كنت أنا من حوالي سنتين تقريباً على مذهب الإباضية والآن بفضل من الله انتقلت على المذهب السنة بعد إن اجتهدت بأن اقارن بين المذهبين والاختلافات بينهم والحمد لله ارتاح قلبي على مذهب السنة …وقد فادني هذا الموقع كثيراً…لكن أهلي ما زالوا على مذهب الإباضية ..وكلما حاولت أن أوضح إلى بعض إخوتي الاختلافات بين المذهبين .. رغم إنهم غير مقتنعين بكلامي.. كان أخي لي بالمرصاد ويوضح لهم بأن المذهب الإباضي على الحق ويغرس فيهم عقيدة الاباضية.
سؤالي : هو من جابر بن زيد الذين قالوا عنه الإباضية بأنه هو مؤسس الإباضية …ولماذا نسب المذهب إلى عبدالله بن اباض.. وهل يوجد كتاب يتحدث عنهم بالتفصيل عن طريق رابط لكي أستطيع أن أنزله عن طريق هذا الموقع ..لكي أفهم الأحداث بالتفصيل…وجزاكم الله خير الجزاء
التابعي جابر بن زيد برئ من مذهب الإباضية
السؤال: 270673
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
جابر بن زيد هو أحد أئمة التابعين ؛ وهو بريء من الإباضية ومذهبهم ، فلا تصح نسبتهم إليه بحال .
وهو ” أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي اليحمدي، مولاهم، البصري، الخوفي – بخاء معجمة- والخوف: ناحية من عمان ” انتهى. “سير أعلام النبلاء” (4 / 481).
وكان من علماء البصرة في زمانه، وهو من تلاميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وشهد له بالعلم.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى :
” جابر بن زيد أبو الشعثاء الأزدي اليحمدي، روى عن ابن عباس والحكم بن عمرو وابن عمر …
ثم ساق بسنده أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ نَزَلُوا عِنْدَ قَوْلِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، لأَوْسَعَهُمْ عِلْمًا عَنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل. وَرُبَّمَا قَالَ عَمَّا فِي كِتَابِ الله عز وجل.” انتهى. من ” الجرح والتعديل” (2 / 494 – 495).
كما شهد له ابن عمر رضي الله عنهما بالفقه وأهلية الإفتاء.
قال البخاري رحمه الله تعالى:
” وقال لِي صدقة عَنِ الفضل بْن مُوسَى عَنِ ابن عقبة عن الضحاك عن جابر بن زيد قَالَ: لقيني ابْن عُمَر فَقَالَ: يا جَابِر! إنك من فقهاء أهل البصرة، وستستفتى ؛ فلا تفتين إلا بكتاب ناطق ، أو سنة ماضية ” انتهى. من “التاريخ الكبير” (2 / 205).
وقد كان ذلك؛ فقد احتاج أهل البصرة إلى علمه ، فكان مقصدا لهم في الفتوى.
ذكر ابن سعد رحمه الله بسنده :
عن إياس -ابن معاوية- قال: أدركت البصرة، ومفتيهم : رجلٌ من أهل عُمان؛ جابرُ بن زيد ” انتهى. ” الطبقات الكبرى” (7 / 179).
وقد اتفق أهل العلم على توثيقه وجلالته .
قال النووي رحمه الله تعالى:
” جابر بن زيد التابعي … هو الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي البصرى التابعي. سمع ابن عباس، وابن عمر … واتفقوا على توثيقه وجلالته، وهو معدود في أئمة التابعين وفقهائهم، وله مذهب يتفرد به ” انتهى. من ” تهذيب الأسماء واللغات” (1 / 141 – 142).
وكانت وفاته رحمه الله تعالى بالبصرة في سنة (93 هـ) .
قال الذهبي رحمه الله تعالى :
” قال أحمد، والفلاس، والبخاري، وغيرهم: توفي أبو الشعثاء سنة ثلاث وتسعين.
وشذ من قال: إنه توفي سنة ثلاث ومائة ” انتهى. “سير أعلام النبلاء” (4 / 483).
ومعلوم أن الإباضية كان منطلقها مدينة البصرة، وربما كان بعضهم من الأزد وهي قبيلة جابر بن زيد رحمه الله تعالى، وعلى هذا لا يستبعد أن هؤلاء الإباضية كانوا يجالسون جابرا ، وربما يستفتونه لمكانته العلمية ، ولقرب نسبه من بعضهم، ولعله لأجل هذه المجالسات : أباحوا لأنفسهم أن ينسبوا جابرا إلى مذهبهم وعقيدتهم.
وادعاء الإباضية أن جابرا كان على مذهبهم : اتخذه بعضهم – وخاصة المتأخرين منهم – مستندا إلى زعم وادعاء آخر؛ وهو أن جابرا كان هو المؤسس لمذهبهم.
يقول الأستاذ الدكتور محمد عبد الفتاح العليان:
” ويفهم مما أورده المؤرخون الإباضيون القدماء ، ممن تحدثوا عن نشأة الإباضية وكتبهم غير مفقودة، أن عبد الله بن إباض هو مؤسس الفرقة الإباضية وإمامها الأول، فيصفه الدرجيني -المتوفي في القرن السابع الهجري- بقوله : ” إمام الطريق وجامع الكلمة لما وقع التفريق، فهو العمدة في الاعتقادات، والمبين لطرق الاستدلالات والاعتمادات …ورئيس من بالبصرة وغيرها من الأمصار ….” .
وكما يقول البرادى -المتوفي في القرن الثامن الهجري- : ” عبد الله بن إباض رأس العقد وإمام القوم ” …
غير أن المؤرخين الإباضيين المتأخرين يعطون لابن إباض دورا ثانويا في نشأة الإباضية، ويؤكدون أن مؤسس دعوتها هو جابر بن زيد الأزدي العماني … ” انتهى. من ” نشأة الحركة الإباضية في البصرة” (ص 96 – 98).
ولعل المتأخرين إنما أكدوا على ذلك ، واعتنوا بهذه النسبة المزعومة أكثر: ترويجا لبدعتهم ، حتى يقبلها المسلمون ، إذا علموا انتسابها إلى إمام معتبر ، من علماء التابعين ، مثل جابر بن زيد !!
ولا يوجد دليل ولا شبهة قوية – يصلح الوقوف عندها ومناقشتها – على أن جابر بن زيد كان هو المؤسس للإباضية.
وقد صرح علماء عصره بأنه لا علاقة له بهذا المذهب الخارجي .
قال علاء الدين مغلطاي رحمه الله تعالى :
” وقال أبو عمر بن عبد البر(عن جابر بن زيد) : كان أحد الفقهاء العلماء الفضلاء، أثنى عليه ابن عباس بالعلم، وحسبك بذلك، انتحلته الإباضية، وادعته وأسندت مذهبها إليه .
وهذا لا يصح عليه، قال ابن سيرين: قد برأه الله تعالى منهم. ” انتهى. من “إكمال تهذيب الكمال” (3 / 122 – 123).
وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى:
” وَقَالَ لنا علي حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قلت لعمرو: سمعت من أَبِي الشعثاء من أمر الإباضية ، أو شيئا مما يَقُولُون؟
فَقَالَ: ما سمعت منه شيئا قط، وما أدركت أحدا أعلم بالفتيا من جَابِر بْن زيد ” انتهى. من ” التاريخ الكبير” (2 / 204).
وقال الفسوي رحمه الله تعالى :
” حَدَّثَنَا أبو بكر الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو قَالَ: مَا عَلِمْتُ مِنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ رَأْيَ الْإِبَاضِيَّةِ قَطُّ، وَلَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ ” انتهى. من ” المعرفة والتاريخ” (2 / 13).
وروى أبو نعيم الأصبهاني ، بإسناده ، قال:
” حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رُسْتَةَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ هِنْدِ بِنْتِ الْمُهَلَّبِ، وَذَكَرُوا عِنْدَهَا جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ ، فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ أَبَاضِيًّا .
فَقَالَتْ: كَانَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَشَدَّ النَّاسِ انْقِطَاعًا إِلَيَّ ، وَإِلَى أُمِّي ؛ فَمَا أَعْلَمُ شَيْئًا كَانَ يُقَرِّبُنِي إِلَى اللهِ إِلَّا أَمَرَنِي بِهِ، وَلَا شَيْئًا يُبَاعِدُنِي، عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا نَهَانِي عَنْهُ، وَمَا دَعَانِي إِلَى الإَبَاضِيَّةِ قَطُّ، وَلَا أَمَرَنِي بِهَا، وَإِنْ كَانَ لَيَأْمُرُنِي أَنْ أَضَعَ الْخِمَارَ، وَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى الْجَبْهَةِ ” انتهى. من ” حلية الأولياء” (3 / 89).
بل قد ثبت عن جابر بن زيد نفسه رحمه الله أنه تبرأ من هذا المذهب .
روى ابن أبي حاتم في “الجرح والتعديل” (2 / 495) بسند حسن، قال:
” أخبرنا أحمد بن سنان نا عبد الرحمن بن مهدي عن أبي هلال عن داود عن عزرة قال: دخلت على جابر بن زيد، فقلت: إن هؤلاء القوم ينتحلونك – يعني الإباضية – ؟
قال: أبرأ إلى الله عز وجل من ذلك ” انتهى.
ورواه ابن سعد في “الطبقات الكبرى” (7 / 181):
” قال: أخبرنا سعيد بن عامر، وعفان بن مسلم قالا: حدثنا همام، عن قتادة، عن عزرة قال: قلت لجابر بن زيد: إن الإباضية يزعمون أنك منهم.
قال: أبرأ إلى الله منهم .
قال سعيد في حديثه: ( قلت له ذلك وهو يموت ) ” انتهى.
وهذه الأخبار تقطع ببراءة جابر بن زيد رحمه الله تعالى من مذهب الإباضية ومعتقدها.
ولمزيد التوسع حول هذه المسائل المتعلقة بشخصية جابر بن زيد رحمه الله تعالى، ومؤسس الإباضية عبد الله بن إباض نحيلك على كتاب “نشأة الحركة الإباضية في البصرة” للأستاذ الدكتور محمد عبد الفتاح العليان أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة الأزهر، وهو متوفر على الشبكة.
وينظر ، حول هذه المسألة أيضا :
وينظر ، للفائدة ، حول عقائد الإباضية :
https://goo.gl/owS6Os
وينظر في التعريف بعبد الله بن إباض جواب السؤال رقم (266757)
ونسأل الله تعالى لنا ولكم الثبات على الحق حتى نلقاه وهو راض عنا ، ونسأل الله تعالى الكريم أن يهدي أهلك إلى الحق وأن يجنبهم طرق الضلال .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة