اختلفنا أنا وشخصين حول مسائل مادية ، فاتفقنا أن يحكم بيننا شخص معين ، قيل لنا : إنه عنده علم شرعي ، فاشترط علينا كي يضمن تنفيذ حكمه أن من لا ينفذ تكون زوجته طالق ثلاثا ، ووافقنا على هذا الشرط طبعا بدون نية حقيقة في الطلاق .
فما حكم من لا ينفذ هل تكون زوجته طالق ثلاثا بالفعل أم ماذا ؟
حكّما شخصا بينهما وحلفهم بالطلاق الثلاث على تنفيذ حكمه
السؤال: 249013
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يجوز تحكيم عالم بالشرع في المنازعات ، ويجب التزام الحكم الصادر منه ، ويأثم من أبى تنفيذه .
قال في ” كشاف القناع ” (6/308): ” وإن تحاكم شخصان إلى رجل للقضاء بينهما ، فحكم : نفذ حكمه في المال والقصاص والحد والنكاح واللعان وغيرها ، حتى مع وجود قاض، فهو كحاكم الإمام ، لما روى أبو شريح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ( إن الله هو الحكم فلم تكنى أبا الحكم؟) قال: إن قومي كانوا إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي الفريقان. قال: (فما أحسن هذا، فمن أكبر ولدك؟) قال: شريح. قال: (فأنت أبو شريح) أخرجه النسائي.
وعنه صلى الله عليه وسلم: (من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضيا به ، فلم يعدل بينهما بالحق: فعليه لعنة الله) رواه أبو بكر .
ولولا أن حكمه يلزمهما لما لحقه هذا الذم، ولأن عمر وأُبيًّا تحاكما إلى زيد بن ثابت، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم، ولم يكن أحد منهما قاضيا …
ولكل واحد من الخصمين الرجوع عن تحكيمه قبل شروعه في الحكم ، لأنه لا يلزم حكمه إلا برضا الخصمين ، ولا يصح رجوع أحدهما بعد شروعه في الحكم وقبل تمامه ، ( وقال الشيخ [ابن تيمية]:وإن حكّم أحدهما خصمه ، أو حكّما مفتيا في مسألة اجتهادية : جاز. وينبغي أن يشهد عليهما بالرضا به قبل حكمه ، لئلا يجحد المحكوم عليه منهما” انتهى باختصار .
فإذا تراضيتم على تحكيم هذا الشخص، وكان من أهل العلم، لزمكم امتثال حكمه.
وكان يكفيه أن يُشهد عليكم أنكم سترضون ، وتنفذون حكمه.
ثانيا:
الطلاق المعلق على شرط : يقع عند تحقق الشرط في قول جمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة، سواء أراد صاحبه الطلاق ، أو لم يرد.
وإذا كان الطلاق ثلاثا، وقع ثلاثا.
وعلى هذا ؛ فمن لم ينفذ منكم الحكم طلقت امرأته ثلاثا، وبانت منه، على المذاهب الأربعة.
وذهب بعض أهل العلم – وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره – وهو الراجح – إلى أن هذا التعليق فيه تفصيل ، يُرجع فيه إلى نية القائل، فإن قصد حث نفسه على الفعل ، ولم يقصد الطلاق، فحكمه حكم اليمين، فتلزمه كفارة يمين إذا حنث ، ولا يقع بذلك طلاق.
وإن قصد وقوع الطلاق : طلقت زوجته عند حنثه ، وعدم تنفيذه الحكم، لكن تطلق طلقة واحدة؛ لأن الطلاق الثلاث يقع طلقة واحدة على الراجح. وينظر: سؤال رقم : (96194) .
ونصيحتنا امتثال الحكم وتنفيذه ؛ لأن ذلك واجب كما تقدم ، ولأن عدم التنفيذ يؤدي إلى بينونة الزوجة عند جمهور الفقهاء ، والعاقل لا يدخل نفسه في هذه الورطات ، ولا يؤثر المال على تعريض نكاحه للزوال .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة