سؤالي عن صحة الحديث المروي عن سعيد بن جبير ، وهو يسأل ابن عباس رحمهم الله عن تفسير وفتناك فتونا ؟
حديث الفتون .
السؤال: 247180
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى النسائي في “السنن الكبرى” (11263) ، وأبو يعلى في “مسنده” (2618) ، وابن عساكر في “تاريخه” (61/81) ، وبحشل في “تاريخ واسط” (ص78) ، وابن عدي في “الكامل” (2/105) من طريق أَصْبَغ بْن زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، حدثني سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: ” سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا) ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفُتُونِ مَا هُوَ؟ قَالَ: اسْتَأْنِفِ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا طَوِيلًا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنْتَجِزَ مِنْهُ مَا وَعَدَنِي مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ، فَقَالَ: تَذَاكَرَ فِرْعَوْنُ وَجُلَسَاؤُهُ مَا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يجْعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءَ وَمُلُوكًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَنْتَظِرُونَ ذَلِكَ مَا يَشُكُّونَ فِيهِ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَلَمَّا هَلَكَ قَالُوا: لَيْسَ هَكَذَا كَانَ وَعْدُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ: فَكَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَائْتَمَرُوا وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ رِجَالًا مَعَهُمُ الشِّفَارُ يَطُوفُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَا يَجِدُونَ مَوْلُودًا ذَكَرًا إِلَّا ذَبَحُوهُ ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْكِبَارَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَمُوتُونَ بِآجَالِهِمْ، وَالصَّغَارَ يُذْبَحُونَ قَالُوا: تُوشِكُونَ أَنْ تُفْنُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَتَصِيرُوا أَنْ تُبَاشِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْخِدْمَةِ الَّذِي كَانُوا يَكْفُونَكُمْ، فَاقْتُلُوا عَامًا كُلَّ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ، فَيَقِلُّ نَبَاتُهُمْ ، وَدَعَوْا عَامًا فَلَا تَقْتُلُوا مِنْهُمْ أَحَدًا، فَيَنْشَأُ الصِّغَارُ مَكَانَ مَنْ يَمُوتُ مِنَ الْكِبَارِ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَكْثُرُوا بِمَنْ تَسْتَحْيُونَ مِنْهُمْ فَتَخَافُوا مُكَاثَرَتَهُمْ إِيَّاكُمْ، وَلَنْ يَفْنَوْا بِمَنْ تَقْتُلُونَ وَتَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، فَحَمَلَتْ أُمُّ مُوسَى بِهَارُونَ فِي الْعَامِ الَّذِي لَا يُذْبَحُ فِيهِ الْغِلْمَانُ ، فَوَلَدْتُهُ عَلَانِيَةً آمِنَةً ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَمَلَتْ بِمُوسَى ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا الْهَمُّ وَالْحَزَنُ، وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ … ”
وساق الحديث بطوله .
قال الهيثمي رحمه الله:
” رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَصْبَغَ بْنِ زَيْدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ وَهُمَا ثِقَتَانِ ” انتهى من “مجمع الزوائد” (7/ 66) .
وقال البوصيري رحمه الله :
” هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَأَبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ” .
انتهى من “إتحاف الخيرة المهرة” (6/ 244) .
وأصبغ بن زيد : تكلم فيه بعض الأئمة ، ووثقه كثيرون . ولعله لذلك قال الذهبي في تاريخ الإسلام (8/128) : ” فيه لين ” انتهى . وقال الحافظ في “التقريب” : “صدوق يغرب” .
وينظر : “تهذيب التهذيب” (1/361) ، “تهذيب الكمال” (3/301) وحاشية المحقق .
وفي “معرفة الرجال” ليحي بن معين ، رواية ابن محرز ( رقم ـ 336) : ” قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى، وَسُئِلَ عن أَصْبُع بن زَيْد، يَعْنِي الوَرَّاق؟ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنِّي لا أَحْسَبُ حَدِيْث الفُتُونِ حَقّا”.
وعلى فرض القول بثبوته ، فلعل أكثره قد أخذه ابن عباس عن أهل الكتاب ، ولا يثبت منه إلا المرفوع ، وهو قليل، قال ابن كثير رحمه الله:
” هَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ النَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى، وَأَخْرَجَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بِهِ وَهُوَ مَوْقُوفٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ فِيهِ مَرْفُوعٌ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُ، وَكَأَنَّهُ تَلَقَّاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا أُبِيحَ نَقْلُهُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَوْ غَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ يَقُولُ ذَلِكَ أَيْضًا ” .
انتهى من “تفسير ابن كثير” (5/ 293) .
وقال في “البداية والنهاية” (2/ 196):
” هَكَذَا سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ الْإِمَامُ النَّسَائِيُّ ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، فِي تَفْسِيرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَالْأَشْبَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَكَوْنُهُ مَرْفُوعًا فِيهِ نَظَرٌ، وَغَالِبُهُ مُتَلَقًّى مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ، وَفِيهِ شَيْءٌ يَسِيرٌ مُصَرَّحٌ بِرَفْعِهِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ ، وَفِي بَعْضِ مَا فِيهِ نَظَرٌ وَنَكَارَةٌ، وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ يَقُولُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب