0 / 0

وهبت نصف البيت لزوجها ثم ادعت أنها كانت مكرهة

السؤال: 237382

قامت زوجة بتسجيل نصف البيت الذي تملكه باسم زوجها ، حيث ذكرت في الأوراق الرسمية أنه من باب الهدية ، وبعد مدة من الزمن حدثت مشاكل فيما بينهم دفعت الزوجة لطلب الطلاق، وهو ما لا يريده الزوج ، ولكن الزوجة طلبت أن تعود ملكية المنزل لها بالكامل ، حيث ادعت أنها سجلت نصف المنزل لزوجها تحت الضغط، فما حكم ذلك؟ وهل إذا أعاد الزوج ملكية البيت لها طواعية يأثم ؟ مع العلم أنهما متزوجان منذ 25 سنة ؟

ملخص الجواب

والخلاصة: أنه إذا ساءت العشرة بين الزوجين ، حتى طلبت المرأة الطلاق ، أو طلقها زوجها بدون طلب منها : فإن لم يكن رد الهبة في هذه الحال واجبا على الزوج ، فلا أقل من أن يكون من مكارم الأخلاق ، ومن تمام المروءة . والله أعلم

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم رجوع الواهب في هبته ، إلا الأب فيما وهبه لولده ؛ فإن له الرجوع فيه .

غير أن العلماء اختلفوا في رجوع المرأة فيما وهبته لزوجها :
فذهب بعضهم إلى تحريم رجوعها ، عملا بالنصوص العامة الدالة على تحريم رجوع الواهب في هبته .
وذهب آخرون إلى جواز رجوعها .
وهذا القول الثاني هو أحد أقوال الإمام أحمد في هذه المسألة ، وكان يحكم به القاضي شريح ، أحد أشهر قضاة الإسلام ، ونقله الإمام الزهري المتوفي سنة (125هـ) عن قضاة عصره .

روى عبد الرزاق أيضا (16532) عن عمر بن الخطاب (أن النساء يعطين رغبة ورهبة ، فأيما امرأة أعطت زوجها ، فشاءت أن ترجع : رجعت) .
لكن قال الحافظ ابن حجر في الفتح : إسناده منقطع .
وروى عبد الرزاق أيضا (16559) عن الزهري قال : ما رأيت القضاة إلا يقيلون المرأة ، فيما وهبت لزوجها ، ولا يقيلون الزوج فيما وهب لامرأته.
وروى عبد الرزاق (16558) عن شريح أنه كان يقول في المرأة تعطي زوجها ، والزوج يعطي امرأته ؟
قال : (أقيلها ولا أقيله) .
أي : أقبل رجوعها ، ولا أقبل رجوعه .

وتوسط آخرون : فأجازوا لها الرجوع إذا لم تكن تقصد مجرد الهبة ، بل قصدت أن يحسن عشرتها ، أو أن لا يؤذيها ، أو لا يطلقها – إن كان يؤذيها أو يفكر في طلاقها ؛ لأن الهبة في هذه الحالة : تشبه الهبة المشروطة بشرط ، فإذا لم يحصل لها مقصودها ، فلها الرجوع في الهبة.
قال ابن قدامة رحمه الله : “فَأَمَّا هِبَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ : إحْدَاهُمَا : لَا رُجُوعَ لَهَا فِيهَا …وَالثَّانِيَةُ ، لَهَا الرُّجُوعُ…وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَحَكَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ الْقُضَاةِ” انتهى من “المغني” (8/279) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
“وقد نص [يعني :الإمام أحمد] على أن المرأة لو وهبت زوجها صداقها ، أو مسكنها : فلها أن ترجع، بناءً على أنها لا تهب له إلا إذا خافت أن يطلقها ، أو يسيء عشرتها ، فجعل خوف الطلاق ، أو سوء العشرة : إكراها في الهبة ، ولفظه في موضع آخر : لأنه أكرهها” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (5/489) .
قال المرداوي في “الإنصاف” (11/137) :
“الصَّوَابُ عَدَمُ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لها منه ضَرَرٌ ، مِنْ طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ ، وَإِلَّا فَلَهَا الرُّجُوعُ” انتهى.
وانظر : تصحيح الفروع (7/416) .
ثانيا :
إذا ساءت العشرة بين الزوجين ، حتى طلبت المرأة الطلاق ، أو طلقها زوجها بدون طلب منها : فإن لم يكن رد الهبة في هذه الحالة واجبا على الزوج ، فلا أقل من أن يكون من مكارم الأخلاق ، ومن تمام المروءة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
إذا اشترى الرجل لامرأته ذهبا أو فضة ، واحتاج إليه ، وأعطته زوجته الذي اشتراه لها ، هل عليه أن يرجع إليها في ذلك ما أخذه منها ؟
فأجاب : إذا أعطته ذهبها وحليها ، فضلا منها ، عطية ، فالله جل وعلا يقول : ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) ؛ إذا طابت بها نفسها فلا حرج .
أما إن أعطته إياه قرضا ؛ ليقضي حاجته ، ثم يرد ذلك عليها ، فيجب عليه أن يرده ، إذا أيسر ، يجب عليه رد ما أخذه منها .
وإن رد عليها ذلك ، حتى ولو ما قالت ذلك ، عن طيب نفس ، هو أحسن لما أحسنت ، فإنها ينبغي أن تكافأ بالمعروف ، حتى ولو كانت أعطته إياه ليس قرضا ، ولكن من باب الإعانة ، إذا أيسر ورد عليها ما أخذ ، يكون أفضل ومن مكارم الأخلاق ، ومن المكافأة الحسنة ، لكن لا يلزمه إذا كان عطية منها ، عن طيب نفس ، لا يلزمه أن يرده .
أما إذا كانت استحيت منه ، وخافت من شره بأن يطلقها ، وأعطته إياه لهذا ، فالأولى أنه يرده عليها إذا أيسر ، ولو ما قالت شيئا ، ينبغي له أن يرده ؛ لأنها أعطته إياه ، تخاف من كيده وشره ، أو تخاف أن يطلقها ، هذا يقع من النساء كثيرا ، فينبغي للزوج أن يكون عنده مكارم أخلاق ، وإذا أيسر يعيد إليها ما أخذ منها ” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (21/226) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android