0 / 0

مكتب يتوسط لشراء البيوت بالتقسيط

السؤال: 269897

أنا أعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ، يوجد هنا مكتب خيري يشتري المنازل لذوي الدخل المحدود ، ويبيعها بالتقسيط بزيادة 3‎%‎ ، وهذه النسبة غير قابلة للزيادة ، وإذا تأخر دفع القسط لا يزيد السعر
، بحيث إن السعر المتفق عليه في البداية هو السعر النهائي ، بمعنى لا توجد زيادة بالسعر في آخر المطاف ، ولكن هذا المشروع يمول أمواله من البنك هذا أولا ، وثانيا هذا البرنامج يكون وسيطا بين البائع والمشتري بمعنى أنه هو الذي يدفع النقود إلى المالك ، فهل تعتبر 3‎%‎ هي ربا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

شراء البيوت أو غيرها بالتقسيط عن طريق البنوك أو عن طريق هذا المكتب بالطريقة التي ذكرتها ، يتم بطريقتين :

الأولى :

أن يكون دور الوسيط بين البائع والمشتري ( سواء كان بنكًا أم مكتبا أم شركة ..) هو مجرد التمويل ، بأن يدفع الثمن للبائع نيابة عن المشتري ، أو يعطيه للمشتري ليقوم بدفعه إلى البائع ، ثم يسترد الثمن من المشتري بزيادة متفق عليها .

وهذه المعاملة ربا ، لأن حقيقتها أن المكتب أقرض المشتري الثمن، ثم استرده بزيادة مشروطة ، وهذا ربا بإجماع العلماء ، قال ابن قدامة رحمه الله الله تعالى : “وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .

وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة” .

انتهى من “المغني” (6/436) .

الطريقة الثانية :

أن يشتري المكتب البيت من البائع نقدا، ثم يبيعه على المشتري بالتقسيط ، وهذه الطريقة جائزة إذا توفرت فيها شروط ، وهي :

أن تخلو المعاملة من اشتراط أي زيادة في الأقساط إذا تأخر المشتري في السداد ، لأن هذا هو ربا الجاهلية المجمع على تحريمه بين العلماء .
أن لا تبيع الشركة البيت على المشتري إلا بعد أن تشتريه فعلا من البائع ، وتقبضه قبضا حقيقيا .

والقبض في العقار : يكون برفع يد البائع عنه ، والتخلية بينه وبين المشتري ، ينتفع به ، ويتصرف فيه بما شاء من وجوه التصرف .

فإن باعته الشركة قبل شرائه : فقد باعت ما لا تملك . وهو محرم .

وإن باعته بعد شرائه ، وقبل قبضه : فقد باعت ما لم يدخل في حيازتها ، وتحت تصرفها : وهو محرم أيضا .

عن حكيم بن حزام، قال : ” يَا رَسُولَ اللَّهِ ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي ، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ؟ فَقَالَ: ( لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ )” رواه أبو داود (3503)، الترمذي (1232) ، النسائي (4613) وصححه الألباني في “إرواء الغليل” (5/132).

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

” ولا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها، ليمضي ويشتريها، ويسلمها ، وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفا؛ لأن حكيم بن حزام – الحديث – …” انتهى  من “المغني” (6 / 296).

وتكون المعاملة في هذه الحالة حيلة على الربا ، لأن الصورة بيع ، ولكن حقيقتها ربا .

وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ) رواه البخاري (2133) ، ومسلم (1525) وزاد : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ ” .

أي : أن هذا النهي ليس خاصا بالطعام ، بل أي شيء لا يجوز لمن اشتراه أن يبيعه حتى يقبضه .

وهذا الذي فهمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما باجتهاده ، قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صحته ، وأن الحكم عام في الطعام وغيره ، فلا يجوز بيع شيء حتى يقبضه البائع ويدخل في حيازته .

ففي بعض ألفاظ حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه : أنه قَالَ للرسول صلى الله عليه وسلم : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا ، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ ، قَالَ : (فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه أحمد (15399) ، والنسائي (4613) ، وصححه الألباني في “صحيح الجامع” (342).

وروى أبو داود (3499) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه : ” أن النبي صلى الله عليه نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ ” وصححه ابن حبان ، والحاكم ، وحسنه الألباني في “صحيح أبي داود” .

وينبني على هذا الشرط : أنه لا يجوز عقد البيع بين المكتب والمشتري ، قبل شراء المكتب للبيت ، كما لا يجوز إلزام المشتري بالشراء ، بأن يؤخذ منه مقدم أو عربون أو مبلغ من المال لضمان شرائه البيت وعدم رجوعه .

فإذا توفر الشرطان المذكوران : فالمعاملة جائزة ؛ حتى وإن كان المكتب يمول شراءه لهذه المنازل من القروض الربوية من البنوك ؛ فإن ذلك لا يمنع صحة البيع والشراء معه ؛ وإثم القرض الربوي على المكتب ، وفساده عليه ؛ غير أن ذلك لا يمنع شراء المنزل منه .

وإن تخلف أي من الشرطين المذكورين : لم تصح المعاملة معه .

وينظر لمزيد الفائدة والتفصيل الأسئلة (140603)، (36408)، (216813)، (229091) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android