قامت زوجة بتسجيل نصف البيت الذي تملكه باسم زوجها ، حيث ذكرت في الأوراق الرسمية أنه من باب الهدية ، وبعد مدة من الزمن حدثت مشاكل فيما بينهم دفعت الزوجة لطلب الطلاق، وهو ما لا يريده الزوج ، ولكن الزوجة طلبت أن تعود ملكية المنزل لها بالكامل ، حيث ادعت أنها سجلت نصف المنزل لزوجها تحت الضغط، فما حكم ذلك؟ وهل إذا أعاد الزوج ملكية البيت لها طواعية يأثم ؟ مع العلم أنهما متزوجان منذ 25 سنة ؟
وهبت نصف البيت لزوجها ثم ادعت أنها كانت مكرهة
السؤال: 237382
ملخص الجواب
والخلاصة: أنه إذا ساءت العشرة بين الزوجين ، حتى طلبت المرأة الطلاق ، أو طلقها زوجها بدون طلب منها : فإن لم يكن رد الهبة في هذه الحال واجبا على الزوج ، فلا أقل من أن يكون من مكارم الأخلاق ، ومن تمام المروءة . والله أعلم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم رجوع الواهب في هبته ، إلا الأب فيما وهبه لولده ؛ فإن له الرجوع فيه .
غير أن العلماء اختلفوا في رجوع المرأة فيما وهبته لزوجها :
فذهب بعضهم إلى تحريم رجوعها ، عملا بالنصوص العامة الدالة على تحريم رجوع الواهب في هبته .
وذهب آخرون إلى جواز رجوعها .
وهذا القول الثاني هو أحد أقوال الإمام أحمد في هذه المسألة ، وكان يحكم به القاضي شريح ، أحد أشهر قضاة الإسلام ، ونقله الإمام الزهري المتوفي سنة (125هـ) عن قضاة عصره .
روى عبد الرزاق أيضا (16532) عن عمر بن الخطاب (أن النساء يعطين رغبة ورهبة ، فأيما امرأة أعطت زوجها ، فشاءت أن ترجع : رجعت) .
لكن قال الحافظ ابن حجر في الفتح : إسناده منقطع .
وروى عبد الرزاق أيضا (16559) عن الزهري قال : ما رأيت القضاة إلا يقيلون المرأة ، فيما وهبت لزوجها ، ولا يقيلون الزوج فيما وهب لامرأته.
وروى عبد الرزاق (16558) عن شريح أنه كان يقول في المرأة تعطي زوجها ، والزوج يعطي امرأته ؟
قال : (أقيلها ولا أقيله) .
أي : أقبل رجوعها ، ولا أقبل رجوعه .
وتوسط آخرون : فأجازوا لها الرجوع إذا لم تكن تقصد مجرد الهبة ، بل قصدت أن يحسن عشرتها ، أو أن لا يؤذيها ، أو لا يطلقها – إن كان يؤذيها أو يفكر في طلاقها ؛ لأن الهبة في هذه الحالة : تشبه الهبة المشروطة بشرط ، فإذا لم يحصل لها مقصودها ، فلها الرجوع في الهبة.
قال ابن قدامة رحمه الله : “فَأَمَّا هِبَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ : إحْدَاهُمَا : لَا رُجُوعَ لَهَا فِيهَا …وَالثَّانِيَةُ ، لَهَا الرُّجُوعُ…وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَحَكَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ الْقُضَاةِ” انتهى من “المغني” (8/279) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
“وقد نص [يعني :الإمام أحمد] على أن المرأة لو وهبت زوجها صداقها ، أو مسكنها : فلها أن ترجع، بناءً على أنها لا تهب له إلا إذا خافت أن يطلقها ، أو يسيء عشرتها ، فجعل خوف الطلاق ، أو سوء العشرة : إكراها في الهبة ، ولفظه في موضع آخر : لأنه أكرهها” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (5/489) .
قال المرداوي في “الإنصاف” (11/137) :
“الصَّوَابُ عَدَمُ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لها منه ضَرَرٌ ، مِنْ طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ ، وَإِلَّا فَلَهَا الرُّجُوعُ” انتهى.
وانظر : تصحيح الفروع (7/416) .
ثانيا :
إذا ساءت العشرة بين الزوجين ، حتى طلبت المرأة الطلاق ، أو طلقها زوجها بدون طلب منها : فإن لم يكن رد الهبة في هذه الحالة واجبا على الزوج ، فلا أقل من أن يكون من مكارم الأخلاق ، ومن تمام المروءة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
إذا اشترى الرجل لامرأته ذهبا أو فضة ، واحتاج إليه ، وأعطته زوجته الذي اشتراه لها ، هل عليه أن يرجع إليها في ذلك ما أخذه منها ؟
فأجاب : إذا أعطته ذهبها وحليها ، فضلا منها ، عطية ، فالله جل وعلا يقول : ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) ؛ إذا طابت بها نفسها فلا حرج .
أما إن أعطته إياه قرضا ؛ ليقضي حاجته ، ثم يرد ذلك عليها ، فيجب عليه أن يرده ، إذا أيسر ، يجب عليه رد ما أخذه منها .
وإن رد عليها ذلك ، حتى ولو ما قالت ذلك ، عن طيب نفس ، هو أحسن لما أحسنت ، فإنها ينبغي أن تكافأ بالمعروف ، حتى ولو كانت أعطته إياه ليس قرضا ، ولكن من باب الإعانة ، إذا أيسر ورد عليها ما أخذ ، يكون أفضل ومن مكارم الأخلاق ، ومن المكافأة الحسنة ، لكن لا يلزمه إذا كان عطية منها ، عن طيب نفس ، لا يلزمه أن يرده .
أما إذا كانت استحيت منه ، وخافت من شره بأن يطلقها ، وأعطته إياه لهذا ، فالأولى أنه يرده عليها إذا أيسر ، ولو ما قالت شيئا ، ينبغي له أن يرده ؛ لأنها أعطته إياه ، تخاف من كيده وشره ، أو تخاف أن يطلقها ، هذا يقع من النساء كثيرا ، فينبغي للزوج أن يكون عنده مكارم أخلاق ، وإذا أيسر يعيد إليها ما أخذ منها ” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (21/226) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب