0 / 0

ما معنى ( فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ ) في حديث خلق ابن آدم على ثلاثمائة مفصل ؟

السؤال: 257368

ما معنى ( فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ ) في حديث خلق ابن آدم على ثلاثمائة مفصل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الجملة الواردة في سؤال ، من كلام النبي صلى الله عليه وسلم : ” فإنه يمسي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ” ، وردت في حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (1007) ، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ ، وَحَمِدَ اللهَ ، وَهَلَّلَ اللهَ ، وَسَبَّحَ اللهَ ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ السُّلَامَى ، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ ) .

ومعنى هذا الحديث : أن في بدن الإنسان ثلاثمائة وستين مفصلا ، وهي السُّلَامَى التي جاء ذكرها في الحديث ، والمراد بها جميع عظام البدن ومفاصله .

قال الإمام النووي رحمه الله ، في “شرح مسلم” (5/233) :” وَأَصْلُهُ عِظَامُ الْأَصَابِعِ ، وَسَائِرِ الْكَفِّ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي جَمِيعِ عِظَامِ الْبَدَنِ وَمَفَاصِلِهِ “. انتهى .

وهذه المفاصل والعظام من عظيم نعمة الله على الإنسان ؛ فكان على المسلم شكر الله كل يوم على هذه النعم .

قال ابن بطال رحمه الله في “شرحه على صحيح البخاري” (8/98) :” قال المهلب : على كل واحد منها صدقة لله ، من فعل الطاعة والخير كل يوم ، إذ كل موضع شعرة فما فوقها من جسد الإنسان : عليه فيه نعمة لله ، يلزمه شكره ، والاعتراف بها حين خلقه صحيحًا يتصرف في منافعه وإرادته ، ولم يجعل في ذلك الموضع داء يمنعه ألمه من استعماله والانتفاع به “. انتهى.

وهذا الشكر على هذه المفاصل على درجتين : منها الواجب ، ومنها المستحب .

قال ابن رجب رحمه الله في “جامع العلوم والحكم” (2/717) قال :” وظاهرُ الحديث يدلُّ على أنَّ هذا الشُّكر بهذه الصَّدقة واجبٌ على المسلم كلَّ يوم ، ولكن الشُّكر على درجتين:

إحداهما: واجب ، وهو أنْ يأتي بالواجبات ، ويجتنب المحارم ، فهذا لابدَّ منه ، ويكفي في شكر هذه النِّعم …

الدرجة الثانية من الشكر: الشكر المستحبُّ ، وهو أنْ يعملَ العبدُ بعد أداءِ الفرائض ، واجتنابِ المحارم بنوافل الطَّاعات ، وهذه درجةُ السَّابقين المقرَّبين”. انتهى .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم :” فإنه يمسي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ ” ؛ فمعناه أن نعمة هذه المفاصل لما استوجبت الشكر من العبد أصبح العباد على فريقين : شاكر ، وغير شاكر ، فمن شكر فقد أدى ما عليه ، ونجا من عذاب الله ، ومن غفل ولم يشكر فقد عرض نفسه لعذاب الله تعالى .

قال الطيبي رحمه الله في “شرح المشكاة” (5/1546) :” قوله: (وقد زحزح نفسه) : أي باعدها عن النار، يقال: زحزحه ، أي : نحاه عن مكانه وباعده منه .

أقول: قيَّدَ الفعل بالظرف [يعني قوله : يومئذ]، دلالة علي إيجاب الشكر في كل يوم ، وبالحال [يعني قوله: وقد زحزح ..] ؛ إشعارًا بأن غير الشاكر كائن في النار، ومنغمس فيها ، وبالصدقة يتخلص منها ، ويمضي وما عليه تبعة من ذلك”. انتهى .

ومعنى ذلك : أن العبد بفعله هذه الأعمال يكون قد أدى شكر نعمة الله عليه بهذه المفاصل ، وأعتقها من النار، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في “فتح الباري” (3/308):” تَبَيَّنَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا شُرِعَتْ بِسَبَبِ عِتْقِ الْمَفَاصِلِ ، حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ”. انتهى

والله أعلم . 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android