أنا الزوجة الثانية ، وانتهي بي الحال بمشاجرةٍ مع زوجي الأسبوع الماضي ، وأتساءل عن حكم الإسلام في هجر زوجي للبيت منذ أسبوع ، غدًا سيكون اليوم السابع وسيعود إليّ ، وعادةً ما يكون لي يوم ولضرتي يومٌ آخر وهكذا ، ولكن بعد مشاجرتنا قرر أن يتخطى يومي ، وخلال هذه الفترة كان مع زوجته الأولى في منزلها ، وانتهى الأمر بحدوث جدل مع زوجي ، وقد بلغه أنني قلت : إنني سأنام مع الأخوات ، ولكن عندما قلت : "والله لم أقل ذلك"، لم يصدق ، وما زال مقتنعًا أنني قلت ذلك ، كانت تلك الليلة ليليتي وكنت غاضبةً جدًا ؛ لأنه لم يصدقني عندما أخبرته أنني لم أقل ذلك ، وكان حازمًا في قراراته بسبب ظنه أنني قلت إنني أريد النوم مع الأخوات ، ولكني والله لم أقل ذلك ، وهو على ما أقول شهيد ، أنا لم أجتمع بزوجي في نهاية الأسبوع ، لذا لن تكون هناك فرصة للنوم مع أختي في يومي ، وأنا أفتقده ، فماذا يقول الإسلام في ذلك ، وماذا أفعل إذا استمروا في سوء الفهم هذا ؟ وماذا أفعل بالنسبة لليوم الذي كان لي ؟ وقد حلف بأنني قلت ذلك : وقد غضب، عندما قلت له " لا تقل "والله" ؟
إذا جار الزوج في القسم فهل يلزمه القضاء؟
السؤال: 246964
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته لغير مسوغ شرعي.
ومن المسوغات الشرعية للهجر: نشوز الزوجة وترفعها على زوجها ، وعصيانها لأوامره . فيشرع حينئذ الوعظ ثم الهجر، كما قال تعالى : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/ 34.
وهذا الهجر في الفراش .
وأما في الكلام فلا يحل له أن يهجرها فوق ثلاثة أيام .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (20/ 261) فيمن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر: " مَن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر: فإن كان ذلك لنشوزها، أي: لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية ، وأصرت على ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها: فإنه يهجرها في المضجع ما شاء؛ تأديبا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا منها، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، فلم يدخل عليهن شهراً.
أما في الكلام: فإنه لا يحل له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام) أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأحمد في مسنده…
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد العزيز آل الشيخ , الشيخ صالح الفوزان , الشيخ بكر أبو زيد" انتهى.
وإذا لم تكوني ناشزا، كان هجره محرما.
ثانيا:
الواجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه في القسم ، وليس له إذا غضب من زوجته أن يبيت عند الأخرى ، بل يجب المبيت عندها ، ولو هجرها في الفراش إن ساغ له الهجر، لما تقرر من الأمر بالعدل، ولما جاء من النهي عن الهجر في غير البيت.
فقد روى ابن ماجه (1850) عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ : " أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ؟ ، قَالَ : ( أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ ، وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى ، وَلَا يَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلَا يُقَبِّحْ ، وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) والحديث صححه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وقول أصحابنا: يجب على الرجل المبيت عند امرأته ليلة من أربع. فهذا المبيت يتضمن شيئين. أحدهما: المجامعة في المنزل. والثانية في المضجع.
وقوله تعالى: ( واهجروهن في المضاجع ) ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : ولا تهجر إلا في المضجع دليل على وجوب المبيت في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل.
ونصُّ أحمد في الذي يصوم النهار ويقوم الليل : يدل على وجوب المبيت في المضجع، وكذا ما ذكروه في النشوز ؛ إذا نشزت هجرها في المضجع ؛ دليل على أنه لا يفعله بدون ذلك" .
انتهى من " المستدرك على مجموع الفتاوى " (4/217).
ثالثا:
على فرض أن الزوج أراد أن يعاقبك على قولك إنك ستنامين عند الأخوات ، فغاية ذلك الهجر بعد الوعظ ، وتقدم أن الهجر لا يكون إلا في البيت.
وعليه : فقد أخطأ الزوج بترك البيت عندك ، والمبيت عند الزوجة الأخرى.
وإذا لم يكن الأمر عقابا، بل ظن أن رغبتك المبيت مع الأخوات، وأنه يكون في حل من المبيت عندك ، فقد كان ينبغي أن يرجع إلى نفيك ذلك، وأن يعطيك حقك .
رابعا:
يلزم الزوج قضاء الليالي التي فوّتها على زوجته بغير حق ، فيبيت عندها ما فاتها ، ثم يرجع إلى قَسمه.
قال ابن قدامة رحمه الله :" فإن خرج من عند بعض نسائه في زمانها : فإن كان ذلك في النهار أو أول الليل ، أو آخره الذي جرت العادة بالانتشار فيه ، والخروج إلى الصلاة : جاز ؛ فإن المسلمين يخرجون لصلاة العشاء ، ولصلاة الفجر قبل طلوعه ، وأما النهار : فهو المعاش والانتشار .
وإن خرج في غير ذلك ، ولم يلبث أن عاد : لم يقض لها ؛ لأنه لا فائدة في قضاء ذلك .
وإن أقام : قضاه لها ، سواء كانت إقامته لعذر ، من شغل أو حبس ، أو لغير عذر ؛ لأن حقها قد فات بغيبته عنها" انتهى من " المغني " ( 8 / 145 ).
والنصيحة أن يتم حل المشاكل في جو من الألفة والمودة ومراعاة الحقوق ؛ ولو تنازلت عن حقك في الأيام التي غاضبك فيها ، لكان خيرا لك ولزوجك ، وتتسامحان ، وتتواصلان ، لا سيما أن بعض العلماء يرون أن مثل هذا الحق إذا فات لا يلزم الزوج أن يقضيه .
وانظري: السؤال رقم : (166912) ، ورقم : (133196) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة