ما هي فضائل حفظ واستظهار الأحاديث؟
فضائل حفظ واستظهار الأحاديث النبوية .
السؤال: 240606
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا نعلم أنه ورد في شيء من الأحاديث الصحيحة أن من حفظ كذا وكذا من الأحاديث فله كذا من الثواب ، ولكن حفظ الأحاديث النبوية الصحيحة ، والعناية بها ، من فضائل الأعمال ومحاسنها ، وأجل العبادات ، ويتبين ذلك بما يلي :
– أن في حفظها إعانة على فهمها وإدراك معانيها وتبليغها للناس .
– روى الترمذي (2658) عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) وصححه الألباني في “صحيح الجامع” (2309) .
ورواه البزار (3416) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِيَ فَحَفِظَهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا ) .
ففي هذا الحديث : الدعاء أو الإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بحصول النضرة لمن حفظ الحديث وبلغه كما حفظه .
وأما معنى النضرة .
“فالنضرة هي الحسن والرونق .
والمعنى : خصه الله بالبهجة والسرور في الدنيا ، ونَعّمه في الآخرة ، حتى يُرى عليه رونق الرخاء والنعمة .
وقيل : إنه إخبار ، يعني : جعله ذا نضرة ، وقيل دعاء له بالنضرة .. والإخبار أولى من الدعاء” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (1/306) للقاري .
وعن أبي موسى الأشعري : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) . رواه البخاري (79) ، ومسلم (2282) .
فقَسَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الناس ثلاثة أقسام : قسمين محمودين ، وهما العالم الفاهم الذي يعلم الناس ، والحافظ للعلم الذي يبلغه غيره .
وقسم مذموم وهو من لا نفع فيه .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
“شَبَّهَ السَّامِعِينَ لَهُ بِالْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَة الَّتِي يَنْزِل بِهَا الْغَيْث ، فَمِنْهُمْ الْعَالِم الْعَامِل الْمُعَلِّم . فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْض الطَّيِّبَة شَرِبَتْ فَانْتَفَعَتْ فِي نَفْسهَا وَأَنْبَتَتْ فَنَفَعَتْ غَيْرهَا .
وَمِنْهُمْ الْجَامِع لِلْعِلْمِ الْمُسْتَغْرِق لِزَمَانِهِ فِيهِ غَيْر أَنَّهُ لَمْ يَعْمَل بِنَوَافِلِهِ أَوْ لَمْ يَتَفَقَّه فِيمَا جَمَعَ لَكِنَّهُ أَدَّاهُ لِغَيْرِهِ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْض الَّتِي يَسْتَقِرّ فِيهَا الْمَاء فَيَنْتَفِع النَّاس بِهِ ، وَهُوَ الْمُشَار إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : (نَضَّرَ اللَّه اِمْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا) .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْمَع الْعِلْم فَلَا يَحْفَظهُ وَلَا يَعْمَل بِهِ وَلَا يَنْقُلهُ لِغَيْرِهِ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْض السَّبْخَة أَوْ الْمَلْسَاء الَّتِي لَا تَقْبَل الْمَاء أَوْ تُفْسِدهُ عَلَى غَيْرهَا . وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمَثَل بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الْمَحْمُودَتَيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاع بِهِمَا ، وَأَفْرَدَ الطَّائِفَة الثَّالِثَة الْمَذْمُومَة لِعَدَمِ النَّفْع بِهَا . وَاَللَّه أَعْلَم” انتهى .
– أن ذلك من سبيل العلم الذي من سلكه سهل الله له به سبيلا إلى الجنة ، ومعلوم ما ورد في فضل طلب العلم ونشره بين الناس .
– أن حفظ الأحاديث واستظهارها ، من صفات العلماء الذين هم ورثة الأنبياء .
– أن في حفظها حفظا للدين ، وصيانة لأصل عظيم من أصوله ، فلولا أن الله سخر العلماء لحفظ الأحاديث لذهبت السنة ، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ؛ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه البخاري (100) ، ومسلم (2673).
وروى الدارمي (143) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ” عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَبْضُهُ أَنْ يُذْهَبَ بِأَصْحَابِهِ ” .
– وكذلك فمن بركة حفظها: السعي في نشرها وتعليمها الناس ، وفي نشرها نشر للعلم ، وإذاعة للسنة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
” السنّة إذا تعلمها المؤمن، فقرأ الأحاديث ودرسها يكون له أجر عظيم؛ لأن هذا من تعلم العلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) رواه مسلم ، وهذا يدل على أن دراسة العلم، وحفظ الأحاديث، والمذاكرة فيها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين) متفق عليه، والتفقه في الدين يكون من طريق الكتاب، ويكون من طريق السنة، والتفقه في السنة من الدلائل على أن الله أراد بالعبد خيراً ” انتهى من “موقع الشيخ ابن باز” .
وينظر السؤال رقم : (113469) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة