0 / 0
10,18708/04/2018

الأدلة على جواز الجمع بين نية الدين والدنيا في طلب العلم .

السؤال: 265925

أريد أدلة مفصلة على جواز الجمع بين نية الدين والدنيا في طلب العلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

المسلم إذا أراد بعلمه الأجرين والحسنيين : أجر الدنيا وأجر الآخرة فلا حرج عليه .

فيجوز أن ينوي نيتين : نية طلب العلم ، وأن ينفع نفسه والمسلمين ، وكذلك ينوي في نفس الوقت الحصول على الشهادة لأجل الوظيفة والراتب .

أما إذا كانت نيته بطلبه للعلم – ونعني به : العلم الشرعي – محصورة في الوظيفة من أجل الراتب ، أو المنصب ونحو ذلك من أمور الدنيا، ولم ينو الاستعانة على طاعة الله ولا نفع المسلمين ، ولا غير ذلك من النيات الصالحة ، فهو على خطر عظيم ، ويدخل في الوعيد الشديد الوارد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله عز وجل ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني : ريحها .

رواه أبو داود ( 3664) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .

فالحصر في الحديث واضح (لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا) ، ومن تعلم العلم حاصرا نيته على أمر الدنيا ، فهو داخل في الوعيد .

ومن الأدلة على جواز جمع نية الأجر الدنيوي والأجر الأخروي :

– قوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 -3 ، وهذا ترغيب في التقوى بأمر دنيوي ، وهو المخرج من كل ضيق ، وسعة الرزق .

– وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن سرَّه أن يُبسط له في رزقه ، أو يُنسأ له في أثره ، فليصِل رحِمَه ) رواه البخاري ( 1961 ) ، ومسلم ( 2557 ) .

– وقال صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه وقد جاءه يسأله مهر زوجته ، فقال : ( مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِى بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ ) ، قَالَ : فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِى عَبْسٍ ، بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ. رواه مسلم (3551) ، فقد وعده النبي صلى الله عليه وسلم : أنه إذا حضرت غزوة ، سوف يبعثه فيها ، لعله يحصل له من غنائمها، ما يستعين به على مهره ، وهذا جمع ظاهر بين نية الجهاد ، لنشر التوحيد ، ولتكون كلمة الله هي العليا ، والخروج في ذلك البعث لتحصيل الرزق .

– وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – عام حنين – : (من قتل قتيلا له عليه بيّنة فله سلَبه) رواه البخاري ( 2973 ) ، ومسلم ( 1751 ) و(السلب) هو ما على المقاتل من ثياب وسلاح ونحو ذلك.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

“الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين : حسنى الدنيا ، وحسنى الآخرة فلا شيء عليه في ذلك ؛ لأن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 -3 ، وهذا ترغيب في التقوى بأمر دنيوي” انتهى من “مجموع الفتاوى” (2/208) .

وسئل رحمه الله :

جاءت أدلة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك نوعا من الطاعات إذا فعلها الإنسان يؤجر عليها في الدنيا والآخرة, مثل: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب) ، وكذلك أيضا: (ما نقص مال من صدقة) ، كذلك: (صلة الرحم وبر الوالدين تطيل في العمر وتكثر الرزق) ، فهل الإنسان إذا فعل هذه الطاعة لكي يُكَثر ماله ، ويطيل في عمره يؤجر في الآخرة؟

فأجاب :

نعم ؛ هذا سؤال مهم, الشريعة الإسلامية والحمد لله جاء فيها حوافز دينية ودنيوية، لأن الله تعالى علم نقص العبد ، واحتياجه إلى ما يشجعه، ونقص العبد واحتياجه إلى ما يردعه، فجاءت الأعمال الصالحة يذكر فيها ثواب الآخرة وثواب الدنيا، تشجيعا للمرء ، لأن المرء محتاج لهذا في الدنيا والآخرة ، كما قال الله عز وجل: (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب) .

فلا حرج على الإنسان أن يعمل العمل الصالح ملاحظا ما رتب عليه من ثواب الدنيا، ولا ينقص أجره شيئا؛ لأنه لو كان هذا ينقص العبد شيئا، ما ذكره الله ورسوله .

لكن هذه من باب الحوافز، ثم ما يحصل للقلب من الطاعات جدير بأن يشجع الإنسان عليها. كذلك بالعكس النواهي, جاءت الحدود والتعزيرات حتى يرتدع الناس عما فيه الحد, فالزنا حده للبكر أن يجلد مائة جلدة ، ويطرد من البلد لمدة سنة, وفي الثيب أن يرجم, الإنسان ربما يكون عنده ضعف إيمان ، ولا يردعه عن الزنا إلا مثل هذه العقوبات .

فهذه من حكمة الشرع, حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في بعض غزواته: (من قتل قتيلا فله سلبه) أي: ما معه من سلاح وثياب وغيرها ” .

انتهى من “لقاءات الباب المفتوح” اللقاء رقم (211) .

وقال رحمه الله :

“وضع الراتب للأئمة والمؤذنين والمعلمين والمدرسين والدارسين : فهذا من باب التشجيع على الخير، ولا بأس به، وكان النبي عليه الصلاة والسلام في غزواته يجعل جعلاً ينشط الغزاة على القتال، حتى قال: (من قتل قتيلاً فله سلبه) ، أي: ما عليه من الثياب والرحل وما أشبه ذلك مما يعد سلباً، كل هذا من باب التشجيع على الخير، ولا حرج على الإنسان أن يأخذ بدون طلب، المشكل أن يطلب زيادة على وظيفة دينية…

بعض الناس يقول: إن أخذه الراتب على الإمامة ينقص من إخلاصه، وهذا غير صحيح، ينقص من إخلاصه إذا كان لا يصلي إلا لأجله، أما إذا كان يصلي لله عز وجل ، ويستعين بما يأخذه على نوائب الدنيا فلا بأس بذلك” انتهى من “اللقاء الشهري” رقم (38) .

وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي :

“ومن الأدلة على صحة هذا القول : قول الحق تبارك وتعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ) فإنها نزلت -كما صح- في أقوام يريدون الحج والتجارة، فالحج عبادة ، والتجارة دنيا، فلم يقدح في إرادة الآخرة وجود حظ الدنيا ” انتهى من “شرح زاد المستقنع” (1/17) بترقيم الشاملة.

وينظر جواب السؤال : (84018) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android