تنزيل
0 / 0

هل يصح حديث ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ) وما هو معناه ؟

السؤال: 239962

سمعت عن حديث ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ) فهل معنى هذا الحديث كما هو ظاهر اللفظ أو ينبغي تأويل ما لا يمكن حمله على الظاهر، فأرجو بيان ذلك .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أما كون (الحجر الأسود يمين الله في الأرض) : فذلك لا يصح عن النبي صلى الله عليه
وسم ، ولو صح لما كان فيه ما يؤيد مذهب أهل التأويل .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ (الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ) فأجاب :
” هذا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِإِسْنَادِ لَا يَثْبُتُ .
وَالْمَشْهُورُ : إنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: (الْحَجَرُ
الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ
فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ) .
وَمَنْ تَدَبَّرَ اللَّفْظَ الْمَنْقُولَ : تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ
فِيهِ إلَّا عَلَى مَنْ لَمْ يَتَدَبَّرْهُ ، فَإِنَّهُ قَالَ: (يَمِينُ اللَّهِ
فِي الْأَرْضِ) ، فَقَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ : (فِي الْأَرْضِ) ، وَلَمْ يُطْلِقْ
فَيَقُولَ : (يَمِينُ اللَّهِ) . وَحُكْمُ اللَّفْظِ الْمُقَيَّدِ يُخَالِفُ حُكْمَ
اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ. ثُمَّ قَالَ: (فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا
صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ) ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُشَبَّهَ غَيْرُ
الْمُشَبَّهِ بِهِ ؛ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُصَافِحَ لَمْ يُصَافِحْ
يَمِينَ اللَّهِ أَصْلًا ، وَلَكِنْ شُبِّهَ بِمَنْ يُصَافِحُ اللَّهَ !!
فَأَوَّلُ الْحَدِيثِ وَآخِرُهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْحَجَرَ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ
اللَّهِ ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ، وَلَكِنْ يُبَيِّنُ أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى كَمَا جَعَلَ لِلنَّاسِ بَيْتًا يَطُوفُونَ بِهِ ؛ جَعَلَ لَهُمْ
مَا يَسْتَلِمُونَهُ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَقْبِيلِ يَدِ الْعُظَمَاءِ،
فَإِنَّ ذَلِكَ تَقْرِيبٌ لِلْمُقَبِّلِ ، وَتَكْرِيمٌ لَهُ ، كَمَا جَرَتْ
الْعَادَةُ .
وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ لَا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا فِيهِ إضْلَالُ النَّاسِ ، بَلْ
لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ؛ فَقَدْ بَيَّنَ لَهُمْ فِي
الْحَدِيثِ مَا يَنْفِي مِنْ التَّمْثِيلِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (6/ 397) .

وقال ابن القيم رحمه الله ، في بيان وجوه بطلان القول بالمجاز في اللغة :
” الوجه الرابع والأربعون: وهو مما يرفع المجاز بالكلية ، أنهم قالوا: إن من علامة
الحقيقة السبق إلى الفهم ، وشرطوا في كونها حقيقة الاستعمال ، كما تقدم، وعند
الاستعمال لا يسبق إلى الفهم غير المعنى الذي استعمل اللفظ فيه فيجب أن يكون حقيقة
، فلا يسبق إلى فهم أحد من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفرس الذي ركبه: ” إن
وجدناه لبحرا ” : الماء الكثير المستبحر، فإن في ” وجدناه ” ضميرا يعود على الفرس ،
يمنع أن يراد به الماء الكثير …
وكذلك من سمع قوله: ” ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ” فمن صافحه وقبله فكأنما
صافح الله وقبل يمينه ) : لم يسبق إلى فهمه من هذا اللفظ غير معناه الذي سيق له ،
وقصد به؛ وأن تقبيل الحجر الأسود ومصافحته منزل منزلة تقبيل يمين الله ومصافحته .

فهذا حقيقة هذا اللفظ ، فإن المتبادر السابق إلى الفهم منه لا يفهم الناس منه غير
ذلك ، ولا يفهم أحد منه أن الحجر الأسود هو صفة الله القديمة القائمة به ، فهذا لا
يخطر ببال أحد عند سماع هذا اللفظ أصلا !!
فدعوى أن هذا حقيقة ، وأنه خرج إلى مجازه بهذا التركيب : خطأ .
ونكتة هذا الوجه : أن المجرد لا يستعمل ، ولا يكون حقيقة ولا مجازا، والمستعمل معه
من القرائن ما يدل على المراد منه ، ويكون هو السابق إلى الفهم .
والمقدمتان لا ينكرهما المنازع ، ولا أحد من العقلاء، وذلك مما رفع المجاز بالكلية”
.
انتهى من “مختصر الصواعق المرسلة” (1/328) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
” على هذا فلا يكون الحديث من صفات الله – تعالى – التي أُوِّلت إلى معنى يخالف
الظاهر، فلا تأويل فيه أصلا ” انتهى من “مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (1/ 120) .

فتبين بذلك : أنه لا حجة
للمعطلة في هذه المرويات ونحوها ، على تعطيل شيء من صفات الله جل جلاله ، أو الرد
على أهل السنة في طريقتهم السلفية ، في إثبات ما وردت به النصوص ، على الوجه اللائق
بجلال الله .

وينظر جواب رقم السؤال : (236066)
.

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android