نحن إخوة وأخوات وأمي ـ حفظها الله ـ ، توفي والدي منذ عشرين سنة ، وترك عمارتين ، ووصى بنصف العمارة الأولى للوالدة ، ونصفها الثاني للمحتاج يأخذ من إيجارها ، يقصد بها بعض الورثة ، فهل هذا يجوز ؟
والعمارة الثانية يسكن فيها بعض الورثة ، الأولاد وأمي – طبعا بنصيبهم – يعني ما يدفعون مال ، فهل هذا يجوز ؟
وهل يجوز ترك العمارة دون بيع وتوزيع الإرث طوال هذه السنوات ؟
أوصى بنصف عمارته لزوجته ، والنصف الآخر للمحتاج من الورثة ، فما الحكم ؟
السؤال: 238338
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الوصية بإيجار نصف العمارة لمن احتاج من الورثة ، لا حرج فيه ، بشرط أن لا يتجاوز هذا النصف ثلث التركة ، وهو في حقيقته وصية بوقف هذا النصف ، وتحديد مصرفه .
جاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى ” (16/309) :
” عندي زوجة ، ولنا – ولله الحمد – أولاد وبنات ، بعضهم كبار وبعضهم صغار ، ولا يوجد عندي سوى البيت الذي نسكنه حاليا ، وحيث إن زوجتي مريضة ولنا أولاد صغار ، وأخشى أن يقوم أولادنا الكبار بالتصرف في هذا البيت الذي نسكنه بعد وفاتي ، فلا تجد والدتهم وإخوانهم الصغار منزلا يأوون إليه ، علما أن الكبار ليسوا بحاجة ، فلديهم بيوت ووظائف ولله الحمد ، وزوجاتهم قد لا يتقبلن الأولاد الصغار وأمهم ، فهل يجوز لي أن أوصي بأن يبقى هذا البيت لهم جميعا بعد وفاتي ، ولا يجوز لأحد منهم أن يتصرف فيه ، إلا بعد وفاة أمهم أو بعد مضي 25 سنة ؟
فأجابت :
ليس لك أن توصي بأكثر من الثلث ، ولا أن توصي لوارث ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الثلث والثلث كثير ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا وصية لوارث ) ، لكن إذا قلت في وصيتك أو في وقفك : يعطى المحتاج من الذرية من الغلة كفايته ، جاز لك ؛ لأنه معلق بوصف عام ” انتهى .
ثانياً :
أما الوصية لوالدتكم بنصف العمارة فهي وصية لوارث ، وهي غير نافذة إلا برضى باقي الورثة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) رواه أبو داود (2870) ، وصححه الألباني رحمه الله في ” صحيح سنن أبي داود ” .
قال ابن قدامة رحمه الله في ” المغني ” (6/141) :
” إذَا وَصَّى لِوَارِثِهِ بِوَصِيَّةٍ ، فَلَمْ يُجِزْهَا سَائِرُ الْوَرَثَةِ ، لَمْ تَصِحَّ . بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ .. ، وَإِنْ أَجَازَهَا ، جَازَتْ ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ ” انتهى .
وللفائدة ينظر في جواب السؤال رقم : (106236) .
فإذا رضي الورثة بإنفاذ هذه الوصية : نفذت ، وإن لم يرضوا فإن هذا النصف يضم إلى سائر التركة ، ويقسم على جميع الورثة .
ثالثا :
إذا رضي الورثة بسكنى بعضهم في تلك العمارة ، سواء كانت السكنى بقدر نصيب كل واحد من الميراث ، أو كانت السكنى بالمجان : فلا حرج في ذلك ، كما أنه لا حرج عليهم في ترك العمارة دون بيع ؛ لأن الحق لهم .
وإذا طالب الورثة (الذين لا يسكنون العمارة) بنصيبهم من الإيجار : فهو حقهم ، فيقدر إيجار الشقق ، ويقسم على الورثة بحسب نصيبهم من التركة ، بعد خصم نصيب الساكن في الشقة .
لكن لو رغب أحدهم في حصته من هذه العمارة ، ولم يرض أن تبقى هكذا يسكنها غيره ، وتؤجر لهم : فإنه يجب أن يعطى نصيبه من الميراث ، إما أن يباع العقار ويُعطى نصيبه منه ، أو يشتري بعض الورثة نصيبه ، فيدفعون له ثمن حصته من الميراث ، دون ظلم أو بخس.
وللفائدة ينظر في جواب السؤال رقم : (220576) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة