أنا رجل تزوج من زوجتين، وأسافر كثيرا، علما أن الزوجة الأولى لديها أبناء ولا تعمل، وليس لديها دخل، والزوجة الثانية لا يوجد لديها أبناء، وعندها راتب شهري، فهل يجوز أن أسافر مع الثانية جميع سفرياتي، مع إمكانيه مراضاتي للأولى بمبلغ مالي، وتعويضها باليالي؟ والسؤال الثاني : هل يجوز أن أسافر مع زوجتي الثانية بمالها من غير تعويض الأولى ؟
هل تلزمه القرعة بين الزوجات إذا سافر بإحداهن على نفقتها؟
السؤال: 284048
ملخص الجواب
إذا سافرت برضى الزوجة الأولى، فلا حرج، وإلا كان سفرك بالثانية بغير قرعة ظلما وجورا، ولزمك أن تقضي للأولى. ولا فرق بين أن تسافر بمالك، أو بمال الزوجة الثانية، أو بمال أجنبي، فإن العدل واجب في الحالتين، لوجوب القَسْم، والظلم ظلمات يوم القيامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا سافر الرجل، وكان له أكثر من زوجة، فليس له أن يصحب واحدة من زوجاته دون الأخرى إلا بقرعة أو برضى الأخرى، سواء كان السفر سفر قربة أو لا، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ووافقهم المالكية فيما إذا كان السفر سفر قربة.
والأصل في ذلك: حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ رواه البخاري (2454)، ومسلم (2770).
قال النووي رحمه الله : “فيه أن من أراد سفراً ببعض نسائه : أقرع بينهن كذلك ، وهذا الإقراع عندنا واجب” انتهى من ” شرح مسلم ” (15/210).
وهذا حيث كانت الزوجة قادرة على السفر.
ووجود الأولاد ليس مانعا، ما دام يوجد من يعولهم ، أو كانوا يستطيعون القيام بأنفسهم مدة سفرها.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
“هل يشترط للعدل بين الزوجتين أن يعدل بينهما في السفر أيضا ؟
فأجاب : يجب أن يعدل بينهما في السفر؛ بالتراضي، أو بالقرعة .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، وسافر بمن حصلت لها القرعة ، والواجب التأسي به في ذلك عليه الصلاة والسلام ؛ لقول الله عز وجل : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .
ولأن في سفره بإحدى زوجتيه أو زوجاته ، بدون تراض ولا قرعة : ظلما للمتروكة أو المتروكات ، والله سبحانه قد حرم الظلم على عباده وأمر بالعدل” انتهى، “فتاوى الشيخ ابن باز” (21/238)
وينظر: جواب السؤال رقم : (102446) .
فإذا سافرت برضى الزوجة الأولى، فلا حرج، وإلا كان سفرك بالثانية بغير قرعة ظلما وجورا، ولزمك أن تقضي للأولى.
ولا فرق بين أن تسافر بمالك، أو بمال الزوجة الثانية، أو بمال أجنبي، فإن العدل واجب في الحالتين، لوجوب القَسْم، والظلم ظلمات يوم القيامة.
وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ ، وفي رواية : أَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ رواه الترمذي ( 1141 )، وأبو داود ( 2133 )، والنسائي ( 3942 )، وابن ماجه ( 1969 )
وصحح الألباني الروايتين في ” صحيح الترغيب والترهيب ” برقم ( 1949) .
قال في “كشاف القناع” (5/ 204): ” وإن أراد من تحته أكثر من امرأة (النقلة من بلد إلى بلد بنسائه ، فأمكنه استصحاب الكل في سفره : فعل) ؛ أي استصحبهن .
(ولا يجوز له إفراد إحداهن) باستصحابها معه (بغير قرعة)، لأنه مَيْل .
(فإن فعل) بأن استصحب إحداهن معه بغير قرعة : (قضى للباقيات) جميع زمن سفره وإقامته بها وحدها؛ ليسوي بينهن .
(وإن لم يمكنه) استصحاب الكل ، (أو شق عليه) استصحابهن ، و(بعث بهن جميعا مع غيره ، ممن هو محرم لهن : جاز) له ذلك ، (ولا يقضي لواحدة) منهن لتساويهن في انفراده عنهن.
(وإن انفرد بإحداهن بقرعة) ، واستصحبها معه ، (فإذا وصل البلد الذي انتقل إليه ، فأقامت معه فيه : قضى للباقيات) مدة (كونها معه في البلد خاصة) ، لتساكنهما إذن، لا زمن سيره وحله وترحاله؛ لأنه لا يسمى سكنا فلا يجب قضاؤه”” انتهى.
ووصيتنا لك أن تتقي الله تعالى، وأن تتحرى العدل، وتحذر الميل والظلم.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب