0 / 0

الكلام على حديث : ( الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا ).

السؤال: 286466

أريد معرفة لماذا يقال : ( إلبس جديدا وعش حميدا و….) لمن لبس ثوبا قديما مغسولا لا جديدا ، وماذا يقال لمن لبس ثوبا جديدا ، أرجو التفصيل في هذه المسألة ؟

ملخص الجواب

يقال لمن لبس ثوبا جديدا : أبل وأخلق أو : أبلِ وأخلف ، أو : تبلي ويخلف الله تعالى . ويقال لمن لبس ثوبا غسيلا – عند من يقول بصحة هذا الحديث – : الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الاجابة

أولا :

روى ابن ماجة (3558)، وأحمد (5620) ، وابن حبان (6987) والطبراني في “الكبير” (13127) ، والنسائي في “الكبرى” (10070) ، والبزار (6005) من طريق عَبْد الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ فَقَالَ: (ثَوْبُكَ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ؟) قَالَ: لَا، بَلْ غَسِيلٌ. قَالَ: ( الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا ).

ولفظ ابن حبان : ( أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ أَمْ غَسِيلٌ؟ ) فَقَالَ: بَلْ جَدِيدٌ.

وقال النسائي عقبه : ” هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، أَنْكَرَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَعْمَرٍ غَيْرُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ .

وَقَدْ رَوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرُوِيَ عَنْ مَعْقِلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا .

وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ “.

وقال البزار: ” هَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ إلاَّ عَبد الرَّزَّاق، عَن مَعْمَر، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ “.

وله شاهد يرويه ابن أبي شيبة في “المصنف” (25090) ، والدولابي في “الكني” (596) عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ مُزَيْنَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَى عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا غَسِيلًا، فَقَالَ: (أَجَدِيدٌ ثَوْبُكَ هَذَا؟) قَالَ: غَسِيلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَتَوَفَّ شَهِيدًا، يُعْطِكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ ).

ولعل هذا هو أصل حديث عبد الرزاق ، وأخطأ فيه .

قال أبو حاتم : ” أنكَرَ الناسُ ذَلِكَ- يعني حديث عبد الرزاق- وَهُوَ حديثٌ بَاطِلٌ، فالتُمِسَ الحديثُ: هَلْ رَوَاهُ أحدٌ؟ فَوَجَدُوهُ قَدْ رَوَاهُ ابنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الأَشْهَب النَّخَعي ، عَنْ رجلٍ مِنْ مُزَينة، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فذكَرَ مثلَهُ ” .

وقال البخاري : ” قال ابن عرعرة سَمِعت ابْن إدريس: ذهبت مَعَ ابْن أَبِي خَالِد إلى أَبِي الأشهب زياد بْن زاذان فحدث بحديث عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ألبس جديدا، وروى عَبْد الرزاق عن سفيان عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمِ – وعن مَعمَر عَنِ الزُّهْرِيّ عَنْ سالم عَنِ ابْن عُمَر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى أَبُو نعيم عَنْ سفيان عَنْ إِسْمَاعِيل عَنْ أَبِي الأشهب، وهذا أصح بإرساله ” انتهى من “التاريخ الكبير” (3/ 356) .

وقال الترمذي : ” سَأَلْتُ مُحَمَّدًا – يعني البخاري- عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ – حديث عبد الرزاق- قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ: قَدِمْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَحَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , ثُمَّ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ سَالِمٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ حَدَّثُونَا بِهَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , عَنْ سُفْيَانَ أَيْضًا.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ لَا شَيْءَ .

وَأَمَّا حَدِيثُ سُفْيَانَ : فَالصَّحِيحُ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا جَدِيدًا ؛ مُرْسَلٌ “.

انتهى من “العلل الكبير” (ص: 373) .

وقَالَ حَمْزَة بن مُحَمَّد الْكِنَانِي الحافظ : ” لَا أعلم أحدا رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ غير معمر ، وَمَا أَحْسبهُ بِالصَّحِيحِ ” انتهى من “مصباح الزجاجة” (4/ 82) .

وقال الشيخ مقبل الوادعي : ” حديث منكر ، كما قاله النسائي “

انتهى من “أحاديث معلة ظاهرها الصحة” (ص: 239) .

وحسن هذا الحديث الحافظ ابن حجر في “نتائج الأفكار” (1/ 138)، وكذا حسنه الشيخ الألباني في “الصحيحة” (352)، وصححه البوصيري في “الزوائد” (4/ 82)، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على “المسند”.

والراجح فيه أن غير صحيح ، وقد خلط فيه عبد الرزاق ، وخطأه فيه الأئمة . وقد نص على نكارته ، أو عدم ثبوته : غير واحد من الأئمة النقاد ، على ما سبق ذكره .

فكان تارة يرويه عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , وتارة يرويه عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ سَالِمٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

أما حديث الزهري فمنكر غير محفوظ .

وأما حديث الثوري : فالصواب عنه : عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ مرسلا .

فبان أن الصواب في الحديث : أنه مرسل .

وأما الموصول : فمنكر ، أنكره الأئمة على عبد الرزاق ، فلا يصلح أن يشهد المرسل لموصول عبد الرزاق ؛ لأنه خطأ .

ثانيا :

قوله : (ثَوْبُكَ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ؟) قَالَ: لَا، بَلْ غَسِيلٌ.

الغسيل : المغسول ، فعيل بمعنى مفعول، كقتيل بمعنى مقتول ، قال في “لسان العرب” (11/ 494):

” شَيْءٌ مَغْسول وغَسِيل ” انتهى .

وجاء في “المعجم الوسيط” (2/ 653):

” (الغسيل) المغسول ” انتهى .

فالغسيل : ثوب ملبوس ، أما الجديد فهو المستجد الذي لم يلبس قبل ذلك ويغسل .

وقد روى أبو داود (4020) عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ إِمَّا قَمِيصًا، أَوْ عِمَامَةً ثُمَّ يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ ) .

قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: ” فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم إِذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا جَدِيدًا ، قِيلَ لَهُ: تُبْلي وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى “.

وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .

فيقال لمن لبس ثوبا جديدا : ” تُبْلي وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى “.

وروى البخاري (5845) عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: قَالَتْ: ” أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ، قَالَ: (مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الخَمِيصَةَ؟) فَأُسْكِتَ القَوْمُ، قَالَ: (ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ) فَأُتِيَ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي) مَرَّتَيْنِ “.

وبوب له البخاري : ” بَابُ مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا “.

وفي رواية للبخاري (3071) : (أَبْلِي وَأَخْلِفِي ثُمَّ، أَبْلِي وَأَخْلِفِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِفِي).

(أَبْلِي وَأَخْلِقِي) أَي: البسي إِلَى أَن يصير خَلَقًا بَالِيًا “

“فتح الباري” (1/ 90) .

وقال الشوكاني : ” قَوْلُهُ: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي) : هَذَا مِنْ بَابِ التَّفَاؤُلِ ، وَالدُّعَاءِ لِلَّابِسِ ، بِأَنْ يُعَمِّرَ ، وَيَلْبَسَ ذَلِكَ الثَّوْبَ حَتَّى يَبْلَى ، وَيَصِيرَ خَلَقًا .

وَفِيهِ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا ” انتهى من “نيل الأوطار” (2/ 118) .

وينظر السؤال رقم : (139146) .

والله تعالى أعلم.

 

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android