تنزيل
0 / 0

حول صحة حديث عن الدجال

السؤال: 264264

اطلعت على حديث طويل فى أحد المواقع الإسلامية ونسب لمسند أبي شيبة ، قال عثمان أبى العاص : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يكون للمسلمين ثلاثة أمصار : مصر بملتقى البحرين ، ومصر بالجزيرة ، ومصر بالشام ، فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال …..الحديث
هل صح ثبوت هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وماهو معناه على فرضية عدم صحته ؟
وهل صحت أقوال عن السلف فى ثبوت والدين للدجال غير أحادبث بن صياد ؟
وانتشر فى مواقع التواصل أن الدجال عينة كأنها نخأمة على حائط مخصص ، فهل ثبت هذا الوصف ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

المسيح الدجال من أعظم الفتن التي تكون آخر الزمان ، وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله منها ، وقد جاء في السنة الأحاديث الكثيرة الصحيحة في وصفه وصفا دقيقا ، وهناك أحاديث أخرى ضعيفة ومنها الموضوع المكذوب في شأنه أيضا ، ومن أراد الازدياد فليرجع إلى كتاب “قصة المسيح الدجال” للشيخ الألباني رحمه الله فإنه نافع في بابه .

أما الحديث الذي أورده السائل فهو ضعيف ، ولم يخرجه ابن أبي شيبة في مسنده ، وإنما أخرجه أحمد في “مسنده” (17900) ، والطبراني في “المعجم الكبير” (9/60) ، وابن أبي شيبة في “مصنفه” (37478) ، وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (1/197) ، من طريق حماد بن سلمة عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ:

أَتَيْنَا عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ لِنَعْرِضَ عَلَيْهِ مُصْحَفًا لَنَا عَلَى مُصْحَفِهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ أَمَرَنَا فَاغْتَسَلْنَا ، ثُمَّ أُتِينَا بِطِيبٍ فَتَطَيَّبْنَا ، ثُمَّ جِئْنَا الْمَسْجِدَ ، فَجَلَسْنَا إِلَى رَجُلٍ ، فَحَدَّثَنَا عَنِ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ ، فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَجَلَسْنَا ، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

( يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ أَمْصَارٍ: مِصْرٌ بِمُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ ، وَمِصْرٌ بِالْحِيرَةِ ، وَمِصْرٌ بِالشَّامِ ، فَيَفْزَعُ النَّاسُ ثَلَاثَ فَزَعَاتٍ ، فَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ ، فَيَهْزِمُ مَنْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ .

فَأَوَّلُ مِصْرٍ يَرِدُهُ الْمِصْرُ الَّذِي بِمُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ ، فَيَصِيرُ أَهْلُهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَقُولُ: نُشَامُّهُ ، نَنْظُرُ مَا هُوَ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بالْأَعْرَابِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ ، وَمَعَ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ ، وَأَكْثَرُ تَبَعِهِ الْيَهُودُ وَالنِّسَاءُ .

ثُمَّ يَأْتِي الْمِصْرَ الَّذِي يَلِيهِ فَيَصِيرُ أَهْلُهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَقُولُ: نُشَامُّهُ وَنَنْظُرُ مَا هُوَ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بالْأَعْرَابِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ بِغَرْبِيِّ الشَّامِ .

وَيَنْحَازُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَقَبَةِ أَفِيقٍ ، فَيَبْعَثُونَ سَرْحًا لَهُمْ ، فَيُصَابُ سَرْحُهُمْ ، فَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَتُصِيبُهُمْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ ، وَجَهْدٌ شَدِيدٌ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُحْرِقُ وَتَرَ قَوْسِهِ فَيَأْكُلُهُ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّحَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَتَاكُمُ الْغَوْثُ ، ثَلَاثًا ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا لَصَوْتُ رَجُلٍ شَبْعَانَ ، وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، فَيَقُولُ لَهُ أَمِيرُهُمْ: يا  رُوحَ اللهِ ، تَقَدَّمْ صَلِّ ، فَيَقُولُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَرَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَيَتَقَدَّمُ أَمِيرُهُمْ فَيُصَلِّي ، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ ، أَخَذَ عِيسَى حَرْبَتَهُ ، فَيَذْهَبُ نَحْوَ الدَّجَّالِ ، فَإِذَا رَآهُ الدَّجَّالُ ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ ، فَيَضَعُ حَرْبَتَهُ بَيْنَ ثَنْدُوَتِهِ ، فَيَقْتُلُهُ وَيَنْهَزِمُ أَصْحَابُهُ ، فَلَيْسَ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ يُوَارِي مِنْهُمْ أَحَدًا ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقُولُ يَا مُؤْمِنُ ، هَذَا كَافِرٌ وَيَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُؤْمِنُ هَذَا كَافِرٌ “. انتهى

وإسناده ضعيف ، لأجل علي بن زيد بن جدعان ، فقد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي ، انظر “تهذيب الكمال” (20/437) ، وقال ابن سعد في “الطبقات” (7/252) :” كَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ ” ، وقال أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (6/187) :” ليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به “. وقال ابن حبان في “المجروحين” (673) :” وَكَانَ يهم فِي الْأَخْبَار ويخطئ فِي الْآثَار حَتَّى كثر ذَلِك فِي أخباره وَتبين فِيهَا الْمَنَاكِير الَّتِي يَرْوِيهَا عَن الْمَشَاهِير فَاسْتحقَّ ترك الِاحْتِجَاج بِهِ ” ، وقال النووي في “تهذيب الأسماء واللغات” (428) :” وهو ضعيف عند المحدثين “.

والحديث ضعفه البوصيري في “إتحاف الخيرة” (8/141) فقال :” رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَأَبُو يَعْلَى ، وَمَدَارُ أَسَانِيدِهِمْ عَلَى ابْنِ جُدْعَانَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ “. انتهى .

وقال الشيخ الألباني في “قصة المسيح الدجال” (ص96) :” ورجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن زيد – وهو ابن جدعان – وهو ضعيف “. انتهى

وقد وردت متابعة له لكنها لا تصح ، من طريق أيوب السختياني، أخرجها الحاكم في “المستدرك” (8473) من طريق سعيد بن هبيرة قال ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ به .

وهذا الطريق ضعفه الذهبي ، كما في “مختصر تلخيص الذهبي” لابن الملقن (111) فقال :” قلت: فيه سعيد بن هبيرة ، وهو واه “. انتهى .

وسعيد هذا قال فيه ابن حبان في “المجروحين” (406) :” كَانَ مِمَّن رَحل وَكتب ، وَلَكِن كثيرا مَا يحدث بالموضوعات عَن الثِّقَات : كَأَنَّهُ كَانَ يَضَعهَا ، أَوْ تُوضَع لَهُ فيجيب فِيهَا ، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال “. انتهى .

ثانيا :

بعض الجمل التي وردت في الحديث لها شواهد ، في الأحاديث الثابتة .

فمن ذلك ما يلي :

قوله :” وَمَعَ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ ، وَأَكْثَرُ تَبَعِهِ الْيَهُودُ وَالنِّسَاءُ ” .

لها شاهد عند مسلم في صحيحه (2944) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ ، سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ ” .

قوله :” وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، فَيَقُولُ لَهُ أَمِيرُهُمْ: يا  رُوحَ اللهِ ، تَقَدَّمْ صَلِّ ، فَيَقُولُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَرَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَيَتَقَدَّمُ أَمِيرُهُمْ فَيُصَلِّي “.

لها شاهد عند مسلم في صحيحه (156) من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا ، وفيه :” فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا ، فَيَقُولُ: لَا ، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ “.

 قوله :” فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ ، أَخَذَ عِيسَى حَرْبَتَهُ ، فَيَذْهَبُ نَحْوَ الدَّجَّالِ ، فَإِذَا رَآهُ الدَّجَّالُ ، ذَابَ ، كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ “.

لها شاهد عند مسلم في صحيحه (2897) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا ، وفيه :” فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّهُمْ ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ ” .

قوله :” وَيَنْهَزِمُ أَصْحَابُهُ ، فَلَيْسَ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ يُوَارِي مِنْهُمْ أَحَدًا ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقُولُ يَا مُؤْمِنُ ، هَذَا كَافِرٌ وَيَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُؤْمِنُ هَذَا كَافِرٌ “.

لها شاهد من حديث أخرجه مسلم في صحيحه (2922) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي ، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الْغَرْقَدَ ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ “.

ثالثا :

وأما على فرض صحة الحديث ، وهو ضعيف كما قدمنا ، فمعناه على النحو التالي :

يكون للمسلمين ثلاثة أمصار ، وهي المدن التي استحدثت ولم تكن من قبل ، فيخرج المسيح الدجال في أعراض الناس ، وفي لفظ ” في عراض جيش” ، قال السندي في “حاشيته على مسند الإمام أحمد” (4/278) :” أي في نواحيهم لا في خواصهم ” .

فيهزم الدجالُ الجيش الذي يقابله من قبل المشرق ، ثم يذهب إلى هذه الأمصار ، ويكون مع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان وهي الطيلسان الخضر ، قال ابن الأثير في “النهاية” (2/432) :” السّيجان جمع ساجٍ وهو الطَّيْلَسَان الأخَضَرُ . وقيل هو الطيلسان المقوَّر يُنسَج كذلك ، كأنّ القَلانِس كانت تُعْمل منها أو من نوعِها “. انتهى .

وأكثر أتباعه من اليهود والنساء ، فأول مصر يدخله ، هو المصر الذي بملتقى البحرين ، فينقسم أهل ذاك المصر إلى ثلاث فرق : الأولى تقول ” نشامه ” قال السندي في “حاشيته” (4/278) :” بتشديد الميم وضم حرف المضارعة ، أي نختبره وننظر ما عنده “. انتهى .

وفرقة تلحق بالأعراب ، والفرقة الثالثة تنحاز بالمصر الي يليهم .

ثم يأتي المصر الذي يليه ، فينقسم أهله ثلاث فرق ، فرقة تشامه ، أي تختبر ما عنده ، وفرقة تلحق بالأعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليه غربي الشام .

وينحاز ، أي : يجتمع – كما قال السندي في “حاشيته” (4/278) – المسلمون إلى عَقبة أَفِيق ، وهو موضع بنواحي الأردن ، قال الزبيدي في “تاج العروس” (25/15) :” بينَ حَورانَ والغَوْرِ ، وهو الأرْدُنُّ ، ومنه عَقَبَةُ أفِيقٍ “. انتهى .

فيبعثون سرحا ، قال السندي في “حاشيته” (4/278) :” أي : ماشية “.

فتصاب هذه الماشية ، ويأخذهم جوع ، وجهد شديد ، حتى إن أحدهم ليُحرق وتر القوس ليأكله!!

وبينما هم في هذه الشدة والجوع ، إذ سمعوا مناديا في وقت السحر يقول :” أتاكم الغوث ” ثلاثا… ؛ فحينئذ ينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر ، فيقدمه الأمير للصلاة فيأبى المسيح عيسى عليه السلام ، ويصلي الأمير بالناس ، ثم يأخذ عيسى عليه السلام حربته ، ويذهب إلى الدجال فإذا رأى الدجالُ المسيحَ عيسى ذاب الدجال كما يذوب الملح ، فيقتل المسيحُ عيسى عليه السلام الدجالَ بحربته حتى تقع في ثندوته وهي لحم الثدي . قال ابن منظور في “لسان العرب” (3/106) :” الثُّنْدُوَةُ لحم الثَّدْي ، وقيل : أَصله . وقال ابن السكيت هي الثَّنْدُوَة، للحم الذي حول الثَّدْي “. انتهى ، وينهزم أصحاب الدجال من اليهود ، وينطق الحجر والشجر فيقول :” يا مؤمن هذا كافر “.

رابعا :

وأما سؤال السائل الكريم عن والدَي الدجال غير ما جاء في أحاديث ابن صياد ، فلم نقف على شيء مسند ، أو قول لبعض السلف في والدي الدجال ، إلا ما ورد في شأن ابن صياد .

وقد سبق بيان الخلاف في “ابن صياد” ، وهل هو الدجال أم لا ؟ في جواب السؤال رقم (8301).

خامسا :

وأما ما جاء في السؤال عن عين الدجال أنها كنخأمة على حائط مخصص :

فقد ورد في ذلك حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، رُوي عنه من طريقين ، كلاهما ضعيف ، واللفظ الوارد في الطريق الأول :” كَأَنَّهَا نُخَامَةٌ فِي حَائِطٍ مُجَصَّصٍ ” ، واللفظ الوارد في الطريق الثاني :” كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي جَنْبِ حَائِطٍ “.

أما الطريق الأول فأخرجه أحمد في “مسنده” (11752) ، والخطيب في “الفقيه والمتفقه” (938)، من طريق مجالد بن سعيد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:” إِنِّي خَاتَمُ أَلْفِ نَبِيٍّ ، وَأَكْثَرُ مَا بُعِثَ نَبِيٌّ يُتَّبَعُ ، إِلَّا قَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ ، وَإِنِّي قَدْ بُيِّنَ لِي مِنْ أَمْرِهِ مَا لَمْ يُبَيَّنْ لِأَحَدٍ ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، وَعَيْنُهُ الْيُمْنَى عَوْرَاءُ جَاحِظَةٌ ، وَلَا تَخْفَى كَأَنَّهَا نُخَامَةٌ فِي حَائِطٍ مُجَصَّصٍ ، وَعَيْنُهُ الْيُسْرَى كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ، مَعَهُ مِنْ كُلِّ لِسَانٍ ، وَمَعَهُ صُورَةُ الْجَنَّةِ خَضْرَاءُ ، يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ ، وَصُورَةُ النَّارِ سَوْدَاءُ تَدَّاخَنُ “.

والحديث ضعيف لأجل مجالد بن سعيد ، فقد ضعفه يحيى بن سعيد القطان كما في “الضعفاء الصغير” للبخاري (368) ، والنسائي كما في “الضعفاء والمتروكون” (552) ، وابن سعد في “الطبقات” (6/349) ، وقال الدارقطني في “الضعفاء والمتروكين” (531) :” ليس بقوي” ، وقال أحمد :” ليس بشيء يرفع حديثا كثيرا لا يرفعه الناس ، وقد احتمله الناس ” ، وقال ابن معين :” لا يحتج بحديثه ” ، وقال مرة :” مجالد ضعيف واهي الحديث ” ، وقال أبو حاتم :” لا يحتج بحديثه ، ليس مجالد بقوى الحديث “. انظر هذه الأقوال في “الجرح والتعديل” (8/361) ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (3/10) :” وَكَانَ رَدِيء الْحِفْظ يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع الْمَرَاسِيل لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ “. انتهى .

وأما الطريق الثاني فأخرجه أبو يعلى في “مسنده” (1074) ، وعبد بن حميد كما في “المنتخب من مسنده” (895) ، والحاكم في “المستدرك” (8621) ، وأحمد بن منيع في مسنده كما في “المطالب العالية” (4648) ، جميعا من طرق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بنحوه .

وإسناده ضعيف جدا أيضا لأجل عطية العوفي ، قال الذهبي في “ديوان الضعفاء” (2843) :” مجمع على ضعفه “.

والحديث ضعفه البوصيري من الطريقين فقال في “إتحاف الخيرة” (8/136) :” وَمَدَارُ طُرِقِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا عَلَى عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مُخْتَصَرًا جِدًّا بِسَنَدٍ فِيهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ “. انتهى .

وقال الحافظ ابن حجر في “المطالب العالية” (13/33) بعد ذكره رواية أبي سعيد هذه قال :” وفي سياق هذا بعض مخالفة ، وما في الصحيح أصح “. انتهى

والذي ورد في الطرق الصحيحة في صفة عينه أنها كعنبة طافية .

وهذا أخرجه البخاري (3439) ومسلم (169) أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ” إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، أَلاَ إِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ “.

وفي صحيح مسلم (2933) قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (كَافِرٌ) ، ثُمَّ تَهَجَّاهَا ك ف ر ؛ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ ” .

وفي صحيح مسلم أيضا (2943) أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :” وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ “.

وتفسير ذلك كما قال القاضي عياض في “إكمال المعلم” (1/521) قال :” وقوله: ” كأنَّ عينَهُ عنبة طافية “، قال الإمام: قال الأخفش: طافيةٌ بغير همز، أي ممتلئة ، قد طفَّت وبرزت ، قال غيره: ” وطافئةٌ ” بالهمز، أي قد ذهب ضوؤها وتقبَّضت.

قال القاضي: روايتنا في هذا الحرف عن أكثر شيوخنا بغير همز ، وتفسيرها بما تقدَّم ، وهو الذى صحَّحه أكثرهم ، وأنها ناتئةٌ كنتوء حبَّة العنب من بين صواحبها .

ووقع عند بعض شيوخنا مهموزاً ، وأنكره بعضهم ، ولا وجه لإنكاره ، وقد وصف في الحديث أنه ممسوخ العين وأنها ليست حجراءَ  ولا ناتئة ، وأنها مطموسة ، وهذه صفة حبة العنب إذا طفئت وسال ماؤها ، وبهذا فسَّر الحرف عيسى بن دينار ، وهذا يُصحِّحُ رواية الهمز .

وعلى ما جاء في الأحاديث الأخَر: ” جاحظ العين ، وكأنها كوكب “، وفى رواية: ” عوراء نحفاء، ولها حدقةٌ جاحظةٌ ، كأنها نُخاعةٌ في حائط مجصَّصٍ ” تصح رواية غير الهمز .

لكن يجمع بين الأحاديث ، وتصح الروايتان جميعاً ، بأن تكون المطموسَة والممسوحة والتي ليست بحجراء ولا ناتئة : هي العوراء الطافئة بالهمز ، والعين اليُمنى على ما جاء هنا .

وتكون الجاحظة ، والتي كأنها كوكبٌ ، وكأنها نخاعة : هي الطافية بغير همز؛ العين الأخرى ، فتجتمع الروايات والأحاديث ولا تختلف .

وعلى هذا تجتمع رواية أعور العين اليمنى مع أعور العين اليسرى ، إذ كل واحدة منهما بالحقيقة عوراء ، إذ الأعور من كل شيء المعيب ، ولا سيما بما يختص بالعين، وكلا عيني الدجال معيبة عوراء ، فالممسوحة والمطموسة والطافئة ، بالهمز : عوراء حقيقة . والجاحظة التي كأنها كوكب ، وهى الطافية – بغير همز – معيبة : عوراء لعيبها ، فكل واحدة منهما عوراء ، إحداهما بذهابها ، والأخرى بعيبها “. انتهى .
وقال ابن حجر في “الفتح” (13/98) :” وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَخْبَارِ : أَنَّ الصَّوَابَ فِي (طَافِيَةٍ) : أَنَّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ ؛ فَإِنَّهَا قُيِّدَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ بِأَنَّهَا الْيُمْنَى . وَصَرَّحَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَسَمُرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ : بِأَنَّ عَيْنَهُ الْيُسْرَى مَمْسُوحَةٌ ، وَالطَّافِيَةُ هِيَ الْبَارِزَةُ ، وَهِيَ غَيْرُ الْمَمْسُوحَةِ “. انتهى .

وختاما : نسأل الله تعالى أن يعصمنا والمسلمين من فتنة المسيح الدجال ، آمين .

والله أعلم . 

المصدر

موقع الاسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android