0 / 0

يسأل عن حديث في فضائل بيت المقدس

السؤال: 255070

ما صحة ما رواه صاحب “كنز الأعمال” (14148) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معاذ أنه سيفتح عليكم الشام من بعدى من العريش إلى الفرات ، رجالهم ونساؤهم وهم مرابطون إلى يوم القيامة ، فمن اختار ساحلا من سواحل الشام وبيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة )؟ وهل يمكنكم شرح هذا الحديث؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الحديث المذكور : ضعيف ، لا يثبت . وبيان ذلك :
هذا الحديث أخرجه المشرف بن المرجى في “فضائل بيت المقدس” (ص 324) فقال : أخبرنا أبو الفرج ، قال: أبنا عيسى ، قال: أبنا علي ، قال: ثنا محمد بن حسن بن قتيبة العسقلاني بالرملة ، قال: ثنا محمد بن النعمان ، قال: ثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل ، قال: أبنا هانئ بن عبد الرحمن ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عبد الله بن الديلمي ، عن عبد الرحمن بن غنم قال: سمعت معاذ بن جبل يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يا معاذ ، إن الله سيفتح عليكم الشام من بعدي ، من العريش إلى الفرات ، رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة ، فمن احتل ساحلاً من سواحل الشام ، أو بيت المقدس ، فهو في جهاد إلى يوم القيامة “.
والحديث ضعيف فيه أكثر من علة :
الأولى : فيه هانئ بن عبد الرحمن ، ذكره ابن حبان في “الثقات” (7/584) وقال :” رُبمَا أغرب ” ، وقال الذهبي في “السير” (18/389) :” وَلاَ أَعْرف حَال هَانِئ “. انتهى
الثانية : فيه سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل وهو ثقة إلا أنه كان فيه غفلة ، ولذا وقعت بعض المناكير في رواياته ، ولذا يحتج بحديثه إذا روى عن الثقات المشهورين ، أما إن روى عن المجاهيل فيتوقف في روايته ، قال أبو حاتم :” سليمان بن شرحبيل صدوق مستقيم الحديث ، ولكنه أروى الناس عن الضعفاء والمجهولين ، وكان عندي في حد لو أن رجلا وضع له حديثا : لم يفهم ، وكان لا يميز ” كذا في “الجرح والتعديل” (4/129) ، وقال ابن حبان في “الثقات” (8/278) :” يعْتَبر حَدِيثه إِذا روى عَن الثِّقَات الْمَشَاهِير، فَأَما رِوَايَته عَن الضُّعَفَاء والمجاهيل : فَفِيهَا مَنَاكِير كَثِيرَة لَا اعْتِبَار بهَا “. انتهى .
وهنا قد روى عن هانئ بن عبد الرحمن ، مجهول الحال ، ثم هو يأتي بغرائب ومناكير .
الثالثة : فيه محمد بن النعمان بن بشير السقطي ، ترجم له الخطيب البغدادي في “المتفق والمفترق” (1278) ، وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (26/159) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا ، وقال ابن حجر في “لسان الميزان” (7498) :” مجهول” .
وللحديث شاهدان : أحدهما مكذوب ، والآخر غير صحيح :
الأول : من حديث أبي هريرة ، وقد أخرجه المشرف بن المرجى في “فضائل بيت المقدس” (ص 324) من طريق موسى بن أيوب النصيبي ، قال: ثنا أبو عبد الرحمن الأعرج ، عن سعيد بن واقد ، عن مقاتل بن حيان ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ستفتح على أمتي الشام من بعدي فتحًا وشيكًا ، فإذا فتحها الله تعالى ونزلها المسلمون وأهلها إلى منتهى الجزيرة ، ورجالهم ونساؤهم وصبيانهم وإماؤهم وعبيدهم مرابطون إلى يوم القيامة ، فمن نزل عند ذلك ساحلاً من السواحل فهو في جهاد ، ومن نزل ببيت المقدس وما حوله فهو في رباط “.
وهذا حديث مكذوب ، فيه سعيد بن عبد الملك بن واقد ، قال أبو حاتم :” يتكلمون فيه يقال أنه أخذ كتبا لمحمد بن سلمة ، فحدث بها ، ورأيت فيما حدث به أحاديث كذب ” . كذا في “الجرح والتعديل” (4/45)
الثاني : من حديث أبي الدرداء ، وله عنه طريقان :
الأول : أخرجه المشرف بن المرجى في “فضائل بيت المقدس” (ص 324) ، وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (1/282) من طريق هشام بن عمار ، قال أنا أبو مطيع معاوية بن يحيى عن أرطأة بن المنذر عن من حدثه عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” أهل الشام وأزواجهم وذراريهم وعبيدهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون ؛ فمن نزل مدينة من المدائن فهو في رباط أو ثغر من الثغور فهو في جهاد “.
وإسناده ضعيف ، فيه راو لم يسم ، وهو شيخ أرطأة بن المنذر .
وأما الثاني عن أبي الدرداء : فأخرجه ابن عساكر في “تاريخ دمشق” (1/282) من طريق عمرو بن عثمان قال أنا ابن حمير عن سعيد البجلي عن شهر بن حوشب عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” سيفتح على أمتي من بعدي الشام وشيكا ، فإذا فتحها فاحتلها بأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة ، رجالهم ونساؤهم وصبيانهم وعبيدهم ، فمن احتل ساحلا من تلك السواحل فهو في جهاد ومن احتل بيت المقدس وما حوله فهو في رباط “.
وهو طريق ضعيف أيضا ، فيه سعيد البجلي هذا لا يعرف ، وفيه شهر بن حوشب ضعيف مشهور .
وقد ضعف الشيخ الألباني رحمه الله طريق أبي الدرداء كما في “السلسلة الضعيفة” (1548)
وعلى كلٍ : فالحديث لا يصح من طريق معاذ ، ولا بشاهديه طريق أبي هريرة ، وطريق أبي الدرداء .
ومعنى الحديث : أن الشام سيفتحها الله للمسلمين ، وحدُّها من العريش بمصر إلى الفرات بالعراق ، فإذا فتحت فإن أهلها جميعا الرجال والنساء في رباط إلى يوم القيامة .
وختاما : لمن أراد الاستزادة من الأحاديث الصحيحة الواردة في فضائل الشام يمكنه مراجعة كتاب ” تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن علي بن محمد الربعي” للشيخ الألباني رحمه الله ، فهو نافع في بابه ، ونسأل الله أن يرد بيت المقدس للمسلمين ، وأن يعجل بنصره ، إنه قوي متين .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الاسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android