0 / 0
10,05009/11/2016

مسلمة جديدة يجبرها والدها على التعامل بالربا

السؤال: 260236

أنا مسلمة جديدة قرأت بعض الفتاوي ، وأحببت أن أتأكد أن طريقة التخلص من مال الربا هي صرفه في أوجه الخير والتصدق به . فهل هذه الصدقة تكون للمسلمين فقط ، أو لا يهم من المستلم ؟ أبي جعلني أستثمر جزءاً من مالي في استثمار ربوي ، وأنا طبعاً لا أريد هذا ، لكني خشيت أن يشك ، فقبلت ، وأرجو أن لا يغضب مني الله سبحانه وتعالى. إن شاء الله في المستقبل ، عندما يجعل الله لي مخرجاً برحمته ولطفه ، أملك التحكم الكامل في مالي ، وفي البنوك هنا أجرة يأخذها البنك ، مثل أجرة الخدمة لإيداع المال عندهم، فهل هذه الطريقة مقبولة شرعاً ؟ البنوك هنا حسب علمي ـ والله أعلم ـ ، جميعها تتعامل بالربا، ولديهم هذان الخياران ، وهما الاستثمار الربوي ، أو إيداع المال من دون أخذ العميل للربا ، ولكنهم هنا يأخذون كل شهر هذه الأجرة للخدمة التي ذكرتها، مع العلم أني لا أعلم أين يستعملون هذه النقود فيما بعد ، والله أعلم. فكيف أتخلص من مال الربا خصوصاً ؛ لأني أخاف أن يغضب علي ربي ، أو لا يجيب دعواتي ، وأنا في أمس الحاجة لقبول الله سبحانه وتعالى دعواتي ، ليجعل لي مخرجاً ، ويسهل لي أمر استقلالي عن أهلي ، وأنا خائفة بسبب الوعيد الشديد لمن يستعمل مال الربا، وأنا لم أقبل بأي من هذا أصلاً لكن لا حيلة لدي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

بداية ، نحمد الله على ما من عليك أولا من الهداية إلى نعمة الإسلام ، وكفى بها نعمة ؛ فالحمد لله حمدا كثيرا ، طيبا مباركا ، كما يحب ربنا ويرضى .

ونحمده على أن من عليك بالحرص على التفقه في دينه ، ومعرفة حلاله وحرامه ، والحرص على ذلك ، والجد فيه .

ونسأل الله أن يزيدك إيمانا ، ويقينا ، وهدى ، وأن يجعل لك فرجا ومخرجا ، بمنه وكرمه ، وأن يجعل لك من أمرك يسرا .

ثانيا :

الإيداع في البنك الربوي محرم ، سواء كان بفائدة أو بدون فائدة ؛ لأنه إن كان بفائدة فهو القرض الربوي الصريح ، وإن كان بغير فائدة فهو من إعانة البنك على الربا ، لأنه معلوم أن البنك يستفيد ويتقوى بهذه الأموال .

إلا أن أهل العلم استثنوا حالة خاصة وهي ما إذا خاف الإنسان على ماله ولم يجد مكانا آمنا يحفظ فيه ماله ، فإنه يجوز له الإيداع في البنك الربوي ، من باب أن الضرورات تبيح المحظورات ، وحينئذ يلزمه أن يودع في الحساب الجاري من غير فائدة من باب : الضرورة تقدّر بقدرها ، وارتكاب أخف الضررين ، فهذه حالة مستثناة من عموم الحكم بتحريم الإيداع في البنك الربوي .

وينظر جواب السؤال رقم : (104349) ، ورقم : (82669) .

والحاصل :

 أنه لا حرج عليك في وضع مالك في بنك ربوي ، إذا كنت مضطرة إلى ذلك ، إما لخوفك على المال ، مع عدم قدرتك على وضعه في بنك إسلامي ، أو لأن ظروفك الخاصة تضطرك إلى ذلك .

فإذا كنت مضطرة إلى ذلك ، فضعيه في الحساب الجاري ، من غير فائدة ، لئلا تدخلي مع البنك في معاملة ربوية باختيارك .

وهذا إذا كان ذلك بمقدورك ، وكنت قادرة على دفع ما يطلبه البنك من أجرة على هذا الإيداع ، ولن يسبب لك ذلك إشكالا مع أسرتك .

ولا حرج عليك في هذه الأجرة التي يأخذها البنك ، لأنها أجرة له ، على معاملة مباحة ، وهي حفظه لمالك ، فهو وكيل عنك في حفظ المال ، بأجرة متفق عليها ، وهذا أمر جائز ، لا حرج فيه .

وإن قلنا : إن البنك هنا مقترض ، وليس مجرد وكيل مؤتمن على حفظ المال ، فالممنوع هنا أن يعطي المقترِض ـ وهو هنا البنك ـ مالا ، أو فائدة للمقْرِض ، في مقابلة قرضه ، وهذا ما لم يحدث هنا ، وأما أن يعطي المقرِض أجرة ، أو فائدة ، أو نحو ذلك للمقترض : فلا حرج فيه .

وإنما منعنا من التعامل مع البنوك الربوية بصفة عامة ، ولو كان إيداعا من غير فائدة ، كما في هذه الصورة ، ليس لأن ذلك في نفسه محرم ، ولا لأن الأجرة التي يحصل عليها البنك محرمة ، ولكن لما في ذلك الإيداع من دعم القوة المالية للمصرف الربوي ، وزيادة أرصدته ، واستعانته بها على القروض والتعاملات الربوية المحرمة .

وليس عليك شيء من المسؤولية أو التبعة ، في تصرف البنك فيما قبضه منك من الأجرة ، فهذا حقه أخذه منك ، بمقتضى عقد صحيح ، وانقطعت صلتك به ، وصار ملكا للبنك، يتصرف فيه بما شاء، بمسؤوليته هو .

ثالثا :

وأما ما اهتممت بالسؤال عنه ، وهو كيفية التخلص من مال الربا ؛ فنقول لك نعم : إن الطريقة الصحيحة للتخلص من الكسب الربوي ، وما يشبهه من المكاسب المحرمة : هي إنفاق هذا المال في الصدقات ، ووجوه الخير والبر ، ومنافع المسلمين العامة .

وينظر جواب السؤال رقم: (128878) ، ورقم : (106510) .

فإن قدرت على إخراج هذا المال ، إما كله ، أو بعضه : لفقراء المسلمين ، والمحتاجين منهم ، أو الأعمال الخيرية الإسلامية ، مثل المساجد ، أو المراكز الإسلامية ، أو نحو ذلك من أبواب الخير والبر ، والدعوة إلى الله سبحانه : فهذا هو الذي ينبغي عليك ، ولا شك أن المسلم أحق بمثل ذلك ، ونفعه أولى من نفع من سواه ، والفقراء والمحتاجون فيهم أكثر من غيرهم .

لكن في مثل حالك ، لا يلزمك أن تخصي بها المسلمين ، إذا كنت تخافين من ذلك أن يلفت نظر أسرتك إليك ، أو يثير رِيبتهم ، وشكهم فيك .

فهنا نقول لك :

حاولي أن تخرجي من هذا المال ، ما يمكنك في وجوه الخير للمسلمين ، على النحو السابق . لكن لا تخصيهم به إذا خفت ، بل اجعلي لهم جزءا من ذلك ، لا يثير الريبة فيك ، ولو سرا ، ثم اجعلي الباقي في وجوه الخير العامة ، التي ينتفع بها المسلمون وغيرهم ، كالمستشفيات ، ودور الأيتام ، والأعمال الخيرية ، ونحو ذلك .

وإذا أعطيت جزاء منه للفقراء والمحتاجين ، ولو من غير المسلمين ، فلا حرج عليك ، لا سيما في مثل حالك ، فإن الصدقة على الكافر صحيحة ، ويؤجر عليها صاحبها إن شاء الله .

ومنها : إخراج هذا المال للتخلص منه ، بل الباب فيه أوسع من مجرد الصدقات ، وقد قلنا إنها تجوز على الكافر ، والرخصة فيه أقرب .

لكن عليك أن تنتبهي ألا تكون هذه الجهات الخيرية ، مما يعادي المسلمين ، أو يستخدم هذا المال في الصد عن سبيل الله ، ومحاربة المسلمين ، مثل الجمعيات التبشيرية ، ونحوها .

وإنما الذي يمنع من إعطائه للكافر : فهو زكاة المال المفروضة ، على وجه الخصوص .

وينظر جواب السؤال رقم : (3854) ، ورقم : (178424)  .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android