0 / 0

تائبة من علاقة محرمة ، تريد النصيحة ، وتسأل عن حكم تسجيل ولدها من علاقة محرمة باسم زوجها الجديد

السؤال: 247153

أنا عمري 24 عاما ، فعلت كل ما لا يرضي الله ، وذلك لنقص ثقافتي الدينية ، لكن ـ الحمد لله ـ ربنا هداني ، وتغير مفهومي للحياة ، وبدأت بالصلاة ودعوت الله أن يغفر لي ويسامحني ، أنا أشتغل في مكان سياحي بعيدة عن بلدي ، كانت أهدافي في الحياة الكثير ، ولكني أجد صعوبة في العمل بالحجاب وتأدية كل فروضي ، فهل من الصواب أن أكمل الطريق في العمل أو أتزوج ، وأعمل بما يرضي الله في بيتي ؟ مع العلم أني بعيدة عن أهلي ، حاولت العمل بصلة الرحم ، لكنهم يرفضون ذلك ، فقررت أن أكمل حياتي لوحدي ، كما أريد أن أسال هل يجوز أن أنسب ابني الغير شرعي إلى الرجل الذي سوف أتزوجه ، مع العلم أنه يعلم كل شيء ، وموافق على هذا الكلام ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك للتوبة ، ونسأله سبحانه أن يتم نعمته عليك بالمغفرة ومزيد من الهداية والثبات على الحق .
واعلمي أن التائب تغفر له ذنوبه السابقة كلها ، مهما كانت كثيرة وعظيمة ، كما قال الله تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر/53 .
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) حسنه الألباني في ” صحيح سنن ابن ماجة ” ( 3427 ) .
فاستعيني بالله ، يا أمة الله ، واثبتي ، واصبري على طريق التوبة والهداية .
ثانيا :
أما الاستمرار في العمل ، فلا يخفى عليك أن عمل المرأة في أماكن مختلطة يصعب معه التزامها بأحكام دينها ، لا سيما في مجال السياحة والفنادق ، وما يكثر فيه من الفتن ، والمغريات والبلايا والمصيبات ، وقد جربت ذلك بنفسك .
وعند تعارض الدين مع الدنيا ، فلا شك أن المؤمن يختار الدين ، ولا يرضى أن يتنازل عن دينه من أجل الدنيا ، وقد ذكر الله تعالى من باع دينه واشترى دنياه في عدة مواضع من كتابه : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ) البقرة/86 .
(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) البقرة/18 .

فالنصيحة لك : أن تتركي هذا العمل ، ويكون اهتمامك كله منصبًّا على إكمال إيمانك وطاعة زوجك وتربية أولادك ، فإن ذلك هو الخير لك ، وهو الموافق لأمر الله تعالى للنساء المؤمنات : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/33 .

ثالثا :
أما صلة الرحم ، فقد تكون قطيعة أهلك لك بسبب الأفعال غير المرضية التي كنت تفعلينها في السابق ، ولا يعلمون أنك قد تبت إلى الله منها ، فاستمري في التواصل معهم ، وأخبريهم بتغيرك وتوبتك ، وندمك على ما سبق منك ، فسيكون لذلك الأثر في تغير معاملتهم وتواصلهم معك ، وهذا ما نرجوه .

رابعا :
لا يجوز نسبة الولد إلى غير أبيه ، فذلك من كبائر الذنوب ، وقد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم كفرا .
روى البخاري (3508) ، ومسلم (61) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
“فِي الْحَدِيث : تَحْرِيم الِانْتِفَاء مِنْ النَّسَب الْمَعْرُوف وَالِادِّعَاء إِلَى غَيْره …وَفِيهِ جَوَاز إِطْلَاق الْكُفْر عَلَى الْمَعَاصِي لِقَصْدِ الزَّجْر” انتهى .
وروى ابن ماجه (2609) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) صححه الألباني في ” صحيح ابن ماجه “.

وإذا كان النظام يلزمك بأن يسجل هذا الطفل باسم رجل يكون أباه في الأوراق الرسمية ، فالواجب أن ينسب إلى اسم عام ، لا يخص شخصا محددا ، بل اسم شائع لا يعرف له صاحب .

فإن لم يكن ذلك ممكنا ، وكان النظام في بلدك ـ أيضا ـ يوجب أن ينسب إلى شخص محدد ، فأولى من ينسب إليه ذلك هو الزاني ، الذي خلق هذا الطفل من مائه . [ أبوه ] .
فإذا قبل أن ينسب هذا الولد إليه ، أو طلب هو ذلك ، وهو ما يعرف عند العلماء بـ”الاستلحاق” : نسب إليه .

وإن لم يقبل ، وأمكن إثبات تخلق الولد من مائه ، عن طريق البصمة الوراثية ، أو نحوها ، وأمكن إلزامه به قانونا : نُسب إليه ، ولو بغير اختياره ، للضرورة ، لأنه إذا كان لا بد من نسبته إلى شخص معين ، فأولى من ينسب إليه هو “أبوه الطبيعي” ، الذي خلق من مائه .

فإن لم يقبل ، ولم يمكن إلزامه بذلك ، فقد ذكرنا في السؤال رقم : (250566) فتوى الشيخ عبد الرحمن البراك بجواز نسبة الطفل المتبنى ، إلى من تبناه ، بشرط أن يتم إعلان ذلك في الأسرة ، ويخبر الطفل بحقيقة الحال إذا صار مميزا ، وذلك حتى لا يعامل معاملة المحارم والأقارب وهو ليس كذلك .
وبناء على هذا القول : يصح نسبة ابنك إلى من سيتزوجك ، إذا قَبِل هو ، ولم يمكن أن ينسب إلى أبيه “الطبيعي” الذي خلق بمائه ، ولم يمكن غير ذلك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android