0 / 0

“الأعلى” و “الأكرم” و “الإله” و “الأول” من أسماء الله الحسنى .

السؤال: 246163

ما معنى هذه الأسماء الحسنى لله تعالى : ” الأعلى” ، “الأكرم” ، “الإله” ، “الأول”؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قال تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) الأعلى/ 1 .
وقال تعالى : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) العلق/ 3 .
وقال تعالى :( إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) النساء/ 171 .
وقال تعالى :(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد/ 3 .

و”الأعلى” الذي له العلو المطلق من كل وجه : علو الذات ، وعلو الصفات ، وعلو القهر والغلبة.
و”علو الذات” أي أنه سبحانه عالٍ بذاته على كل الخلق ، مستوٍ على عرشه ، فوق جميع مخلوقاته .
و”علو الصفات ” أنه موصوف بكل كمال ، ومنزه عن كل نقص .
و”علو القهر والغلبة” أنه قد قهر كل شيء وغلبة ، وخضع له كل شيء .
قال ابن القيم رحمه الله :
” أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى ، وَنَطَقَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ ، فلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعُلُوُّ مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الْعُلُوِّ ; لِأَنَّ الْعُلُوَّ صِفَةُ مَدْحٍ ، فَثَبَتَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عُلُوَّ الذَّاتِ وَعُلُوَّ الصِّفَاتِ وَعُلُوَّ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ ” انتهى من ” اجتماع الجيوش الإسلامية ” (2/ 182) .
وقال السعدي رحمه الله :
” العلي الأعلى” : وهو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه ، علو الذات، وعلو القدر والصفات ، وعلو القهر ، فهو الذي على العرش استوى ، وعلى الملك احتوى. وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف ، وإليه فيها المنتهى ” .
انتهى من ” تفسير السعدي ” (ص 946) .

و “الأكرم” ، كثير الكرم ، واسع الإحسان إلى خلقه ، قال الخطابي رحمه الله :
” هُوَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ ، لَا يُوَازِيهِ كَرِيمٌ ، وَلَا يُعَادِلُهُ فِيهِ نَظِيرٌ ..” .
انتهى من “الأسماء والصفات” للبيهقي (1/ 148) .
وقال أبو حيان رحمه الله :
” الْأَكْرَمُ صِفَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَرَمِ ، إِذْ كَرَمُهُ يَزِيدُ عَلَى كُلِّ كَرَمٍ ، يُنْعِمُ بِالنِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى ، وَيَحْلُمُ عَلَى الْجَانِي ، وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ ، وَيَتَجَاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ ” .
انتهى من ” البحر المحيط ” (10/ 507) .

وليس الكرم خاصا بالإعطاء ، وإنما “الكرم” في اللغة هو الحسن ، فالله هو “الأكرم” : أي الأحسن والأكمل في صفاته .
وقال السعدي رحمه الله :
” [الأكرم] أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان ، واسع الجود ” .
انتهى من ” تفسير السعدي ” (ص 930) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
“قَوْلُهُ : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) . سَمَّى وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِالْكَرَمِ ، وَبِأَنَّهُ الْأَكْرَمُ بَعْدَ إخْبَارِهِ أَنَّهُ ، خَلَقَ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يُنْعِمُ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ، وَيُوصِلُهُمْ إلَى الْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ …
وَلَفْظُ الْكَرَمِ لَفْظٌ جَامِعٌ لِلْمَحَاسِنِ وَالْمَحَامِدِ. لَا يُرَادُ بِهِ مُجَرَّدَ الْإِعْطَاءِ ، بَلْ الْإِعْطَاءُ مِنْ تَمَامِ مَعْنَاهُ ، فَإِنَّ الْإِحْسَانَ إلَى الْغَيْرِ تَمَامُ الْمَحَاسِنِ . وَالْكَرَمُ كَثْرَةُ الْخَيْرِ ، وَيَسْرَتُهُ….
وَالشَّيْءُ الْحَسَنُ الْمَحْمُودُ : يُوصَفُ بِالْكَرْمِ . قَالَ تَعَالَى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا إلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) . قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مِنْ كُلِّ جِنْسٍ حَسَنٍ . وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّوْجُ : النَّوْعُ ، وَالْكَرِيمُ الْمَحْمُودُ . وَقَالَ غَيْرُهُمَا (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) : صِنْفٌ وَضَرْبٌ ، (كَرِيم) حَسَن مِنْ النَّبَاتِ، مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ. يُقَالُ: ” نَخْلَةٌ كَرِيمَةٌ ” إذَا طَابَ حَمْلُهَا ، و” نَاقَةٌ كَرِيمَةٌ ” إذَا كَثُرَ لَبَنُهَا.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ الْأَكْرَمُ بِصِيغَةِ التَّفْضِيلِ ، وَالتَّعْرِيفِ لَهَا ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْأَكْرَمُ وَحْدَهُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ” وَرَبُّك أَكْرَمُ “. فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ .
وَقَوْلُهُ : (الْأَكْرَمُ) يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ. وَلَمْ يَقُلْ ” الْأَكْرَمُ مِنْ كَذَا ” ؛ بَلْ أَطْلَقَ الِاسْمَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ الْأَكْرَمُ مُطْلَقًا ، غَيْرَ مُقَيَّدٍ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِغَايَةِ الْكَرَمِ الَّذِي لَا شَيْءَ فَوْقَهُ ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ .
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ : ثُمَّ قَالَ لَهُ تَعَالَى : ( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) عَلَى جِهَةَ التَّأْنِيسِ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: امْضِ لِمَا أُمِرْت بِهِ ، وَرَبُّك لَيْسَ كَهَذِهِ الْأَرْبَابِ ، بَلْ هُوَ الْأَكْرَمُ الَّذِي لَا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ ، فَهُوَ يَنْصُرُك وَيُظْهِرُك .
قُلْت : وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: ” لَا يُهْدِيَنَّ أَحَدُكُمْ لِلَّهِ مَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَهْدِيَهُ لِكَرِيمِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ “. أَيْ هُوَ أَحَقُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِالْإِكْرَامِ ، إذْ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ؛ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لَأَنْ يُجَلَّ وَلَأَنْ يُكْرَمَ . وَالْإِجْلَالُ يَتَضَمَّنُ التَّعْظِيمَ وَالْإِكْرَامُ يَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ وَالْمَحَبَّة َ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (16/293- 296) .

و”الإله” يعني المألوه المعبود ، المستحق للألوهية والعبادة وحده ، وإنما سميت الأوثان آلهة لأن المشركين يعبدونها من دون الله ، ويزعمون أنها تستحق ذلك، ولفظ الجلالة : “الله” أصل اشتقاقه: “الإله” ، قال ابن القيم رحمه الله :
” الإله : هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فيدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى، ولهذا كان القول الصحيح أن “الله” أصله “الإله” ، كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ منهم ، وأن اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى ” انتهى من ” بدائع الفوائد ” (2/ 249) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الله: عَلَمٌ على الرَّبِّ عزّ وجل ، وأصلُه: الإله، لكن حُذفت الهمزةُ تخفيفاً؛ لكثرة الاستعمال، “إله” بمعنى: مألوه ، والمألوه: هو المعبود محبَّة وتعظيماً ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (3/ 56) .

و “الأول” أي : الذي ليس قبله شيء .
وهو اسم يدل على تفرّد الرب بالكمال المطلق ، والإحاطة الزمانية ، وأن كل ما سواه حادث كائن بعد أنْ لم يكن .
روى مسلم (2713) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أنه كان إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ: (اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
” قال تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) ، (الأول) أي: ليس قبله شيء ،لأنه لو كان قبله شيء ، لكان الله مخلوقاً وهو عز وجل الخالق ، ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الأول بأنه الذي ليس قبله شيء ، كل الموجودات بعد الله عز وجل ، لا أحد مع الله ولا قبل الله ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” (208/ 4) بترقيم الشاملة .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android