تنزيل
0 / 0

هل ثبت أن إبليس دخل الجنة عن طريق الحية ليوسوس لآدم وحواء عليهما السلام ؟

السؤال: 226664

وقع بين يدي كتاب مترجم إلى البنجالية اسمه ” قصص الأنبياء ” ووجدت فيه بعض التساؤلات . فقد ذكر فيه مثلاً أن الطاووس والثعبان ساعدا إبليس ضد أبينا آدم وأمّنا حواء قبل أن ينزلا إلى الأرض ، فما صحة ذلك ؟ لقد بحثت عن هذه القصة فوجدت كلاماً لابن عباس شبيهاً بهذا .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ذكر غير واحد من المفسرين أن إبليس لما أراد أن يدخل الجنة ، ليستزل آدم وحواء
عليهما السلام ، فدَخل في جوف الحية ، فلما دخلت الحية الجنة ، خرج إبليس من جوفها
.

وقيل : إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أيُّها يحمله ، حتى يدخل
الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ، حتى كلّم الحية ، فقال
لها : أمنعك من ابن آدم ، فأنت في ذمتي إن أنت أدخلتِني الجنة . فجعلته بين نابين
من أنيابها ، ثم دخلت به ، فكلمهما من فيها .

وقيل : إن الْحَيَّةَ كَانَتْ خَادِمَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ
، فَخَانَتْهُ بِأَنْ مَكَّنَتْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ نَفْسِهَا ، وَأَظْهَرَتِ
الْعَدَاوَةَ لَهُ هُنَاكَ ، فَلَمَّا أُهْبِطُوا تَأَكَّدَتِ الْعَدَاوَةُ ،
وَجُعِلَ رِزْقُهَا التُّرَابَ ، وَقِيلَ لَهَا : أَنْتِ عَدُوُّ بَنِي آدَمَ
وَهُمْ أَعْدَاؤُكِ ، وَحَيْثُ لَقِيَكِ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَدَخَ رَأْسَكِ .

انظر : ” تفسير عبد الرزاق ” (2/75) ، ” تفسير الطبري ” (1/526) ، (1/530) ، ”
تفسير ابن عطية ” (1/128) ، ” تفسير ابن كثير ” (1/236) ، ” تفسير القرطبي ”
(1/313) .

وهذا كله من الإسرائيليات التي لم يثبت منها شيء عن المعصوم .

قال ابن كثير رحمه الله :
” ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده ، وأبي العالية ، ووهب بن منبه وغيرهم ،
هاهنا أخبارا إسرائيلية عن قصة الحية ، وإبليس ، وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة
ووسوسته ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” (1/236) .

وقال المطهر بن طاهر المقدسي رحمه الله :
” زعم القصاص وأهل الكتاب مراجعات كثيرة وعجائب في هذه القصة ، وأن إبليس عرض نفسه
على دواب الأرض كلها فأبت ذلك ، حتى كلم الحية وقال : أمنعك من ابن آدم وأنت في
ذمتي إن أدخلتني الجنة ، فجعلته في فمها أو بين نابيها ، وكانت الحية من أحسن
الدواب وخزان الجنة ، فكلّمهما من فيها … وفيما قص الله تعالى في القرآن كفاية عن
زيادة رواية غيره ” انتهى مختصرا من ” البدء والتاريخ ” (2/95-96) .

انظر جواب السؤال رقم : (111596) .

ومثل هذه الإسرائيليات لا يوثق بها ، ولا يعول عليها ، ولا يحتج بها ، ونكتفي
بما ورد في الكتاب المجيد لا نزيد عليه ، قال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ
الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ
لَا يَبْلَى ) طه/120 .

ولا نعلم شيئا من ذلك يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، وإنما هو شيء يروى
عن وهب بن منبه وأبي العالية ومحمد بن قيس والسدي وغيرهم ممن أخذ ذلك عن أهل الكتاب
.

وأما ما رواه الطبري في ” تفسيره ” (1/530) :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن ليث بن أبي سُليم ، عن طاوس
اليماني ، عن ابن عباس ، قال : ” إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض
أيُّها يحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ،
حتى كلّم الحية … ” الحديث ، وفيه : قال ابن عباس : ” اقتلوها حيث وَجَدتُموها ،
أخفروا ذمَّةَ عدوّ الله فيها ” .
فهذا إسناد ضعيف جدا ، ليث بن أبي سليم ، قال الحافظ في التقريب (ص 464) : ” صدوق
اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك ” .
وابن حميد ، هو محمد بن حميد الرازي ، كذبه أبو زرعة وإسحاق الكوسج ، وجاء عن غير
واحد أنه كان يسرق الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة .
انظر : ” ميزان الاعتدال ” (3/530) .

وروى ابن أبي حاتم في ” تفسيره ” (5/1450) عَنِ السُّدِّيِّ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ” فَآتَاهُمَا إِبْلِيسُ فَقَالَ : ( مَا
نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ) ، فَلَمْ يُصَدِّقَاهُ حَتَّى
دَخَلَ فِي جَوْفِ الْحَيَّةِ فَكَلَّمَهُمَا ” وهذا إسناد ضعيف ، لجهالة الراوي عن
ابن عباس .

والخلاصة :
أن مثل هذا مما لا يعول عليه ، لأنه متلقى عن الإسرائيليات ، وأحاديث أهل الكتاب ،
وما يروى فيه عن ابن عباس لا يصح عنه .

وانظر جواب السؤال رقم : (22289) لمعرفة الموقف من الإسرائيليات .
وانظر جواب السؤال رقم : (175000) لمعرفة أفضل الكتب عن قصص الأنبياء .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android