0 / 0

الجواب عن شبهة الملحد: لماذا يسمح الله للبشر بتدمير بعضهم بعضا؟

السؤال: 282213

لدي صديق أجنبي يُؤْمِن بالأم الطبيعة ، ولا يؤمن بالله ، وسألني سؤالا ، وليس عندي علم ، قال لي : إذا كان الله موجودا فلماذا يسمح للبشر بتدمير بعضهم بعضا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

الأدلة على وجود الله تعالى ووحدانيته وأنه الخالق المدبر لا تحصى كثرة، ومنها الإنسان نفسه وما فيه من بديع خلق الله وصنعه ، فإنه من البدهي أن الإنسان لم يخلق نفسه ، وأن الطبيعة الجاهلة لم تخلقه ، بل خلقه خالق عليم حكيم مدبر، ولهذا قال تعالى:  أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ  الطور/35، 36 .

وقال:  وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ  الذاريات/21 .

وينظر في أدلة وجود الله: جواب السؤال رقم : (26745) .

ثانيا:

النقاش مع الملحد ينبغي أن يبدأ من هذه النقطة ، وهي إثبات وجود الله تعالى، وحكمته، وعلمه ، ثم بيان الحكمة من خلق الخلق وإيجادهم ، وأن ذلك لعبادته وطاعته كما قال:  وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ  الذاريات/56- 58 .

وأن الله تعالى أقام هذه الحياة على سنة الابتلاء والامتحان، كما قال:  تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ  الملك/1- 2.

وهذا الابتلاء والامتحان ، يتم بوجود التفاوت بين الناس في الخير والشر، والإيمان والكفر، والفقر والغنى، والقوة والضعف.

 فأهل الإيمان المفلحون ، ينقادون لأمر الله ، ويستجيبون لرسله ، ويحسنون إلى خلقه.

وأهل الكفر والمعصية ، يعاندون ، ويتمردون، ويسيئون، ويظلمون.

وقد وعد الله أهل الإيمان والطاعة، بالنعيم المقيم، والفوز الكبير في جنات النعيم، وتوعد أهل الكفر والعصيان بالنار والعذاب في الآخرة.

وما يجري في هذه الحياة من ظلم وبغي وفساد، هو جزء من مجال الاختبار والامتحان، ولو شاء الله لأهلك الكافر والظالم، كما قال سبحانه:  وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ  محمد/4- 6 .

وقال سبحانه:  وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ  البقرة/253 .

وأخبر تعالى أنه قد يترك المعتدي، ويمهل الظالم، ويملي للكافر، ليزداد إثمه وعذابه في الدنياوالآخرة، كما قال:  وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ  الأعراف/182، 183 .

وقال: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) هود/102 .

والمقصود أن وجود التدافع، والاختلاف، والظلم والبغي، والقتل والفساد، داخل في الابتلاء والامتحان، وهو-أيضا- من أدلة وجود الله تعالى وقوته وقدرته؛ فإنك ترى الأمة الباغية ، قد يمهلها الله تعالى ، ثم يأخذها أخذ عزيز مقتدر، فيهلكها بما ليس في قدرة البشر، كإرسال الريح، والمطر، والطوفان وغيره، كما فعل بعاد وثمود وفرعون.

قال تعالى:  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ  الفجر/6- 14 .

وترى الفئة المؤمنة الضعيفة ، قليلة العدد والعدة ، ينصرها الله حين يشاء، فتغلب عدوها، وترث أرضه وماله، فيعلم الجميع أن النصر من عند الله، وأن القوة بيد الله.

قال الله:  وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ  القصص/5- 6

وقال سبحانه:  حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ  يوسف/110 .

وقال سبحانه:  كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ  البقرة/249 .

ثم إن هذا التدافع والتظالم، داخل فيما أعطاه الله للناس من الإرادة والاختيار، فبذلك يتظالمون أو يتراحمون، ولو جعلهم أمة واحدة لسلبهم الاختيار.

وكون الإنسان مريدا مختارا، هو مقتضى العدل، حتى يحاسب على أفعاله.

ولو سُئل أكثر الناس: هل يحبون أن يكونوا في هذه الحياة مجبورين مقهورين لا يملكون إرادة ولا اختياراً، أو مختارين لهم القدرة والإرادة والاختيار؟ لاختاروا الثاني.

فإذا كان الأمر كذلك، فالعجب ممن يريد أن يكون الناس أمة واحدة، ويعترض باختلافهم وتقاتلهم-الذي هو ثمرة إرادتهم واختيارهم- على وجود الله!

وينظر للأهمية ، حول الشبهة الشبهة : هذين المقطعين المفيدين في مناقشتها :

و :

ويمكن أيضا الاستفادة حول هذه القضية من كتاب : “مشكلة الشر ووجود الله” للدكتور سامي عامري ، وهو متاح على هذا الرابط :

https://archive.org/details/bensaoud_gmail_20160512_1513

ثالثا:

النقاش مع الملاحدة وغيرهم من أصحاب الشبهات إنما يكون لأهل العلم الراسخين؛ لأنه لا يؤمن على الجاهل وقليل العلم أن يضل، فإن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة، ولأن نقاش الضعيف قد يزيد الضال ضلالا وطغيانا.

فينبغي أن تدل هذا الملحد على مختص في هذا المجال، يسمع شبهاته، ويحاوره، ويرشده.

وينصح بالاستفادة من المواقع المتخصصة في ذلك ، مثل : موقع المحاور ، وبرنامج صناعة المحاور ، أو مركز دلائل ، أو مركز براهين ، أو نحو ذلك .

وما ذكرته من الشبهات التي وقعت في نفسك : مما يدلك على خطر مصادقة أهل الكفر والإلحاد ، والميل إليهم ، واتخاذم بطانة من دون المؤمنين ؛ فتأمل أي بلاء أخلته على نفسك من ذاك .

قال الله تعالى :  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ   المائدة/118-120 .

وقال تعالى :  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ   الممتحنة/1

وانظر جواب السؤال رقم : (23325) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android