هل الوسيلة أعلى درجة في جنة الفردوس الأعلى ؟ وهل ثبت أن أهل البقيع يحشرون مع النبي في أرض المحشر ؟
هل الوسيلة أعلى درجة في جنة الفردوس الأعلى ؟
السؤال: 268496
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
روى البخاري (2790) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ ) .
وقد تقدم بيان أن : ” جنّة الفردوس أَعلَى الْجنان وَأَشْرَفهَا وأنورها وأجلّها لقربها من الْعَرْش “.
انتهى من ” الفوائد ” (ص 27) .
وتقدم أيضا أن الوسيلة درجة في الجنة ، هي أعلى درجاتها ، لا درجة أعلى منها ، لا ينالها إلا رجل واحد ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم .
ينظر جواب السؤال رقم (248223) .
وروى الترمذي (3612) عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الوَسِيلَةُ ؟ ، قَالَ : ( أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الجَنَّةِ ؛ لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو َ) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وروى أحمد (11783) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْوَسِيلَةُ دَرَجَةٌ عِنْدَ اللهِ لَيْسَ فَوْقَهَا دَرَجَةٌ ، فَسَلُوا اللهَ أَنْ يُؤْتِيَنِي الْوَسِيلَةَ ).
قال ابن القيم :
” لما كان العرش أقرب إلى الفردوس مما دونه من الجنات ، بحيث لا جنة فوقه دون العرش = كان سقفا له دون ما تحته من الجنات ” انتهى، من “حادي الأرواح” (67).
وقال أيضا :
” وسميت درجة النبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة ؛ لأنها أقرب الدرجات إلى عرش الرحمن ، وهي أقرب الدرجات إلى الله ، وأصل اشتقاق لفظ الوسيلة من القرب ، وهي فعيلة من وسل إليه ، إذا تقرب إليه ؛ قال لبيد:
بلى كُلُّ ذِي رَأْيٍ إلى الله وَاسِلُ
ومعني الوسيلة من الوصلة ، ولهذا كانت أفضل الجنة وأشرفها وأعظمها نورا ” انتهى، من “حادي الأرواح” (79).
وانظر للفائدة جواب السؤال (135085).
وجمع العلماء بين الأحاديث التي فيها أن “الفردوس” أعلى الجنة ، وبين الأحاديث التي فيها أن “الوسيلة” أعلى الجنة ، بأن الفردوس ، عدة درجات ، أعلى درجة فيها هي درجة الوسيلة ، التي هي خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته (318) :
لكنما الفــــــــــــــــردوسُ أعلاها وأو… سطها مساكنُ صفوةِ الرحـــمـــنِ
أعلاه منزلةً لأعلى الخلق منـ … ـــــــزلةً هـــو المبعــــــــــوثُ بالقـــــــــرآنِ
وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة … خلصت له فضلا من الرحمنِ
قال الشيخ محمود خليل هراس -رحمه الله- في شرح النونية (2/357):
“وأعلى منزلة في الفردوس هي الوسيلة ، التي خص الله بها نبينا -صلى الله عليه وسلم-، الذي هو أعلى الخلق منزلةً ، فهي خالصةٌ له من دون الناس ، فضلا من الله عز وجل على حبيبه وأكرم خلقه” انتهى.
وقال المناوي رحمه الله في “فيض القدير” (1/473) : “وجُمع : بأن الفردوس أعلى الجنة ، وفيه درجات أعلاها الوسيلة ، ولا مانع من انقسام الدرجة الواحدة إلى درجات بعضها أعلى من بعض” انتهى .
ثانيا :
لم يثبت أن أهل البقيع يحشرون مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في أرض المحشر .
وقد أخرج الترمذي في سننه (6/63) بشار برقم (3692) عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( أَنا أولُ مَنْ تَنْشَقُّ عنه الأرضُ يوم القيامة، ثم أبو بكر، ثم عمر، فنأتي البقيعَ ، فيُحشرون معي، ثم ننتظرُ أهل مَكَّةَ، حتى نحشر بين أهل الحرمين ) .
قال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (2/ 466): ” وهو حديث منكر جدًا “.
وأورده ابن الجوزي في “العلل المتناهية في الأحاديث الواهية” (2/432) وقال : ” هذا حديث لا يصح ، ومدار الطرق على عبد الله بن نافع ، قال يحيى : ليس بشيء . وقال علي : يروي أحاديث منكرة . وقال النسائي : متروك . ثم مدارها أيضا على عاصم بن عمر ، ضعفه أحمد ويحيى ، وقال ابن حبان : “لا يجوز الاحتجاج به ” .
وعاصم بن عمر -الذي عليه مدار الحديث- ذكره ابن حبان في “المجروحين” (2/127) وقال: ” منكر الحديث جدا ، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ، لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات ” .
وقال الشيخ الألباني في “ضعيف موارد الظمآن” (163) : ” ضعيف – “الضعيفة” (2949)، لكن الانشقاق عنه – صلى الله عليه وسلم – صحيح ” انتهى .
وقد سبق في جواب السؤال (229224): لا نعلم خصوصية لمن يقبر في البقيع ؛ فقد قبر فيها المؤمنون المتقون ، كما قبر بها رأس النفاق عبد الله بن أبيّ ابن سلول ، وغيره من المنافقين .
وقد روى الإمام مالك رحمه الله في “الموطأ” (2842) عن سلمان رضي الله عنه قال : ” إِنَّ الْأَرْضَ لاَ تُقَدِّسُ أَحَداً، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الْإِنْسَانَ عَمَلُهُ ” .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة