0 / 0

حلف ألا يفعل أمرا ما ثم ارتد وفعله ثم أسلم ، فهل يطالب بالكفّارة ؟

السؤال: 237695

شخص حلف أن لا يعود لأمر ما مجددا ثم كفر ، وعاد إلى ذلك الأمر ثم أسلم من جديد ، فهل عليه كفارة اليمين ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا انعقدت اليمين من مسلم ، ثم ارتد عن الإسلام – عياذا بالله – ، وحنث حال ردته ، ثم عاد إلى الإسلام ، فهل تلزمه الكفارة على يمينه تلك ؟
المسألة خلافية بين أهل العلم رحمهم الله ، وهي مبنية على : هل اليمين تبطل بالردة ؟ بمعنى: أن الشخص إذا حلف على يمين منعقدة ، ثم ارتد ، ثم عاد إلى الإسلام مرة أخرى ، فهل لو حنث ، سواء في ردته ، أو بعد إسلامه : تلزمه الكفارة ؟
أو يقال : إن حكم اليمين ارتفع بالردة ، فلا يطالب بالكفارة إذا حنث ؟ قولان للعلماء في المسألة.

القول الأول : أن الإسلام شرط لصحة انعقاد اليمين ، وبقائها .
وعليه : فلا تصح اليمين من الكافر .
كما أن من حلف ثم ارتد : فإن يمينه تبطل بردته ، فلا يُلزم بالكفارة ، ولو عاد بعد ذلك إلى الإسلام .
وهذا هو المذهب عند الحنفية والمالكية .
جاء في ” الشرح الصغير ” للدردير رحمه الله (4/441) :
” وَأَسْقَطَتْ – يعني الردة – نَذْرًا ، وَيَمِينًا بِاَللَّهِ ، كَقَوْلِهِ : وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا ، ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ ، أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ ؛ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ” انتهى .

والقول الثاني : أنه لا يشترط لصحة اليمين ، أن يكون الحالف مسلماً ، بل تصح اليمين حتى من الكافر ، كما أن اليمين لا تبطل بالردة ، فمن حلف ثم حنث في يمينه ، سواء كان حنثه ذلك قبل الردة ، أو بعدها ، فإن الكفارة واجبة في ذمته ، يؤديها متى رجع إلى الإسلام .
وهذا مذهب الشافعية والحنابلة .
قال الماوردي رحمه الله ـ في ” الحاوي الكبير ” (15/607) ـ :
” يَمِينُ الْكَافِرِ مُنْعَقِدَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْحِنْثُ ، وَتَجِبُ بِهَا الْكَفَّارَةُ كَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ حَنِثَ فِي حَالِ كُفْرِهِ أَوْ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ، لَكِنَّهُ إِنْ كَفَّرَ فِي حَالِ كُفْرِهِ كَفَّرَ : بِالْمَالِ مِنْ إِطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ عِتْقٍ ، وَلَمْ يُكَفِّرْ بِالصِّيَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ جَازَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ كَالْمُسْلِمِ ” .

وقال ابن قدامة رحمه الله في ” المغني ” (9/386) :
” وَتَصِحُّ الْيَمِينُ مِنْ الْكَافِرِ ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ ، سَوَاءٌ حَنِثَ فِي كُفْرِهِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ . وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ، لأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ” نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ ” ، وَلِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَسَمِ ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى : ( فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ ) .. ” انتهى .
وينظر : ” الموسوعة الفقهية ” (7/266) .

وهذا القول الثاني هو الراجح ، قياسًا على النذر ، فكما صح النذر من الكافر ، فكذلك اليمين.
وقد سبق في السؤال رقم : (210810) أن اليمين تصح من الكافر ، وتلزمه الكفارة إن حنث .

وبناء على هذا ؛ فمن حلف ثم ارتد وحنث في يمينه ، ثم عاد إلى الإسلام : فعليه الكفارة .
ومعنى : “عليه الكفارة ” : أنها لازمة في ذمته ، غير أنها لا تصح منه في حال ردته .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (7/266) :
” وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ ، فَلَا يُكَفِّرُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ , لَا بِالْمَالِ وَلَا بِالصَّوْمِ , بَلْ يَنْتَظِرُ , فَإِذَا أَسْلَمَ كَفَّرَ” انتهى .

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (45676) بيان كفارة اليمين بالتفصيل .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android