أريد أن أسأل عن موضوع إرضاع الكبير ، وعن ما جرى مع السيدة عائشة ، وكم ولد يوجد في التبني للرسول الأعظم أو زوجاته ، فقد علمت باسم زيد بن حارث ، وسالم ، وهل يوجد غيرهم ، وماهو الحكم من إرضاع السيده عائشة لسالم ؟ ومن يكون سالم في القرابة ؟
يسأل عن رضاع الكبير والتبنّي
السؤال: 281166
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
رضاع الكبير لا يؤثر ولا تثبت به المحرمية ، وهذا هو قول جماهير أهل العلم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرِّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ ، وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ ) رواه الترمذي (1072) وابن ماجه (1936) .
ولم ترضع عائشة رضي الله عنها وأرضاها أحدا ؛ وأما سالم فقد كان مولى لأبي حذيفة وأرضعته زوجة أبي حذيفة ليكون ابنا لها من الرضاعة .
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها “أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ ، وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا ، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا . فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ، وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ) فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ “رواه مسلم (1453) .
قال عروة بن الزبير عن خالته عائشة :
“فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَأْمُرُ بَنَاتِ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ إِخْوَتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا ” انتهى من “سنن داود” (2061) .
وقد خالفت عائشة رضي الله عنها –وحفصة أيضا- في ذلك جمهور الصحابة ونساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد رأوه حالة خاصة بسالم يجب أن لا تعمم .
فقد روى مسلم (1454) عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَقُولُ : ” أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ : وَاللَّهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّةً ، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ ، وَلَا رَائِينَا ” .
قال ابن عبد البر ، بعد رواية حديث عائشة ، في قصة سالم مولى أبي حذيفة :
” قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ ، رَهْبَةً لَهُ ، ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ : لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُهُ بَعْدُ . قَالَ : مَا هُوَ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ . قَالَ : حَدِّثْ بِهِ ، عَنِّي ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ – .
قَالَ أَبُو عُمَرَ : هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ تُرِكَ قَدِيمًا ، وَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ ، وَلَمْ يَتَلَقَّهُ الْجُمْهُورُ بِالْقَبُولِ عَلَى عُمُومِهِ ؛ بَلْ تَلَقَّوْهُ عَلَى أَنَّهُ خُصُوصٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمِمَّنْ قَالَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لَيْسَ بِشَيْءٍ (مِمَّنْ رَوَيْنَاهُ لَكَ عَنْهُ وَصَحَّ لَدَيْنَا) : عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَسَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ عَائِشَةَ ، وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ ، وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ، مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ .
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ ) ، وَ: ( لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ ) . ” انتهى، من “التمهيد” (8/260) .
وينظر جواب السؤال رقم (85115) ورقم (179042).
ثانيا :
لا يُعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى أحدا غير زيد بن حارثة فقط ، وكان هذا قبل تحريم التبني ، وكان يسمى بـ ” زيد بن محمد “.
ثم أبطل الله تعالى التبني بقوله : ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/ 5 .
فنُسب زيد إلى أبيه ” حارثة ” ، وذُكر أن أبا حذيفة كان قد تبنى سالما ، فلما نزل التحريم رجع عن ذلك . ينظر سير أعلام النبلاء (1/167) .
قال ابن حجر : “وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، لِأَنَّهُ لَازَمَ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بَعْدَ أَنْ عُتِقَ ، فَتَبَنَّاهُ ، فَلَمَّا نُهُوا عَنْ ذَلِكَ ، قِيلَ لَهُ مَوْلَاهُ” انتهى من “فتح الباري” (2/186) .
وينظر جواب السؤال (126003) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة