تنزيل
0 / 0

زوجته تصر على الطلاق منه بسبب وقوعه في الفاحشة فهل يطلقها؟

السؤال: 244770

أنا شاب 31 سنه ، تزوجت من 5 أعوام ، ولي ابن 3 سنوات ، من سنتين بدأت اتعرف علي نساء غير زوجتي ؛ لأني بصراحة لم يكن لدي علاقة حميمة سوية مع زوجتي طوال أعوام الزواج ، وأنا وزوجتي معترفين بهذا ؛ لأننا كنا في توتر دائم ، بسبب معيشتنا مع أهلنا ، وعدم وجود توافق أو تناغم بيننا أيضا ، زوجتي بها كل السمات الطيبة ـ لكنها ليست حميمة معي ، لم أتوقف عن الخيانة إلا عندما تعلم بها ، وتركت لي المنزل عدة مرات سابقة لسلوكي السيء وعدم استقامتي ، تدخل أهلي وأهلها للإصلاح في كل مرة لمنعها من الطلاق الذي تطلبه ، وكانوا يلمونني بالطبع لتركي شئون أهل بيتي ، بعد آخر مرة قلت لنفسي : إني لن أفعلها مجددا ، ولكني لم أف بوعدي المتكرر، والآن هي ترفض الحديث معي ، وتطلب الطلاق مع كل حقوقها ، وبدون نقاش متكرر مثل المرات السابقة ؛ لأنها لا تصدق كلامي. اعلم أنني المخطئ ، ولا يريد أحد الآن التدخل لتكرار أخطائي ، فهل الطلاق هو الحل الآن أم أمسك بها حتى ينصلح الحال ، ولأني لا أستطيع فراق ابني أم أقول لها ” أمرك بيدك ” ؟ السؤال الأهم : هل سيقتص الله سبحانه وتعالى وينتقم مني في صحة ابني أو أهلي أو رزقي أو في أي شيء لو أنهيت زواجي هذا بالطلاق ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الزنا من كبائر الذنوب التي توجب سخط علام الغيوب جل جلاله ، وهو من المتزوج أقبح منه من العازب الذي لا زوجة له ، لأن من رزقه الله تعالى الحلال ثم يصر بعد ذلك على الحرام فهذا أجدر بالعقوبة من غيره ، ولذلك كانت عقوبة الزاني المحصن (المتزوج) في الإسلام أشد من عقوبة الزاني البكر ، فالزاني المحصن يرجم بالحجارة حتى يموت ، وأما البكر فيجلد مائة جلدة ، ويراجع الحديث عن قبح جريمة الزنا في الفتوى رقم : (23485).

وأما طلب زوجتك الطلاق بسبب وقوعك في الفواحش : فهو حق لها ؛ لأن طلب المرأة الطلاق بسبب ضرر يلحقها من جهة زوجها أمر جائز ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (99870).
وقد سبق أن بينا أن الزوجة إذا تبين لها زنا زوجها ، ثم نصحته فلم ينتصح ، ووعظته فلم يتعظ : فإنها تفارقه ، إما بالطلاق ، وإما بالخلع ، فليراجع ذلك في الفتوى رقم : (171430).

واعلم أنك إن أصررت على السير في هذا الطريق المنحرف : فإنك بلا شك تتحمل إثم انهيار أسرتك ، وضياع زوجتك وولدك منك ، فإنك أنت المتسبب في هذا الأمر بسبب معصيتك .

أما انتقام الله تعالى منك بسبب ذلك فهذا أمر لا يعلمه إلا الله تعال، , لكن المتقرر المعلوم أن من يواقع هذه القاذورات فهو على صدد العذاب , ويوشك أن يريه الله عاقبة أمره ، وسوء فعله ؛ وقد قال الله تعالى ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا )النساء/ 123، وقال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )النور/ 63 .
قال ابن كثير في تفسيره (6 / 90) : ” فَلْيَحْذَرْ وليخْشَ مَنْ خَالَفَ شَرِيعَةَ الرَّسُولِ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) أَيْ: فِي قُلُوبِهِمْ ، مِنْ كُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ ، (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أَي ْ: فِي الدُّنْيَا ، بِقَتْلٍ ، أَوْ حَد ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ” انتهى.
ثانيا :
ليس الطلاق هو الحل الأمثل ، ولا أن تجعل الأمر بيدها .
ولكن الحل هو أن تتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ، فتترك هذا المحرم ، وتندم على فعله ، وتعزم عزما أكيدا على عدم العودة إليه ، ثم بعد ذلك تكمل توبتك بالمحافظة على الصلاة جماعة ، وكثرة قراءة القرآن والصيام والصدقة فإنك إذا فعلت ذلك فسوف يجعل الله لك فرجا من حيث لا تشعر ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2-3 .
فقد يرقق الله قلب زوجتك ويجعلها تتراجع عن طلبها الطلاق ، أو ييسر الله من يتوسط لك من الأقارب حتى يقنعها بتوبتك ، أو بغير ذلك مما سيقدره الله تعالى .

وأما بدون توبة صادقة فلا تنتظر الفرج ولا المخرج ، فإن الإنسان يحرم الخير بسبب ذنوبه .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ” سمعت خليلي أبا القاسم يَقُولُ : ( كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنَ الشَّوكِ الْعِنَبُ ، لَا يَنْزِلُ الْفُجَّارُ مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ، وَهُمَا طَرِيقَانِ فَأَيُّهُمَا أَخَذْتُمْ وَرَدَ بِكُمْ عَلَى أَهْلِهِ ).
أخرجه ابن منيع ، كما في “المطالب العالية” (3149) ، وغيره ، وحسنه الألباني .

ما بالُ دينِكَ تَرضى أَن تُدَنِّسَهُ وَثَوبُكَ الدَهرَ مَغسولٌ مِنَ الدَنَسِ
تَرجو النَجاةَ وَلَم تَسلُك مَسالِكَها إِنَّ السَفينَةَ لا تَجري عَلى اليَبَسِ

نسأل الله أن يوفقك للتوبة وأن يصلح لك شأنك .

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android