تنزيل
0 / 0

حول صحة قول مجاهد: يؤتى بثلاثة نفر يوم القيامة .

السؤال: 262228

حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال: يؤتى بثلاثة نفر يوم القيامة ، بالغني وبالمريض والعبد ، فيقول للغني : ما منعك عن عبادتي ؟ فيقول : أكثرت لي من المال فطغيت ، فيؤتى بسليمان بن داود عليه السلام في ملكه فيقال له : أنت كنت أشد شغلا أم هذا ؟ قال : بل هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه شغله عن عبادتي ، قال : فيؤتى بالمريض فيقول : ما منعك عن عبادتي ؟ قال :يا رب أشغلت علي جسدي ، قال : فيؤتى بأيوب عليه السلام في ضره فيقول له : أنت كنت أشد ضرا أم هذا ؟ قال : فيقول : لا بل هذا ، قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني ، قال : ثم يؤتى بالمملوك فيقال له : ما منعك عن عبادتي ؟ فيقول : جعلت علي أربابا يملكونني ، قال : فيؤتى بيوسف الصديق عليه السلام في عبوديته فيقال : أنت أشد عبودية أم هذا ؟ قال : لا بل هذا ، قال : فإن هذا لم يشغله شيء عن عبادتي ..
ما صحة هذا الكلام ؟ وكيف عرف الإمام مجاهد بما يحصل يوم القيامة؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأثر الذي ذكره السائل الكريم أخرجه أبو نعيم في “حلية الأولياء” (3/288) من طريق محمد بن فضيل عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال :” يُؤْتَى بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: بِالْغَنِيِّ ، وَبِالْمَرِيضِ ، وَالْعَبْدِ ….” . إلى آخر الأثر كما ذكره السائل

وهذا الأثر ضعيف الإسناد عن مجاهد بن جبر رحمه الله ، حيث فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف باتفاق ، قال النووي في “تهذيب الأسماء واللغات” (2/75) بعد أن ذكر ليث بن أبي سليم قال :” واتفق العلماء على ضعفه ، واضطراب حديثه ، واختلال ضبطه “. انتهى .

ولو صح عنه فإنه لا حجة فيه لما يلي :

أولا : أن هذا الأثر من قول مجاهد رحمه الله يسميه أهل العلم ” المقطوع ” ، وهو ما جاء التابعي من قوله أو فعله . 

قال ابن الصلاح في كتابه “علوم الحديث” الشهير بمقدمة ابن الصلاح (ص28) :” المقطوع وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم “. انتهى .

ولا شك أن أقوال التابعين ليست بحجة في دين الله عز وجل .

ثانيا : أنه إذا سلمنا أن ذلك الأثر ونحوه : لا يقال بالرأي ، وليس للاجتهاد فيه مجال ، وقلنا : إن مثل ذلك له حكم الرفع ؛ فغايته : أن يكون حديثا مرفوعا ، مرسلا ؛ لأن التابعي إذا روى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، صراحة ، ولم يذكر من حدثه به من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : كان حديثا مرسلا ؛ ومعلوم : أن المرسل من أقسام الحديث الضعيف .

فكيف إذا لم يذكر التابعي أنه تلقى ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا وراه عنه أصلا ؟!

هذا أظهر في ضعفه ، وأبعد عن قيام الحجة به في دين الله .

وينظر: “النكت على ابن الصلاح” للزركشي (2/439) ، “نتائج الأفكار” للحافظ ابن حجر (1/383) .

ثالثا : أن مجاهد بن جبر رحمه الله كان يأخذ عن أهل الكتاب ، ومعلوم أن من يقول في ذلك ونحوه : إن له حكم الرفع ، يشترط في الحكم برفعه : ألا يكون قائله ممن يأخذ عن أهل الكتاب ؛ فإن كان ممن يأخذ العلم عن أهل الكتاب ، لم يحكم لما يقوله في أمور الغيب ونحوها بالرفع ، لاحتمال أن يكون ذلك مما تلقاه عن أهل الكتاب ، فلا تقوم به الحجة .

وقد روى ابن سعد في “الطبقات” (5/466) فقال :” أخبرنا أبو بكر بن عياش قال: قلت للأعمش : ما لهم يتقون تفسير مجاهد :

قال : كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب “. انتهى .

وختاما :

نهيب بإخواننا جميعا خاصة الدعاة إلى الله تعالى الاحتياط في نسبة شيء لدين الله عز وجل خاصة أمور الغيب ، فإنها لا مجال فيها للرأي والاجتهاد ، وفيما صح كفاية ، ولله الحمد .

والله أعلم 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android