في الثانوية بعض المعلمين يحكون لنا قصصا عن الملائكة وعن سيدنا جبريل عليه السلام ، وأن الله عز وجل أمره بأن يقبض روح امرأة فذهب إليها ، فوجدها ترضع صغيرها ، فلم يستطع قبض روحها ، ورجع عنها ثلاث مرات ، وفي الأخير قبض روحها ، وقصصا أخرى . فهل هذه القصص واقعية أم لا أساس لها من الصحة ؟
ينبغي التثبت مما يُروى من القصص قبل روايته ونشره
السؤال: 262232
ملخص الجواب
ينبغي على المسلم التثبت فيما يقصّه ويرويه ، فلا يروي شيئا قبل التأكد من صحته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
على المسلم أن يتثبت مما يروى له ، وما يريد أن يرويه ، فلا يقبل منه إلا ما ثبت ، ، ولا يروي إلا ما عُرفت صحته .
والناس مولعون بالحكايات والطرف، وأكثر أكاذيب الناس في هذا الباب .
وقد روى مسلم في مقدمة الصحيح (1/ 10) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ .
قال النووي رحمه الله عن هذا الحديث ، وما في معناه من الآثار:
" فيها الزَّجْرُ عَنِ التَّحْدِيثِ بِكُلِّ مَا سَمِعَ الْإِنْسَانُ ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ فِي الْعَادَةِ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ ؛ فَإِذَا حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ فَقَدْ كَذَبَ ، لِإِخْبَارِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ " .
انتهى من"شرح النووي على مسلم" (1/ 75) .
وانظر السؤال رقم : (14212) .
ثانيا :
الملائكة من عالم الغيب ، والغيب لا نتكلم عنه إلا بما ثبت لدينا مما صح وثبت من الأخبار ، أما ما لم يصح ، فلا يجوز التكلم به عن أمر غيبي ، فالواجب علينا الإيمان بالملائكة، والإيمان بالغيب ، والإيمان بأن الغيب لله، وليس لنا أن نتكلم في الغيب إلا بما ثبت في نصوص الشرع.
وينظر السؤال رقم : (843).
ثالثا :
الموكل بقبض الأرواح هو ملك الموت عليه السلام ، وليس جبريل عليه السلام ، فإن جبريل موكل بالوحي.
انظر: "فتح الباري" (6/ 307).
وينظر السؤال رقم : (40671)، (130912).
رابعا:
هذه القصة المشار إليها لا نعلم لها أصلا في كتب أهل السنة ، وهي بهذا السياق أو ما يشبهه قصة منكرة ، لأن ملك الموت إذا أمره الله بقبض روح عبد ، قبضه دون تردد أو تأخر أو نظر ، وليس هو أرحم بالعباد من خالقهم ، ولا أرأف بهم من رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، حاشاه من كذب المفترين ، وتقول المتقولين .
فقوله إنه ذهب إلى المرأة لقبض روحها فوجدها ترضع طفلها ، فلم يستطع أن يقبض روحها ، قول باطل من وجهين :
أولا: أن الله تعالى أرحم بها وبطفلها من ملك الموت ، فكيف يقال إن ملك الموت لم يقبض روحها رحمة بها أو بصغيرها؟!
وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: " قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ، تَبْتَغِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ، أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا: لَا، وَاللهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا " .
رواه البخاري (2754)، ومسلم (2754).
ثانيا: ملك الموت أو غيره من ملائكة الله تعالى يفعلون ما يؤمرون دون تردد أو تأخر ، ولا يعصون الله طرفة عين ، كما قال تعالى : لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ التحريم/6 .
" أَيْ: مَهْمَا أَمَرَهُمْ بِهِ تَعَالَى ، يُبَادِرُوا إِلَيْهِ، لَا يَتَأَخَّرُونَ عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ " .
انتهى من"تفسير ابن كثير" (8/ 168) .
فالحذر الحذر من تلك القصص والروايات والأخبار التي ليس لها أصل ، ولا يعرف الإنسان مخارجها، ولا من رواها، وهل هي صحيحة أم غير صحيحة.
وإنما ينشغل المسلم بما صح من الأخبار والحكايات، دون ما لم يصح، فضلا عما لا أصل له، ففيما صح الكفاية والبركة .
والله تعالى أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة