سأل أحد الأشخاص سؤالاً : لماذا الأرض لا تشرب الدم ؟ فأجاب قائل عندما قتل قابيل أخاه هابيل ودفنه ، جاء سيدنا آدم ، وسأل على ابنه هابيل ، فقالوا له : إن اخاه قد قتله ، فقال : أين دمه ؟ قالوا : لقد شربته الأرض ، فدعا قائلا : لعن الله أرضا شربت من دم ابن آدم ، ومنذ ذلك الحين ومحرم على الارض أن تشرب أي دم ، لم أجد لهذه القصة أصل فلم أستطع أن أرد بأنني ظننت أنها من الإسرئيليات ، وقال صلي الله عليه وسلم ( حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ) ، فكيف نرد على هولاء ؟
هل ثبت أن الأرض لا تشرب الدم، منذ قتل ابن آدم أخاه ؟
السؤال: 274283
ملخص الجواب
ما يذكر من أن الأرض لا تشرب الدم، منذ قتل ابن آدم أخاه، لا أصل له .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما يُحكى من أن الأرض لا تشرب الدم ، منذ قتل ابن آدم أخاه ، لا نعلم له أصلا ، وإنما هو شيء يرويه بعض أهل التاريخ، ولعله مأخوذ عن أهل الكتاب، وما أكثر الأكاذيب فيما يحكونه.
روى ابن قتيبة في “غريب الحديث” (2/14)، ومن طريقه ابن عساكر في “تاريخه” (64/6) من طريق عبد الْمُنعم بن إدريس عَن أَبِيه عَن وهب بن منبه قال : ” إن الأَرْض نشفت دم ابْن آدم الْمَقْتُول، فلعن آدم الأَرْض، فَمن أجل ذَلِك لَا تنشف الأَرْض دَمًا بعد دم هابيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة “.
وهذا باطل، عبد المنعم بن إدريس متروك متهم ، قال الذهبي :
مشهور قصاص، ليس يعتمد عليه. تركه غير واحد، وأفصح أحمد بن حنبل فقال: كان يكذب على وهب بن منبه، وقال البخاري: ذاهب الحديث.
قال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وعلى غيره “.
“ميزان الاعتدال” (2/ 668)
ووالده هو إدريس بن سنان اليماني ، قال الدارقطني : متروك، وقال ابن حبان: يُتقي حديثه من رواية ابنه عبد المنعم عنه.
“تهذيب التهذيب” (1/ 194)
ولو ثبت هذا ، فالظاهر أنه مما أخذه وهب بن منبه من كتب أهل الكتاب .
ومثل هذا لا يعتد به ، ولا يعول عليه ، لأن أهل الكتاب يكذبون على الله وعلى أنبياء الله ورسله، فلا نحكي عن أنبياء الله ما تفرد بذكره أهل الكتاب، وخاصة ما كانت أمارات الوضع والكذب عليه واضحة، مما تمجه العقول ، وتنبو عن سماعه الآذان .
وينظر جواب السؤال رقم : (226664).
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (22289) أن ما دل الكتاب والسنة على كذبه ، مما يرويه أهل الكتاب: فهو مردود .
وفي هذا الخبر أن آدم عليه السلام لعن الأرض ، وليس للأرض ذنب يوجب لعنها .
وقد روى أبو داود (4908) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ” أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْعَنْهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
وأما كون الأرض لا تتشرب الدم ؛ فإنها متى كان الدم سائلا ، قبل أن يتجلط ، فإنها تتشربه ، كما هو الواقع .
لكن إذا تجلط الدم ، فلم يبق سائلا ، لا يمكن الأرض أن تتشربه ، وهكذا كل شيء كان في صورة الدم المتجلط ، لا تتشربه الأرض ؛ لا خصوصية للدم في ذلك .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة