تنزيل
0 / 0
53,98009/06/2017

تفسير آية سورة الحشر : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ..) الآية

السؤال: 268983

استوقفتني الآية 7 من سورة الحشر ، في تفسير ” المختصر في تفسير القرآن ” ، إن ما أنعم الله على رسوله أموال أهل القرى ، فجزء منها لذوي قرابته صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وبني المطلب تعويضا لهم عما منوعه من الصدقة ، برجاء توضيحها أكثر .

ملخص الجواب

ملخص الجواب : حرم الله الصدقة على محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وقد جعل الله لقرابة النبي صلى الله عليه نصيبًا من الفيء، تعويضًا لهم عن منعهم من الصدقة .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا:

أما قوله تعالى: ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7].

جاء في المختصر في تفسير القرآن، ما نصه: ” ما أنعم الله على رسوله من أموال أهل القرى من غير قتال فللَّه، يجعله لمن يشاء، وللرسول مُلْكًا، ولذوي قرابته من بني هاشم وبني المطلب؛ تعويضًا لهم عما مُنِعوه من الصدقة، وللأيتام، وللفقراء، وللغريب الَّذي نفدت نفقته؛ لكي لا يقتصر تداول المال على الأغنياء دون الفقراء، وما أعطاكم الرسول من أموال الفيء فخذوه -أيها المؤمنون- وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، إن الله شديد العقاب فاحذروا عقابه “، المختصر: (546).

وقال الشيخ السعدي رحمه الله ، في بيانه لهذه الآيات :

” ولما لام بنو النضير رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين في قطع النخيل والأشجار، وزعموا أن ذلك من الفساد، وتوصلوا بذلك إلى الطعن بالمسلمين = أخبر تعالى أن قطع النخيل إن قطعوه ، أو إبقاءهم إياه إن أبقوه : أنه بإذنه تعالى، وأمره .

(وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) : حيث سلطكم على قطع نخلهم، وتحريقها، ليكون ذلك نكالا لهم، وخزيا في الدنيا، وذلا يعرف به عجزهم التام، الذي ما قدروا على استنقاذ نخلهم، الذي هو مادة قوتهم.

واللِّيْنَة: اسم يشمل سائر النخيل على أصح الاحتمالات وأولاها .

فهذه حال بني النضير، وكيف عاقبهم الله في الدنيا.

ثم ذكر من انتقلت إليه أموالهم وأمتعتهم، فقال: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) أي: من أهل هذه القرية، وهم بنو النضير.

(فـ) إنكم يا معشر المسلمين (ما أَوْجَفْتُمْ) أي: ما أجلبتم وأسرعتم وحشدتم، (عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) أي: لم تتعبوا بتحصيلها، لا بأنفسكم ولا بمواشيكم، بل قذف الله في قلوبهم الرعب، فأتتكم صفوا عفوا.

ولهذا قال: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من تمام قدرته أنه لا يمتنع منه ممتنع، ولا يتعزز من دونه قوي.

وتعريف الفيء في اصطلاح الفقهاء: هو ما أخذ من مال الكفار بحق، من غير قتال، كهذا المال الذي فروا وتركوه خوفا من المسلمين .

وسمي فيئا، لأنه رجع من الكفار الذين هم غير مستحقين له، إلى المسلمين الذين لهم الحق الأوفر فيه.

وحكمه العام، كما ذكره الله في قوله (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى) عموما، سواء أفاء الله في وقت رسوله أو بعده، لمن يتولى من بعده أمته .

(فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) : وهذه الآية نظير الآية التي في سورة الأنفال، في قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ )

فهذا الفيء يقسم خمسة أقسام:

خمس لله ولرسوله يصرف في مصالح المسلمين العامة ، وخمس لذوي القربى، وهم: بنو هاشم وبنو المطلب، حيث كانوا يسوى فيه بين ذكورهم وإناثهم، وإنما دخل بنو المطلب في خمس الخمس، مع بني هاشم، ولم يدخل بقية بني عبد مناف، لأنهم شاركوا بني هاشم في دخولهم الشعب، حين تعاقدت قريش على هجرهم وعداوتهم ، فنصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخلاف غيرهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، في بني عبد المطلب: “إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام”

وخمس لفقراء اليتامى، وهم: من لا أب له ولم يبلغ، وخمس للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، وهم الغرباء المنقطع بهم في غير أوطانهم.

وإنما قدر الله هذا التقدير، وحصر الفيء في هؤلاء المعينين لـ (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) أي: مداولة واختصاصا (بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) ، فإنه لو لم يقدره، لتداولته الأغنياء الأقوياء، ولما حصل لغيرهم من العاجزين منه شيء، وفي ذلك من الفساد، ما لا يعلمه إلا الله، كما أن في اتباع أمر الله وشرعه من المصالح ما لا يدخل تحت الحصر .

ولذلك أمر الله بالقاعدة الكلية والأصل العام، فقال:

(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا): وهذا شامل لأصول الدين وفروعه، ظاهره وباطنه. وأن ما جاء به الرسول يتعين على العباد الأخذ به واتباعه، ولا تحل مخالفته .

وأن نص الرسول على حكم الشيء كنص الله تعالى، لا رخصة لأحد ولا عذر له في تركه، ولا يجوز تقديم قول أحد على قوله، ثم أمر بتقواه التي بها عمارة القلوب والأرواح ، والدنيا والآخرة ، وبها السعادة الدائمة والفوز العظيم، وبإضاعتها الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي، فقال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) على من ترك التقوى، وآثر اتباع الهوى. ” انتهى، من “تفسير السعدي” (850) .

ثانيًا:

حرم الله الصدقة على محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وهذا- والله أعلم- من التطهير الذي شرعه الله لهم، فإن الصدقة أوساخ الناس، فطهرهم الله من الأوساخ، وعوضهم بما يُقيتهم من خمس الغنائم ومن الفيء الذي جعل منه رزق محمد،  ولهذا ينبغي أن يكون اهتمام الناس بكفاية أهل البيت الذين حرمت عليهم الصدقة ، أكثر من اهتمامهم بكفاية الآخرين من الصدقة، لا سيما إذا تعذر أخذهم من الخمس والفيء، إما لقلة ذلك، وإما لظلم من يستولي على حقوقهم، فيمنعهم إياها من ولاة الظلم، انظر: حقوق آل البيت: (30).

وقد جعل الله لقرابة النبي صلى الله عليه نصيبًا من الفيء، والفيء: هو ما أُخذ من مال الكفار بحق من غير قتال.

وهذا النصيب كالتعويض لهم على المنع من الصدقة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” ويعطى قضاة المسلمين وعلماؤهم منه ما يكفيهم ويدفع منه أرزاق المقاتلة وذراريهم لا سيما من بني هاشم الطالبيين والعباسيين وغيرهم؛ فإن هؤلاء يتعين إعطاؤهم من الخمس والفيء والمصالح؛ لكون الزكاة محرمة عليهم.” انتهى، من “مجموع الفتاوى” (28/569) .

وقال أيضا : ” وقد أمرنا الله بالصلاة على آل محمد وطهرهم من الصدقة التي هي أوساخ الناس وجعل لهم حقا في الخمس والفيء” انتهى، “مجموع الفتاوى” (28/492) .

وللعلماء كلام طويل في مسألة الفيء راجعه في تفسير ابن كثير: (4/ 59)، والموسوعة الفقهية الكويتية: (32/ 230).

وراجع جواب السؤال رقم : (7461)، ورقم (111802).

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android