أعمل في الوقت الحالي في شركة برمجيات وقد عرضت علي وظيفة للعمل في قسم تكنولوجيا المعلومات في أحد البنوك الإسلامية الرائدة في البلاد، ويعمل هذا البنك حسب أحكام الشريعة الإسلامية ويوجد لدى البنك هيئة شرعية ولكن كما هو الحال في كل البنوك لا يستطيع البنك ضمان عدم التعامل بالربا كونه مضطر للتعامل مع البنك المركزي للبلاد وهو بنك ربوي ينظم عمل كل البنوك الأخرى ولكن البنك يدعي أن العملاء لا علاقة لهم بالفوائد المتحصلة من البنك المركزي وأن هذه الفوائد يتم صرفها في الأعمال الخيرية وبناء المستشفيات والطرق .
فباعتبار هذه الظروف هل عمل البنك موافق لأحكام الشريعة؟
وهل العمل في هذه الوظيفة جائز ؟
مع العلم أن جزء من مهام عملي هي تطوير بعض البرمجيات التي قد تستعمل لتسجيل هذه الفوائد وباقي العمليات التي يقوم بها البنك؟
وهل ينطبق على هذه الوظيفة حكم من كتب الربا أو ساعد عليه؟
حكم العمل في بنك إسلامي يودع جزءا من ماله في البنك المركزي بفائدة
السؤال: 278623
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
تعامل البنوك الإسلامية مع البنك المركزي لابد منه؛ لأنه الذي يملك الترخيص والرقابة والمحاسبة على جميع البنوك، وبالتالي لا بد للبنوك الإسلامية من التعامل معه .
لكن لا يجوز الإيداع فيه بفائدة إلا للضرورة، كأن لا يتاح الإيداع فيه ، إلا كذلك .
وعلى البنك الإسلامي أن يسعى لإقناع البنك المركزي باستثمار هذا المال معه وفق عقد المضاربة الشرعية.
جاء في موسوعة “المعاملات المالية” للشيخ دبيان بن محمد الدبيان (12/ 320): ” يفرض البنك المركزي على جميع المصارف أن تحتفظ بأرصدة نقدية لديه، وهذه الأرصدة النقدية عبارة عن نسبة من الودائع لكل مصرف، تحتسب على أساس شهري، وتتفاوت البنوك المركزية في تحديد نسب الاحتياطي القانوني، ولكن في معظم الدول النامية التي ليست لديها أسواق مالية متطورة تكون هذه النسبة عالية بحيث لا تقل عن 20%.
وتتكون الودائع التي يؤخذ بموجبها الاحتياطي القانوني من الودائع الجارية، والودائع الادخارية، والأموال المخصصة لخطابات الاعتماد.
ففي السعودية مثلًا نصت المادة (7) من نظام مراقبة البنوك على أنه “على كل بنك أن يحتفظ لدى مؤسسة النقد في جميع الأوقات بوديعة نظامية لا تقل عن 15 % من التزامات ودائعه، ويجوز للمؤسسة تعديل هذه النسبة وفقًا لمقتضيات الصالح العام”.
وقد عدلت هذه النسبة بتعميم مؤسسة النقد العربي السعودي رقم م / 2/ 71 فأصبحت 7 % من الودائع الجارية، و 2 % من ودائع التوفير والادخار” انتهى.
فإذا اضطر البنك الإسلامي للإيداع بفائدة في البنك المركزي، جاز ذلك، على أن يتخلص البنك من الفائدة بصرفها للفقراء والمساكين والمصالح العامة.
ولا يجوز له الانتفاع بهذه الفائدة على أي وجه كان.
وقد جاء في فتاوى الهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي فتوى رقم (83) ما يلي:
” السؤال: جاءنا من البنك الإسلامي ببنجلاديش استفسار حول نسبة الاحتياطي التي يأخذها منهم البنك المركزي وقدرها (10 %) ، والبنك المركزي يعطي فائدة مقابل هذا الاحتياطي للبنوك الربوية ، وهم يستفسرون عن مدى إمكانية أخذ جزء من هذه الفوائد لتغطية جزء من التكلفة الإدارية للبنك؟
الجواب:
بالإشارة إلى استفسار بنك بنجلاديش الإسلامي حول ما يفرضه القانون من إيداع نسبة (10 %) من إجمالي الودائع لدى البنك المركزي والمضار الاقتصادية التي تلحق بالبنك والمودعين من جراء ذلك، وما إذا كان يمكن للبنك الإسلامي أن يأخذ شيئا من الفائدة التي يعطيها البنك المركزي على الاحتياطيات المودعة لديه لتغطية جزء من التكاليف الإدارية للبنك، أو زيادة نسبة الربح للمودعين لدى البنك الإسلامي :
فإن الهيئة بعد بحث ومدارسة هذا الموضوع : ترى عدم جواز أخذ فائدة على نسبة الاحتياطي المأخوذة من جملة الودائع بحساب البنك المركزي ، باعتبار هذه الفائدة من الربا المحرم شرعا، فلا يجوز لصاحب رأس المال الانتفاع بها بأي وجه من وجوه الانتفاع .
ويجب على البنك الإسلامي ، تلافيا للأضرار التي أشار إليها : أن يبذل جهده لدى البنك المركزي في استثمار هذه الاحتياطيات عن طريق عقد المضاربة المقيدة ، في مشروعات محددة في إطار أحكام الشريعة الإسلامية، وأن يقتسم الطرفان ما يرزق الله به من ربح حلال من تلك المشروعات ، حسبما يتفقان عليه من شروط في هذا العقد .
وإذا لم يستجب البنك المركزي لهذه الجهود فإنه لا يجوز للبنك الإسلامي ترك فوائد الاحتياطيات للبنك المركزي لا على وجه الانتفاع بها لنفسه ، وإنما لإنفاقها في المصالح العامة كإغاثة المنكوبين واليتامى والأرامل والعجزة الذين لا يجدون الضرورات ، لا بنية التبرع بها ، ولكن بنية التخلص منها باعتباره كسبا خبيثا، ولا يجوز إنفاقها في القربات كبناء المساجد” انتهى.
وجاء في “فتاوى بيت التمويل الكويتي” فتوى رقم (414) ما يلي:
“سؤال مقدم من بنك بنجلاديش الإسلامي حول الإفتاء عن استلام الفائدة من البنك المركزي ومناقشة الأسئلة الأربعة المدرجة في الرسالة المرفقة مع المحضر:
أولا: هل يجوز لنا أن نأخذ الفائدة (الربا) من البنك المركزي أم لا؟
ثانيا: هل يجوز لنا أن نأخذ جزءا منها كالتكلفة الإدارية أم لا؟
ثالثا: هل يجوز لنا أن نأخذها كلها ربحا حلالا لمودعينا؟
رابعا: هل يجوز لنا أن نأخذها ونصرفها في الأعمال الخيرية؟
الجواب:
لا يصح أن نعتبر ربحا ما يعطيه البنك المركزي عن الأموال المودعة لديه كاحتياطي إجباري ، بل هو فائدة (ربا) ، ولا يجوز أخذ الفائدة ، ولا جزء منها ، كالتكلفة الإدارية .
ولكن يجوز أن تدفع منها الضرائب الخاصة بها ، لا بأصل المال الذي أعطيت الفائدة عنه ، وينبغي التفاهم مع البنك المركزي لإقناعه بطبيعة الودائع الاستثمارية ، وأنها حصص في المشاركة ، وليست قروضا حتى يحتاج لوضع احتياطي عنها .
فإن لم تحصل القناعة يصار إلى شراء أسهم استثمارية إسلامية مما لدى البنك المركزي ، أو من غيره ، وتودع الأسهم لديه .
فإن لم يمكن ذلك : فإن ما يعطى من البنك كفوائد يصرف كله في وجوه الخير ؛ عدا بناء المساجد وطبع المصاحف” انتهى.
وما ذكر في الفتويين من استثناء بناء المساجد ونحوها ، من مصارف هذه الفوائد : هو على قول لبعض أهل العلم .
وقد سبق بيان أن القول الراجح : أن هذه الأموال تصرف في مصارف الخير كلها ، ولو في بناء المساجد .
وينظر جواب السؤال رقم (75410).
وعليه :
فإذا كان البنك مضطرا لهذا الإيداع، فلا حرج عليك في العمل في قسم تكنولوجيا المعلومات بالبنك ، ولو اقتضى ذلك تطوير بعض البرمجيات التي قد تستعمل لتسجيل هذه الفوائد.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة