أعيش مع زوجي في بلد عربي ، وله زوجة أخرى ، وهي الأولى في بلده الأصلي ، وله أولاد منها ، وقد أنهوا دراستهم الجامعية ، وليس لي أولاد ، يقوم بوضع كافة أمواله في منزل زوجته الأولى حتى راتبه ، رغم أن له أملاكا ، وإيرادات في بلده الأصلي ، وجميعها توضع في منزل زوجته الأولى ، ويترك في منزلي ما يكفي مصاريف الشهر فقط ، هل يأثم في ذلك ؟
هل يجب العدل في النفقة والهدايا بين الزوجات؟
السؤال: 281641
ملخص الجواب
لو فرض أن زوجك فضل الأخرى بشيء من العطية والهبة ، زيادة على النفقة، مع إعطائك النفقة التي تحتاجينها، فلا يكون ظالما، في قول جمهور الفقهاء. والمستحب له ، بالاتفاق : أن يسوي بينكما في الهبات، لظواهر النصوص الآمرة بالعدل، وخروجا من خلاف من أوجب ذلك، وهو قول قوي ظاهر كما تقدم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الواجب على من له زوجتان فأكثر أن يعدل بينهن : في المبيت ، والسكن ، والنفقة.
والعدل في النفقة : يكون بأداء النفقة الواجبة لكل منهن، ولا يلزم التسوية، وهذا مذهب الجمهور.
فإذا قام زوجك بالنفقة الواجبة لك ، فلا يضره لو خص الأخرى بهدية ، أو وضع المال في دارها.
قال ابن قدامة رحمه الله: “وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة ، إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن .
قال أحمد – في الرجل له امرأتان – : له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة ، والشهوات ، والكُسَى ؛ إذا كانت الأخرى في كفاية ، ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه ، وتكون تلك في كفاية .
وهذا ، لأن التسوية في هذا كله : تشق ؛ فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج ، فسقط وجوبه ، كالتسوية في الوطء” انتهى من ” المغني ” ( 7 / 232 ).
وفي “الموسوعة الفقهية” (33/ 186): “وإذا قام الزوج بالواجب من النفقة والكسوة ، لكل واحدة من زوجاته، فهل يجوز له بعد ذلك أن يفضل إحداهن عن الأخرى في ذلك، أم يجب عليه أن يسوي بينهن في العطاء ، فيما زاد على الواجب من ذلك، كما وجبت عليه التسوية في أصل الواجب؟
اختلف الفقهاء في ذلك:
فذهب الشافعية والحنابلة ، وهو الأظهر عند المالكية : إلى أن الزوج إن أقام لكل واحدة من زوجاته ما يجب لها، فلا حرج عليه أن يوسع على من شاء منهن ، بما شاء …
لكنهم قالوا: إن الأولى أن يسوي الرجل بين زوجاته في ذلك، وعلل بعضهم ذلك بأنه للخروج من خلاف من أوجبه.
وقال ابن نافع: يجب أن يعدل الزوج بين زوجاته فيما يعطي من ماله ، بعد إقامته لكل واحدة منهن ما يجب لها.
ونص الحنفية على وجوب التسوية بين الزوجات في النفقة ، على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حال الزوج .
أما على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حالهما ، فلا تجب التسوية . وهو المفتى به، فلا تجب التسوية بين الزوجات في النفقة لأن إحداهما قد تكون غنية وأخرى فقيرة”” انتهى.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما ذهب إليه ابن نافع، فأوجب العدل في كل ما يمكن فيه العدل.
قال رحمه الله: ” وأما العدل في ” النفقة والكسوة ” : فهو السنة أيضا ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة؛ كما كان يعدل في القسمة؛ مع تنازع الناس في القسم: هل كان واجبا عليه؟ أو مستحبا له؟
وتنازعوا في العدل في النفقة: هل هو واجب؟
أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة” انتهى من “مجموع الفتاوى” (32/ 270).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
“القول الصحيح في العدل بين الزوجات : أنه يجب على الزوج أن يعدل بينهن في كل ما يمكنه العدل فيه ، سواءٌ من الهدايا أو النفقات ، بل وحتى الجماع إن قدر : يجب عليه أن يعدل فيه ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (10/252).
وعليه : فينصح الزوج بمراعاة ذلك في الهدايا ونحوها .
وأما النفقة، فلكل واحدة ما تحتاجه، فقد تحتاج إحداهن ما لا تحتاجه الأخرى.
وأما مجرد وضع المال في أحد المنازل، فلا حرج فيه، ولا يستلزم إعطاء شيء منه للزوجة.
والحاصل :
أنه لو فرض أن زوجك فضل الأخرى بشيء من العطية والهبة ، زيادة على النفقة، مع إعطائك النفقة التي تحتاجينها، فلا يكون ظالما، في قول جمهور الفقهاء.
والمستحب له ، بالاتفاق : أن يسوي بينكما في الهبات، لظواهر النصوص الآمرة بالعدل، وخروجا من خلاف من أوجب ذلك، وهو قول قوي ظاهر كما تقدم.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب