حدث بيني وبين أخي مشاكل بسبب ظلمه لي ، فقلت له : يحرم علي مالك ، وبالفعل رفضت أخذ أي مال من أخي ، ولكن بعد فترة اضطررت أن آكل من طعامه ، وأقبل بعض الهدايا والملابس التي أحضرها لي ، ولكني مازلت لم آخذ منه أية أموال نقدية ، فهل علي كفارة ؛ لأني أكلت من طعام أخي ، وقبلت بعض الهدايا والملابس التي أحضرها لي ؟
من قال يحرم عليّ مال فلان ثم أكل من طعامه وقَبِل هداياه ، فماذا عليه ؟
السؤال: 286599
ملخص الجواب
إذا كان قصدك المال النقدي فقط، فلم تحنث في يمينك ، ولا تزال يمينك منعقدة ، ولك أن تقبل ما يأتيك به من غير النقد . وإذا كان قصدك في حلفك جميع ما له قيمة من الأموال ، فقد انحلت يمينك ، ويجوز لك أن تقبل جميع ما يأتيك به بعد ذلك ، وعليك كفارة الحنث . وينبغي لك إن رأيت الخير في أن تحل يمينك وتتواصل مع أخيك بكل ما يأتيك به من النقد وغيره ، فكفّر عن يمينك ، قال صلى الله عليه وسلم ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) رواه مسلم ( 1650 ) .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
إذا حرم الرجل على نفسه شيئاً حلالاً ، فحكمه حكم اليمين ، فإن حنث فعليه كفارة يمين ، وذلك لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ثم قال سبحانه : ( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) التحريم / 1 – 2 .
فجعل الله تعالى تحريم الحلال يميناً .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
“إذا قال : هذا حرام علي إن فعلت ، وفعل ، أو قال : ما أحل الله علي حرام إن فعلت ، ثم فعل ، فهو مخير ، إن شاء ترك ما حرمه على نفسه ، وإن شاء كَفَّر .
وإن قال : هذا الطعام حرام علي ، فهو كالحلف على تركه ” انتهى من “المغني” (11 / 202) .
وينظر جواب السؤال : (151867) .
ثانيا :
المرجع في الأيمان إلى نية الحالف إذا احتملها اللفظ .
ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر : “الْيَمِين مِنْ جُمْلَة الْأَعْمَال ، فَيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى تَخْصِيص الْأَلْفَاظ بِالنِّيَّةِ زَمَانًا وَمَكَانًا , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ .
كَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُل دَار زَيْد , وَأَرَادَ فِي شَهْر أَوْ سَنَة مَثَلًا ، أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّم زَيْدًا مَثَلًا ، وَأَرَادَ فِي مَنْزِله دُون غَيْره .
فَلَا يَحْنَث إِذَا دَخَلَ بَعْد شَهْر أَوْ سَنَة فِي الْأُولَى ، وَلَا إِذَا كَلَّمَهُ فِي دَار أُخْرَى فِي الثَّانِيَة “. انتهى من” فتح الباري” (11/572) .
فمن قال لأخيه : يحرم علي مالك ، فإن لفظه محتمل:
– فإن نوى بالمال المال النقدي فقط ، فلا حرج عليه في الأكل من طعام أخيه؛ لأنه غير داخل في قصد اليمين .
– وإن أراد بالمال : كل ما له قيمة من نقد أو غيره، فيجب عليه إذا أكل من طعامه كفارة يمين.
وينظر جواب السؤال : (147340) .
وإذا أشكل عليك أمر النية ، ولم تستطع الجزم فيها بشيء ، فإنك ترجع إلى سبب هذا الكلام ، فإنه يدل على النية ، ويبين مرادك بهذا الكلام .
قال ابن القيم رحمه الله :
” وكذلك أصحاب الإمام أحمد : صرَّحوا باعتبار النية ، وحمل اليمين على مقتضاها .
فإن عدمت : رجع إلى سبب اليمين ، وما هيجها ، فحمل اللفظ عليه؛ لأنه دليل على النية …
والمقصود : أن النية تؤثر في اليمين تخصيصًا وتعميمًا وإطلاقًا وتقييدًا ، والسبب يقوم مقامها عند عدمها ويدل عليها فيؤثر ما يؤثره” انتهى من “إعلام الموقعين” (5 / 532 – 535).
فقد يكون السبب خاصا بالأموال النقدية ، وقد يكون عاما ، فتعمل بذلك .
فإن كان السبب لا يبين ذلك ، فإنك ترجع إلى معنى هذا اللفظ في العرف .
وقبولك للهدايا وأخذك الثياب التي أحضرها لك : يخالف يمينك في عرف الناس وعاداتهم ، فيكون عليك كفارة يمين .
وينظر لمزيد الفائدة السؤال رقم : (277533) .
والخلاصة :
إذا كان قصدك المال النقدي فقط، فلم تحنث في يمينك ، ولا تزال يمينك منعقدة ، ولك أن تقبل ما يأتيك به من غير النقد .
وإذا كان قصدك في حلفك جميع ما له قيمة من الأموال ، فقد انحلت يمينك ، ويجوز لك أن تقبل جميع ما يأتيك به بعد ذلك ، وعليك كفارة الحنث .
وينبغي لك إن رأيت الخير في أن تحل يمينك وتتواصل مع أخيك بكل ما يأتيك به من النقد وغيره ، فكفّر عن يمينك ، قال صلى الله عليه وسلم ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) رواه مسلم ( 1650 ) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة