ثم تفرق الناس وركبت فرسي وسرت إلى منزلي ، فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس تنادي: يا أبا قدامة ، فقلت: هذه مكيدة من الشيطان ، فمضيت ولم أجب ، ما هكذا كان الصالحون ، فوقفت ، فجاءت ودفعت إلي رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية ، فنظرت إلى الرقعة فإذا فيها مكتوب: إنك دعوتنا إلى الجهاد ورغبتنا في الثواب ، ولا قدرة لي على ذلك ، فقطعت أحسن ما فيّ، وهما ضفيرتاي ، وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك ، لعل الله يرى شعري قيد فرسك في سبيله فيغفر لي .
فلما كانت صبيحة القتال فإذا بغلام بين يدي الصفوف يقاتل فتقدمت إليه وقلت: يا فتى أنت غلام غر راجل ، ولا آمن أن تجول الخيل فتطأك بأرجلها ، فارجع عن موضعك هذا .
فقال: أتأمرني بالرجوع ؟ وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) الأنفال/15-16 .
فحملته على هجين كان معي فقال: يا أبا قدامة أقرضني ثلاثة أسهم فقلت: أهذا وقت قرض؟ فما زال يلح علي حتى قلت بشرط : إن منّ الله بالشهادة أكون في شفاعتك ، قال: نعم ، فأعطيته ثلاثة أسهم فوضع سهماً في قوسه وقال: السلام عليك يا أبا قدامة ، ورمى به فقتل رومياً. ثم رمى بالآخر وقال: السلام عليك يا أبا قدامة فقتل رومياً ، ثم رمى بالآخر وقال: السلام عليك سلام مودع .
فجاءه سهم فوقع بين عينيه فوضع رأسه على قربوس سرجه ، فتقدمت إليه وقلت: لا تنسها. فقال: نعم ، ولكن لي إليك حاجة: إذا دخلت المدينة فأت والدتي وسلم خرجي إليها وأخبرها، فهي التي أعطتك شعرها لتقيد به فرسك ، وسلم عليها فإنها العام الأول أصيبت بوالدي ، وفي هذا العام بي ، ثم مات ” .
وذكر القصة إلى آخرها .
ولم نجد لهذه الحكاية إسنادا ينظر فيه ، فابن الجوزي رحمه الله لم يذكر إسنادها وإنما قال : بلغنا ، فمن الذي أبلغه ؟ ولا نعلم من هو أبو قدامة صاحب هذه القصة ، وعباراتها وسياقها يوحي بعدم صحتها .
وكثير من هذه الحكايات يكون من نسج القصاصين ، يحثون الناس بها على الجهاد وأعمال الخير ، ولا يصلح الكذب في جد ولا هزل .
وقد أغنى الله عز وجل عباده عن الأقاصيص التي لا تثبت ، والحكايات التي لا نعرف لها أصلا، بالقصص الحق ، أحسن القصص ، وخير الكلام ، فقال تعالى : (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) آل عمران/ 62 ، وقال عز وجل : ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) يوسف/ 3 .
وآيات الكتاب الحكيم ، وأحاديث السنة الصحيحة ، في أبواب الجهاد والبذل في سبيل الله كثيرة لا تحصى ، وفيها الغنية والكفاية ، وفي أخبار الصالحين والمجاهدين ، أهل الخير والمعروف والجهاد من سلف هذه الأمة وأعلامها ، ما يغني عن هذه الحكايات .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب