0 / 0

معنى وتخريج حديث : ( إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَسُوقًا، مَا فِيهَا شِرَاءٌ وَلَا بَيْعٌ إِلَّا الصُّوَرَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا ) .

السؤال: 238569

هناك حديث رواه الترمذي وهو عن علي بن أبي طالب قال صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة سوقا ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من الرجال والنساء فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها ) أخرجه الترمذي ، هل ذلك معناه لو رغب الانسان في الجنة في تغيير جنسه وأراد أن يتحول من رجل الى امرأه وينكحه الرجال كما تنكح النساء فإن رغبته تتحقق ، فلا محرمات في الجنة ولا ممنوعات (ولكم فيها ما تشتهون ) ، ونفس الشيء بالنسبة للمرأة التي تدخل الجنة فلها أن تتحول إلى رجل وتعاشر النساء كما يعاشرهن الرجل ، قرأت مثل هذا الكلام قبل سنوات ، في كتاب " خواطر مسلم " ، لكشك ، فمن شاء أن يغير شكله أو شكلها فله ذلك ،

ولكن هل إلى درجة تغيير الجنس ثم التمتع بذلك التغير ، فتتحول المرأة الى رجل وتستمتع بالحور العين والولدان ؟ هل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى الترمذي (2550) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1343) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (33971) ، وأبو يعلى في "مسنده" (268) ، وتمام في "الفوائد" (379) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (376) من طريق عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَسُوقًا، مَا فِيهَا شِرَاءٌ وَلَا بَيْعٌ إِلَّا الصُّوَرَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا) .

وعبد الرحمن بن إسحاق ضعيف ، صاحب مناكير ، قال أحمد: ليس بشيء ، منكر الحديث ، هو الذي يحدث عن النعمان بن سعد أحاديث مناكير ، وقال الساجي: أحاديثه مناكير، وضعفه ابن سعد ، ويعقوب بن سفيان ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن حبان ، والعقيلي ، وغيرهم .
انظر : "تهذيب التهذيب" (6/ 137) .

وله طريق أخرى عند الطبراني في " الأوسط " (5664) من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا ، نحوه .
وإسناده واه ، تفرد به جابر الجعفي ، وهو متروك كذاب ، قال الإمام أبو حنيفة : " ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء، ولا أكذب من جابر الجعفي ، ما أتيته بشيء إلا جاءني فيه بحديث ، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث لم يظهرها " .
وكذبه أيضا ابن معين ، والجوزجاني وغيرهما .
وقال ابن حبان: كان سبئيا ، من أصحاب عبد الله بن سبأ، كان يقول: إن عليا يرجع إلى الدنيا .
انظر : "ميزان الاعتدال" (1/ 380-383) .

وقد ضعف هذا الحديث غير وحد من أهل العلم ، منهم : ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/450) ، والمنذري في "الترغيب والترهيب" (4/302) ، والدمياطي في "المتجر الرابح" (353) ، وأحمد شاكر في "تحقيق المسند" ، والألباني في "الضعيفة" (1982) .

وقد صح ذكر سوق الجنة ، ولكن بدون ذكر الصور ، فروى مسلم (2833) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُم ْ: وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ ، وَاللهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا) .

وإذا افترضنا ـ جدلا ـ صحة الحديث ، فلا علاقة له بتغيير الجنس ، على ما ذهب إليه وهم الواهم ، وغلط الغالط ؛ بل هذا مناف للفطرة ، مناقض لما صح من استمتاع الرجال بأزواجهن والمرأة بزوجها من أهل الإيمان واختصاصها به ، ونحو ذلك ، مما يقطع معه ببطلان ذلك الكلام .
ومتى كان المسلم الطاهر النظيف ، والرجل من أهل الجنة : يشتهي أن يكون امرأة توطأ ؟!
سبحانك ، هذا بهتان عظيم ، ولعب من الشياطين بأذهان المستغفلين .
وتأمل ما سبق في الحديث الصحيح في سوق الجنة : أنهم يرجعون إلى أهليهم ، فيقولون : لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا ، يتبين المعنى من مثل هذا الحديث ؛ لو كان صحيحا .
قال الطيبي رحمه الله :
" قيل: يحتمل الحديث معنيين: أحدهما: أن يكون معناه عرض الصور المستحسنة عليه فإذا اشتهى وتمنى صورة من تلك الصور المعروضة عليه ، صوره الله تعالى بشكل تلك الصورة بقدرته
وثانيهما: أن المراد من الصورة الزينة التي يتزين الشخص بها في تلك السوق، ويتلبس بها ويختار لنفسه من الحُلي والحلل والتاج، يقال: لفلان صورة حسنة أي شارة حسنة وهيئة مليحة.
وعلى كلا المعنيين التغيير في الصفة لا في الذات.
أقول: ويمكن أن يجمع بينهما ليوافق حديث أنس: (فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنًا وجمالا …) الحديث " .
انتهى من "الكاشف عن حقائق السنن" للطيبي (11/3568) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android