0 / 0

هل يمكن أن يحصل غير الكتابي إذا أسلم على أضعاف ما يحصل عليه الكتابي من الأجرين؟

السؤال: 246484

هناك ممن اعتنق الإسلام وكان مسيحياً ، أمّا أنا فكنت ملحد ة، فهل سيحصل أولئك على الأجر ضعفين لكونهم كانوا من أهل الكتاب ؟ أسأل الله أن يبارك لهم ، وكل ما في الأمر أني أشعر بشيء من الحزن على نفسي لكمّ المعاناة التي واجهتها حتى تعرفت على الله تبارك وتعالى.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى البخاري (3011) ، ومسلم (154) عن أبي موسى عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
( ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الأَمَةُ ، فَيُعَلِّمُهَا فَيُحْسِنُ تَعْلِيمَهَا، وَيُؤَدِّبُهَا فَيُحْسِنُ أَدَبَهَا، ثُمَّ يُعْتِقُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الكِتَابِ ، الَّذِي كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَالعَبْدُ الَّذِي يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ ، وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ ) .
فمن آمن بنبيه ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فله الأجر مرتين ، مرة لإيمانه بنبيه عليه السلام ، ومرة بإيمانه بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وهذا موافق لقوله تعالى :
( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) القصص/ 52 – 54
وهذا في حق من آمن به من أهل الكتاب خاصة ، فلا يشمل جميع أهل الكفر ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" الْحَدِيثُ مُقَيَّدٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ، فَلَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُمْ ، وَأَيْضًا: فَالنُّكْتَةُ فِي قَوْلِهِ (آمَنَ بِنَبِيِّهِ) الْإِشْعَارُ بِعِلِّيَّةِ الْأَجْرِ أَيْ أَنَّ سَبَبَ الْأَجْرَيْنِ الْإِيمَانُ بِالنَّبِيَّيْنِ ، وَالْكُفَّارُ لَيْسُوا كَذَلِكَ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَعْرِفُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ) فَمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ مِنْهُمْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ " انتهى باختصار من "الفتح" (1/ 191) .
ويؤيده ما رواه الإمام أحمد (22234) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: " إِنِّي لَتَحْتَ رَاحِلَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، فَقَالَ قَوْلًا حَسَنًا جَمِيلًا وَكَانَ فِيمَا قَالَ: ( مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ، وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ أَجْرُهُ وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا ) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (304) .
ففرّق بين من أسلم من أهل الكتاب – فجعل له أجره مرتين – وبين من أسلم من المشركين – فلم يجعل له ذلك .
ولكن كون من أسلم من أهل الكتاب له الأجر مرتين لا يعني أنه أفضل من غيره بإطلاق ، فقد يسلم غيره من أهل الشرك والكفر ممن ليس من أهل الكتاب ، فيحسن إسلامه ، ويعطى من الأجر أضعاف ما يعطى من أسلم من أهل الكتاب ، لحسن إسلامه ، وقوة إيمانه ، وأثره الطيب النافع ، فكم ممن أسلم من الكفار مَن فتح الله به ونفع به ، فأسلم على يديه بشر كثير ، ودخل بسببه في دين الإسلام أمم غفيرة ، كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وهما أفضل وأعظم أجرا من سلمان الفارسي أو عبد الله بن سلام ونحوهما ممن كان من أهل الكتاب ، رضي الله عنهم جميعا.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" ليس كل من له أجره مرتين يكون أفضل من غيره " .
انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (2/ 232) .
فلك – أيتها الأخت المسلمة – في مستقبل أيامك السلوى ، فإنك إذا أحسنت في إسلامك ، واجتهدت في العمل الصالح ، وراقبت الله في القول والفعل ، والسر والعلن ، وانشغلت بدينك وتعلم أحكامه وشرائعه وحفظ كتابه وتعليم ذلك لغيرك : أصبت من الأجر ما لا يعلمه إلا الله ، وربما كان لك منه أضعاف ما يكون لمن أصاب أجرين .
وإذا كان قد سبق لك المعاناة مع الكفر وأهله حتى منّ الله عليك بالإسلام ، فتعرفي على نعمة الله ، واشكريه سبحانه على فضله الواسع ، وانشغلي بعبادته وطاعته ، ولا تظني أن ما فاتك من الأجر لا يمكن تحصيل أفضل منه وأعظم وأكرم ، بل إن تحصيل ذلك ممكن بفضل الله ، فلا تنشغلي بما فاتك من الأجر ، وانشغلي بما ينبغي ألا يفوتك منه ، وذلك بالعمل الصالح والبر والتقوى .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android