0 / 0

حكم استخدام الكنيسة كصالة لإقامة بعض الأنشطة للأطفال المسلمين

السؤال: 244710

ما حكم استخدام الكنيسة كصالة لإقامة بعض أنشطة الأطفال المسلمين ؟ ليس ثمة صلبان ولا تماثيل، فقط مجرد صور وجوه على السقف.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يكره للمسلم أن يدخل الكنيسة وذلك لما فيها من صور وتماثيل .
قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ” إِنَّا لاَ نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ ” رواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم ، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
” وفي رواية الأصيلي ( والصور ) بزيادة الواو العاطفة .
وهذا الأثر وصله عبد الرزاق من طريق أسلم مولى عمر قال : ” لما قدم عمر الشام صنع له رجل من النصارى طعاما وكان من عظمائهم ، وقال : أحب أن تجيئني وتكرمني ، فقال له عمر : إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها ؛ يعني التماثيل ” .
انتهى من ” فتح الباري ” (1 / 531 – 532) .
وينظر أيضا : “فتح الباري” لابن رجب (3/240) .

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
” وكره مالك الصلاة في البِيَع والكنائس ؛ لنجاستها من أقدامهم ، ولما فيها من الصور ، وقال : لا يُنْزَل بها إلا من ضرورة . ذكره صاحب التهذيب .
ورخص أكثر أصحابنا – أي الحنابلة – في دخول ما ليس فيه صور منها ، والصلاة فيها . وكرهه بعضهم ، منهم : ابن عقيل . ومنهم من حكى في الكراهة عن أحمد روايتين …
وصرح كثير من أصحابنا بتحريم الدخول إلى بيت فيه صور على جدرانه ، إن كان لا يقدر على إزالتها ، وسواء كان حماما أو غيره ، منهم : ابن بطة ، والقاضي أبو يعلى .
وذكر صاحب المغني أن ظاهر كلام أحمد أنه مكروه غير محرم ، وحكاه – أيضا – عن مالك ” انتهى من ” فتح الباري ” ( 3 / 240 – 241 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” والمذهب الذي عليه عامة الأصحاب كراهة دخول الكنيسة المصورة ، فالصلاة فيها وفي كل مكان فيه تصاوير أشد كراهة ، وهذا هو الصواب الذي لا ريب فيه ولا شك ” .
انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (5 / 327) .
وقال ابن المنذر رحمه الله تعالى :
” الصلاة في الكنائس جائز لدخولها في جملة قوله: ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ) ، ويكره الدخول لموضع فيه صور من الكنائس وغيرها ” انتهى من ” الأوسط ” (2 / 194) .

أما ما روي عن بعض السلف أنهم صلوا في الكنائس ، فلعلها كانت خالية من الصور .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
” وحكى ابن المنذر وغيره : الرخصة فيها – أي الصلاة في الكنيسة – عن طائفة من العلماء ، منهم : أبو موسى ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وعمر بن عبد العزيز ، والأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ، واختاره ابن المنذر.
وأكثر المنقول عن السلف في ذلك قضايا أعيان لا عموم لها ، فيمكن حملها على ما لم يكن فيه صور ” انتهى من ” فتح الباري ” (3 / 241) .

أما الأثر الذي استدل به ابن قدامة رحمه الله ؛ حيث قال :
” روى ابن عائذ في ” فتوح الشام ” : ( أن النصارى صنعوا لعمر رضي الله عنه ، حين قدم الشام ، طعاما ، فدعوه ، فقال : أين هو ؟ قالوا : في الكنيسة ، فأبى أن يذهب ، وقال لعلي : امض بالناس ، فليتغدوا . فذهب علي رضي الله عنه بالناس ، فدخل الكنيسة ، وتغدى هو والمسلمون ، وجعل علي ينظر إلى الصور، وقال : ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل ) وهذا اتفاق منهم على إباحة دخولها وفيها الصور ” انتهى من ” المغني ” (10 / 203) .
وقد ذكر هذا الأثر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ” إغاثة اللهفان ” (1 / 290) فعلق عليه محقق الكتاب بما يفيد ضعف الأثر فقال :
” عزاه ابن قدامة لابن عائذ في فتوح الشام ، ورواه ابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” (42 / 6) من طريق ابن عائذ عن الوليد قال : حدثنا عبد الله بن زياد بن سمعان وهشام بن سعد يسمع أن نافعا حدثه … وذكر القصة بنحوها ، وعبد الله بن زياد متروك متّهم بالكذب ” انتهى .

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
” واعلم أن في قول عمر دليلا واضحا على خطأ ما يفعله بعض المشايخ من الحضور في الكنائس الممتلئة بالصور والتماثيل ، استجابةً منهم لرغبة بعض المسؤولين أو غيرهم ” .
انتهى من ” آداب الزفاف ” (ص 165) .

ثانيا :
ومما يؤكد المنع : أنّ دخول الأطفال إلى الكنائس في حالتكم لا حاجة شرعية إليه أصلا ، وفي الوقت نفسه قد يجر مخاطر عظيمة على دينهم ؛ لأن هذا السن في العادة والغالب لم يكتمل فيه ثبات معاني الدين في القلوب ؛ فتعويدهم دخول الكنائس يؤدي إلى ضعف عقيدة الولاء والبراء في قلوبهم ، ويؤدي إلى عدم بغض الكفر وأماكنه ، وعدم الإنكار بالقلب ، كما هو مشاهد فيمن يكثر من دخول أماكن المنكرات ، فإن كثرة المخالطة تؤثر في الإنسان ولابد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين ، هم أقل كفراً من غيرهم ، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى ، هم أقل إيماناً من غيرهم ممن جرد الإسلام ” انتهى من ” اقتضاء الصراط المستقيم ” (1 / 448) .

فالحاصل ؛ أنه يكره دخول الكنائس التي توجد فيها التصاوير والتماثيل ، وتشتد الكراهة وقد تصل إلى التحريم إن كان هذا الدخول يجر مفاسد ولا يحقق مصالح معتبرة شرعا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android