تنزيل
0 / 0

حول صحة تفسير منسوب إلى عبد الله بن عباس في قوله تعالى ” وإذا النجوم انكدرت” .

السؤال: 260670

أود أن أعلم ما مدى صحة هذا الحديث المنسوب لحبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله ابن عباس رضي الله عنه ، فقد وجدت هذا الحديث في تفسير القرطبي للآية الكريمة رقم 2 من سورة التكوير (وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ) حيث يقول في التفسير: روى أبو صالح عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لا يبقى في السماء يومئذ نجم إلا سقط في الأرض ، حتى يفزع أهل الأرض السابعة مما لقيت وأصاب العليا ) ، يعني الأرض ، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: تساقطت ، وذلك أنها قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة من نور، فإذا جاءت النفخة الأولى مات من في الأرض ومن في السماوات ، فتناثرت تلك الكواكب ، وتساقطت السلاسل من أيدي الملائكة ؛ لأنه مات من كان يمسكها، ويحتمل أن يكون انكدارها طمس آثارها ، وسميت النجوم نجوما لظهورها في السماء بضوئها، وعن ابن عباس أيضا: انكدرت تغيرت فلم يبق لها ضوء لزوالها عن أماكنها ، والمعنى متقارب. وإنني لأعتقد أن هذا الحديث صحيح ؛ لأن البغوي رحمه الله قد فسر هذه الآية الكريمة بما يناسب هذا الحديث حيث قال: (وإذا النجوم انكدرت) ، أي تناثرت من السماء وتساقطت على الأرض ، يقال: انكدر الطائر أي سقط عن عشه ، قال الكلبي وعطاء: تمطر السماء يومئذ نجوماً فلا يبقى نجم إلا وقع. وأيضاً من المعروف عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أنه كان يسأل 30 صحابي بالمسألة سير أعلام النبلاء (3/344) والصحابة عموماً معروف عنهم أنهم ثقة عدول تقبل رواية الواحد منهم ، مصطلح الحديث، ص33 ، قال : إن الصحابة كلهم رضي الله عنهم ثقات عدول تقبل رواية الواحد منهم وإن كان مجهولاً . والله أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

القول المنسوب إلى عبد الله بن عباس رضي الله في تفسير قوله تعالى : ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) التكوير/2 ، والذي أورده السائل الكريم ، بهذا السياق : لم نقف له على إسناد لابن عباس ، وإنما أورده القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن” (19/228) ، والنعماني في “اللباب” (20/176)، وغيرهما من المتأخرين من المفسرين .

وجميع من ذكره : لم يذكر إسنادا لهذا التفسير المنقول عن ابن عباس رضي الله عنه .

وقد عزاه غير واحد إلى الكلبي وعطاء ، كما عند الواحدي في “التفسير الوسيط” (4/428)، قال:” قال الكلبي ، وعطاء: تمطر السماء يومئذ نجومًا ، فلا يبقى نجم في السماء إلا وقع على الأرض ، وذلك أنها في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من النور ، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة ، فإذا مات من في السموات ومن في الأرض ، تساقطت تلك السلاسل من أيدي الملائكة ، لأنه مات من كان يمسكها “. انتهى .

ولم يذكر له إسنادا أيضا .

ثم إن القرطبي إنما نقله عن ابن عباس ، من طريقين كلاهما مرسل .

وبيان ذلك كما يلي :

الأول : طريق أبي صالح عن ابن عباس ، وهو مرسل .

قال ابن حبان في “المجروحين” (2/255) :” أبو صالح لم ير ابن عباس ولا سمع منه شيئا “. انتهى .

وقال ابن عدي في “الكامل” (2/258) :” وَبَاذَامُ هَذَا عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ تَفَاسِيرُ ، وَمَا أَقَلَّ مَا لَهُ مِنَ الْمُسْنَدِ . وَهو يَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ .

وروى عنه ابْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَن أَبِي صالح هذا ، تفسيرا كثيرًا، قدر جزء ؛ وفي ذَلِكَ التَّفْسِيرِ مَا لَمْ يُتَابِعْهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أحدًا من المتقدمين رضيه “. انتهى .

الثاني : طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس

وهو مرسل أيضا حيث لم يسمع الضحاك من ابن عباس شيئا ، كما في “المراسيل” لابن أبي حاتم (152) .

ثانيا :

وأما المنقول عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية فقد جاء من وجهين :

الأول : ما أخرجه الطبري في تفسيره (24/133) من طريق علي بن أبي طلحة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ [التكوير: 2] يَقُولُ:” تَغَيَّرَتْ ” .

وهذا الطريق ، وإن كان فيه انقطاع ، حيث لم يسمع علي بن أبي طلحة من ابن عباس ، كما في المراسيل لابن أبي حاتم (508) وغيره ؛ إلا أن بعض أهل العلم يرى أن الواسطة بين علي بن أبي طلحة وابن عباس هو مجاهد وسعيد بن جبير ، ولذا يقبلون روايته ما لم يكن فيها نكارة أو مخالفة ، قال ابن حجر في “العجاب في بيان الأسباب” (1/207) :” وعلي صدوق لم يلق ابن عباس لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة “. انتهى .  

الثاني : من طريق مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قال :” تساقطت على وَجه الأَرْض “.

وهذا أورده الفيروزأبادي في “تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ” (ص502) . ومعلوم أنه جمعه كله من هذا الطريق ، وهو طريق تالف لا يصح ، فيه محمد بن مروان السدي كذاب ، قال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (8154) :” تركوه واتهمه بعضهم بالكذب “. انتهى .

وكذلك الكلبي كذاب أيضا ، وتفسيره باطل ، حيث قال الثوري : قَالَ لي الْكَلْبِيّ : مَا سمعته مني عَن أبي صَالح عَن ابن عَبَّاس فَهُوَ كذب ، وقال أَحْمد بن هَارُون سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَن تَفْسِير الْكَلْبِيّ فَقَالَ : كذب . قلت : يحل النّظر فِيهِ ؟ قَالَ : لَا ” . كذا في “المجروحين” لابن حبان (2/254).

ثالثا :

وأما تفسير الآية في قوله تعالى : ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) بأن معناها : تساقطت ، فهذا قول كثير من المفسرين كمجاهد ، وقتادة ، والربيع بن خثيم . رواه عنهم الطبري في تفسيره (24/133) .

وهو قول الطبري في تفسيره (24/132) ، وابن جزي في تفسيره (2/455) .

ولكن ذلك لا يدل على صحة الرواية المذكورة عن ابن عباس ، بطولها ، وتفاصيلها ؛ فإن شأن اللفظة المفردة ، التي يدرك تفسيرها من لغة العرب وكلامهم ، يختلف عن تفاصيل الأمور الغيبية ، وما يتعلق بها ، فهذه لا بد لمعرفتها من خبر ثابت ، تقوم به الحجة .

والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android