0 / 0

حكم إطالة فستان الزفاف

السؤال: 246278

هل يدخل فستان الزفاف في من جر ثوبه خيلاء الذي غالبا ما يكون طويلاً ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أجمع أهل العلم رحمهم الله على جواز الإسبال في الثياب بالنسبة للمرأة .
قال النووي رحمه الله :
” أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْإِسْبَالِ لِلنِّسَاءِ ” انتهى من ” شرح مسلم للنووي ” (6/62) .

وحد الإسبال الجائز في حق المرأة ، ما كان ذراعاً فأقل ؛ لما روى الترمذي (1731) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ) ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : ” فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ ؟ ” ، قَالَ : ( يُرْخِينَ شِبْرًا ) ، فَقَالَتْ : ” إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ ” ، قَالَ : ( فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا ، لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” صحيح سنن الترمذي ” .

وروى النسائي (5339) ، وابن ماجه (3580) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : ” سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَمْ تَجُرُّ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَيْلِهَا ؟ قَالَ : ( شِبْرًا ) ، قَالَتْ : إِذًا يَنْكَشِفَ عَنْهَا ، قَالَ : ( ذِرَاعٌ ، لَا تَزِيدُ عَلَيْهَا ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” صحيح سنن النسائي ” .

قال ابن حجر رحمه الله :
” وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلرِّجَالِ حَالَيْنِ : حَالُ اسْتِحْبَابٍ ، وَهُوَ أَنْ يَقْتَصِرَ بِالْإِزَارِ عَلَى نِصْفِ السَّاقِ ، وَحَالُ جَوَازٍ ، وَهُوَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
وَكَذَلِكَ لِلنِّسَاءِ حَالَانِ : حَالُ اسْتِحْبَابٍ ، وَهُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا هُوَ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ بِقَدْرِ الشِّبْرِ ، وَحَالُ جَوَازٍ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ ” انتهى من ” فتح الباري ” لابن حجر (10/259) .

ثانيا :
وأما إذا كان الإسبال لأجل الخيلاء ، فتحريم ذلك شامل للرجال والنساء جميعا ، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( من جر ثوبه خيلاء .. ) .
جاء في ” طرح التثريب في شرح التقريب ” (8/173) :
” دَخَلَ فِي قَوْلِهِ : ( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ ) الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ؛ وَلِذَلِكَ سَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا : فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ ؟ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ ، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ فِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْإِسْبَالِ لِلنِّسَاءٍ ؟
قُلْت : الظَّاهِرُ أَنَّ الْخُيَلَاءَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ ، وَإِنَّمَا سَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَمَّا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ ، فَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ دُخُولِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ فَهْمُ أُمِّ سَلَمَةَ وَتَقْرِيرُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهَا عَلَى ذَلِكَ ؛ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُنَّ لَقَالَ لَهَا لَيْسَ حُكْمُ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ كَحُكْمِ الرِّجَالِ ، وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي نَقَلَهُ الْقَاضِي وَالنَّوَوِيُّ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْخُيَلَاءِ ” انتهى .
وينظر : ” فتح الباري ” لابن حجر (10/259) .

ثالثا :
دل قوله عليه الصلاة والسلام ، في حديث أم سلمة رضي الله عنها : ” لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ ” على عدم جواز الزيادة على الذراع ، حتى ولو كانت الزيادة بغير قصد الخيلاء ؛ فأم سلمة رضي الله عنها ، إنما طلبت الزيادة لغرض الستر ، ومع هذا نهى عليه الصلاة والسلام من الزيادة على الذراع .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ” فتح الباري ” (10/259) :
” قَوْلُهُ ( مَنْ ) : يَتَنَاوَلُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ ، وَقَدْ فَهِمَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا …
وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْفَهْمِ التَّعَقُّبُ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُطْلَقَةَ فِي الزَّجْرِ عَنِ الْإِسْبَالِ ، مُقَيَّدَةٌ بِالْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى الْمُصَرِّحَةِ بِمَنْ فَعَلَهُ خُيَلَاءَ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ فِي تَقْيِيدِهَا بِالْجَرِّ خُيَلَاءُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ مُخْتَصٌّ بِالْخُيَلَاءِ .
وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ : أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ، لَمَا كَانَ فِي اسْتِفْسَارِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ حُكْمِ النِّسَاءِ فِي جَرِّ ذُيُولِهِنَّ مَعْنًى ، بَلْ فَهِمَتِ الزَّجْرَ عَنِ الْإِسْبَالِ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ كَانَ عَنْ مَخِيلَةٍ أَمْ لَا ، فَسَأَلَتْ عَنْ حُكْمِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهِنَّ إِلَى الْإِسْبَالِ مِنْ أَجْلِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ قَدَمِهَا عَوْرَةٌ ، فَبَيَّنَ لَهَا أَنَّ حُكْمَهُنَّ فِي ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الرِّجَالِ ، فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَطْ ” انتهى .

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (218290) ، وجواب السؤال رقم : (111852) تحريم الإسبال ولو كان بغير قصد الخيلاء .
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله:
” وَالْأَوْجَهُ : أَنَّ ابْتِدَاءَ الذِّرَاعِ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ، وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ ، لَا مِنْ الْكَعْبَيْنِ ، وَلَا مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْض” انتهى من “‫أسنى المطالب في شرح روض الطالب” (1/ 279).

وبناء على ما سبق ، فإذا كان فستان الزفاف طويلاً أكثر من ذراع – كما هي العادة في بعض الدول – ، فهو من الإسبال المحرم ، فإذا صاحب ذلك الإسبال فخر وخيلاء ، عظم التحريم واشتد ؛ لفعل الإسبال ، ولما قام بالقلب من الخيلاء .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
” تفضلتم وذكرتم أن إطالة الثوب بالنسبة للرجل محرم ، وأيضا إذا كان بالنسبة للمرأة إذا كان تفاخرا فهو محرم ، فما رأيكم بفستان الفرح الذي تسحبه العروس وراءها بطول 3 أمتار تقريبا ؟

فأجاب : أما ما يتعلق بالمرأة ، فالسنة أن تضفي ثوبها شبرا ، ولا تزيد على ذراع ، لأجل الستر ، وعدم إظهار القدمين .
وأما الزيادة على ذراع فمنكر للعروس أو غيرها ؛ لا يجوز ، وهذا إضاعة للأموال بغير حق في الملابس ذات الأثمان الغالية ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (4/ 121) .

وللفائدة في حكم لبس فستان الزفاف ، ينظر جواب السؤال رقم : (12853) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android