0 / 0

سائل يريد مواقف تدل على ثقة النبي عليه الصلاة والسلام بأنه رسول الله !

السؤال: 249967

أثناء عيش النبي صلى الله عليه وسلم في مكة من الفترة 610 إلى عام 622، هلا تفضلتم بذكر أفعال قام بها تشير إلى ثقته بأنه رسول الله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

بعد أن نزلت الآيات الأول من سورة المدثر على رسول الله صلى الله عليه وسلم تأمره بالنهوض للدعوة وتبليغ الدين ، ومنذ ذلك الحين وهو في عمل دؤوب ، وإيمان عظيم ، ويقين صلب ، وتبليغ لا يكل ولا يهدأ .
فجعل يطوف على المشركين ، ويبلغهم أمر الله ، واستحقاقه وحده سبحانه العبادة دون ما سواه ، وأنه مرسل من عند الله ليجدد ما اندثر من دين المرسلين قبله ، ويتلو عليهم الآيات المنزلة في ذلك .
قال تعالى آمرا نبيه في سورة الأعراف /158 ، وهي سورة مكية : ( قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ).
فكيف لا يكون واثقا من ذلك والله تعالى هو الذي يأمره بأن يعلن للناس جميعًا أنه رسول الله إليهم .
وقال في سورة الحاقة وهي مكية أيضا :
( فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
والآيات في ذلك كثيرة جدا .

وكل من عرف طرفا من دين الإسلام ، فإنه سيعلم يقينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده شك في أنه رسول الله ، وكيف يكون عنده شك في ذلك ، وقد كان يدعو الناس للدخول في الإسلام بأن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

– وكيف لا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم واثقا من نبوته ، وهو يمر على أصحابه يعذَّبون على أيدي المشركين ، حتى قتلت سمية ، أم عمار بن ياسر ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم : ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) صححه الألباني في “تخريج فقه السيرة” (ص 103) .

– وكيف لا يكون واثقا بنبوته في الفترة المكية وهو يصوّر مدى صدق نبوته بقوله ( أَرَأَيتَكُم لَو أَخبَرتُكُم أَنَّ خَيلًا تَخرُجُ بِسَفحِ هَذَا الجَبَلِ أَكُنتُم مُصَدِّقِي ؟) قَالُوا : مَا جَرَّبنَا عَلَيكَ كَذِبًا ، قَالَ : (فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُم بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ) ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ : تَبًّا لَكَ ، أَمَا جَمَعتَنَا إِلَّا لِهَذَا ، ثُمَّ قَام .
فَنَزَلَت هَذِهِ السُّورَةُ ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) رواه البخاري (1394) ، ومسلم (208) .

– وكيف لا يكون واثقا من نبوته ، وهو يجيب عمه أبا طالب حين قال له : ” يَا ابْنَ أَخِي، إنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَاءُونِي، فَقَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا، لِلَّذِي كَانُوا قَالُوا لَهُ، فَأَبْقِ عَلَيَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلَا تُحَمِّلْنِي مِنْ الْأَمْرِ مَا لَا أُطِيقُ، قَالَ: فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ فِيهِ بَدَاءٌ أَنَّهُ خَاذِلُهُ وَمُسْلِمُهُ، وَأَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ عَنْ نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا عَمُّ، وَاَللَّهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ ، أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ، مَا تَرَكْتُهُ ) أخرجه ابن إسحاق في “المغازي” (1/154) .
وقال الألباني في ” السلسلة الضعيفة ” (2/311) :
” وقد وجدت للحديث طريقا أخرى بسند حسن لكن بلفظ : (ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك، على أن تستشعلوا لي منها شعلة . يعني : الشمس). وقد خرجته في ” الأحاديث الصحيحة ” رقم (92) ” انتهى .

– وكيف لا يكون واثقا من نبوته ، وهو يخبر عن صعوده إلى السماء ، وملاقاته للأنبياء ، ودنوه من رب العزة ، وما فرضه عليه من الصلوات ، وما في قصة الإسراء والمعراج من تفاصيل ، أفيخبر بذلك كله وهو لا يزال شاكا في نبوته ، وإرسال الله له .
– وكيف لا يكون واثقا من نبوته وهو يتلو على المشركين آيات نبوته ، ويرد على تشكيكهم فيها، ومكابرتهم أن يكون هو رسول الله من بينهم .
( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا . أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا . انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ) الفرقان/7-9.

– وكيف لا يكون واثقا من نبوته وهو يرفض مساومات المشركين له ، وما يعرضونه عليه من الملك والسؤدد والمال والجاه وكل ما لو عرض على غير مستيقن لقَبِلَه .
لقد أرسلت قريش عتبة بن ربيعة فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من المكان في النسب ، وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم ، فاسمع مني أعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها : إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت تريد شرفاً سوَّدناك – أي جعلناك سيداً – علينا فلا نقطع أمراً دونك ، وإن كنت تريد ملكاً ملَّكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِيَّاً – من الجن – تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ .
فلما فرغ من قوله تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم صدر سورة ” فصلت ” إلى قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُود) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (36560) ، وصححه الألباني في “صحيح السيرة ” (ص159) .
أفيكون بعد هذا كله شاكا في نبوته وإرسال الله له ؟! .
– ولم يزالوا يساومونه ، ويلينون له رجاء أن يجازيهم بالمثل فيَلين ؛ كما قال تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) سورة القلم/9، ولكن هيهات !!
حتى قالوا له : اعبد آلهتنا سنة ، ونعبد إلهك سنة ، فأنزل الله تعالى سورة “الكافرون” : ( قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)) وحسم هذه المساومة الهزلية .
ولو استطردنا نسرد أمارات ثقته من نبوته ؛ فلن يتسع لنا المقام .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android