أردت التأكد من صحة هذه المعلومة : ” من هي الفتاة التي خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم مرتين ، ولم تقبله زوجا لها ” ؟ وهو سؤال وجدته في أحد المواقع .
حديث أم هانئ، وخطبة النبي صلى الله عليه وسلم إياها مرتين .
السؤال: 286601
ملخص الجواب
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها إلى نفسها ، فاعتذرت له بكبر سنها، وبأنها ذات عيال ، وذلك في الإسلام. وروي أنه خطبها في الجاهلية قبل البعثة ، فلم يزوجه أبوها أبو طالب ، وزوجها من هبيرة بن أبي وهب، ولا يصح ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب امرأة من العرب ، فقالت : أعوذ بالله منك ، فقال : قد أعذتك مني وفي رواية : قد عُذت بمَعاذ ، ثم أمر بأن تلتحق بأهلها .
وقد سبق بيان ذلك مفصلا برواياته في جواب السؤال رقم : (118282) .
ثانيا :
ذكر بعض أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ابنة عمه أم هانئ بنت أبي طالب مرتين ، مرة في الجاهلية، فاعتذر له أبوها ، ومرة في الإسلام، فاعتذرت عن نفسها بكبر سنها، وبأنها ذات عيال .
فأما مرة الإسلام ، فثابتة :
فروى مسلم (2527) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَطَبَ أُمَّ هَانِئٍ، بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، وَلِي عِيَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإبلِ ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ ” .
قال العراقي رحمه الله :
” اعتذرت أُمِّ هَانِئٍ لَمَّا خَطَبَهَا النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِكِبَرِ سِنِّهَا ، وَبِأَنَّهَا ذَاتُ عِيَالٍ، فَرَفَقَتْ بِالنَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي أَنْ لَا يَتَأَذَّى بِتَزَوُّجِ كَبِيرَةِ السِّنِّ ، وَلَا بِمُخَالَطَةِ عِيَالِهَا، … وَلَوْ كَانَ غَيْرُهَا لَآثَرَ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ مُعْرِضًا عَنْ مَصْلَحَةِ الزَّوْجِ وَالْعِيَالِ ” .
انتهى من “طرح التثريب” (7/ 15) .
وأما مرة الجاهلية : فقال ابن سعد في “الطبقات” (8/ 120):
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى أَبِي طَالِبٍ ابْنَتَهُ أُمَّ هَانِئٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَخَطَبَهَا هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. فتزوجها هبيرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عم زوجت هبيرة وتركتني؟) فقال: يا ابن أَخِي إِنَّا قَدْ صَاهَرْنَا إِلَيْهِمْ، وَالْكَرِيمُ يُكَافِئُ الْكَرِيمَ.
ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَفَرَّقَ الإِسْلامُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هُبَيْرَةَ، فَخَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى نَفْسِهَا فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأُحِبُّكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَيْفَ فِي الإِسْلامِ؟ وَلَكِنِّي امرأة مُصبية (أي: ذات صبية) وَأَكْرَهُ أَنْ يُؤْذُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْمَطَايَا نِسَاءُ قُرَيْشٍ. أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ).
وهكذا ذكره الحافظ في “الإصابة” (8/ 317) من طريق ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس .
وهذا إسناد تالف ، هشام متروك ، قال أحمد بن حنبل: إنما كان صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحدا يحدث عنه، وقال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة.
“لسان الميزان” (6/ 196)
وأبوه متهم بالكذب ، وخاصة فيما يرويه عن أبي صالح.
قال سفيان : قال لي الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب .
وقال أحمد بن زهير: قلت لأحمد بن حنبل: يحل النظر في تفسير الكلبى ؟ قال: لا.
وقال ابن حبان: مذهبه في الدين ، ووضوح الكذب فيه : أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه .
يروى عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير ، وأبو صالح لم ير ابن عباس ، ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف ، لا يحل ذكره في الكتب، فكيف الاحتجاج به ؟
“ميزان الاعتدال” (3 /557-559) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة