أنا أعمل مع والدي في تجارة الملابس بالجملة وقد أخبرت الوالد مرارا أن الصور على الملابس لا تجوز ولكنه لا يستمع بل وكأني أريد به شرا ويأتي بها بكميات وفكرت كثيرا وأنا الآن أريد أن أخرج من العمل وأعمل في مكان آخر ليس فيه شبهة ووالدي لو خرجت من العمل قد يغضب فأرشدونا وفقكم الله
هل يترك العمل مع والده لأنه يبيع الملابس التي عليها صور مع أن ذلك سيؤدي إلى غضبه؟
السؤال: 290574
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان؛ لما روى البخاري (3226) ومسلم (2106) عن أبي طَلْحَة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ .
قال في “مطالب أولي النهى” (1/353): “(وحرم على ذكر وأنثى: لبس ما فيه صورة حيوان) لحديث أبي طلحة قال: ” سمعت رسول الله، – صلى الله عليه وسلم – يقول: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب متفق عليه” انتهى.
وانظر: جواب السؤال رقم (83154).
والمقصود: الصورة الكاملة، وأما الصورة الناقصة كصورة الرأس فقط، أو الصورة النصفية، فإنها لا تعد صورة، ويجوز لبس ما اشتملت عليه.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” فإن قطع رأس الصورة، ذهبت الكراهة. قال ابن عباس: الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس، فليس بصورة. وحكي ذلك عن عكرمة.
وقد روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل، فقال: أتيتك البارحة ، فلم يمنعني أن أكون دخلت، إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب؛ فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع ، فيصير كهيئة الشجر، ومر بالستر فلتُقطع منه وسادتان منبوذتان توطآن ، ومر بالكلب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن قطع منه ما لا يبقي الحيوان بعد ذهابه ، كصدره أو بطنه ، أو جعل له رأس منفصل عن بدنه : لم يدخل تحت النهي ؛ لأن الصورة لا تبقي بعد ذهابه ، فهو كقطع الرأس.
وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده ، كالعين واليد والرجل : فهو صورة داخلة تحت النهي.
وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان: لم يدخل في النهي; لأن ذلك ليس بصورة حيوان ” انتهى من “المغني” (7/ 216).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “ما الذي يقع عليه اسم الصورة المحرمة مما ابتلي به كثير من الناس في الملابس ، والأدوات ؛ فبعضها يكون صورة رأس فقط ، وبعضها نصف بدن ، وبعضها تخيلية أو كاريكترية ، فما ضابط ذلك ؟
فأجاب: الضابط فيما يمتنع من الصور ، هو الصورة الكاملة ، لقوله في الحديث القدسي : ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ) ، وقوله فيمن صور صورة ، فإنه ( يكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ ) ، وهذا لا يصدق إلا على الكامل .
فلو صور وجهاً فقط ، أو يداً ، أو رجلاً ، أو ما أشبه ذلك ، فليس ذلك داخلاً في الحديث .
وإذا قدر أنها صورة كاملة ، فأكثر أهل العلم على أن الشيء الذي يمتهن: لا بأس به ، من ذلك الفرش والمساند ، وحفاظات الصبيان التي تكون في المحلات القذرة” انتهى من “ثمرات التدوين” ص11
ثانيا:
ما حرم استعماله ، حرمت صناعته، وبيعه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ، حَرَّمَ ثَمَنَهُ رواه أحمد (2678) وأبو داود (3026) وصححه محققو المسند، والألباني في صحيح الجامع برقم 5107
ولهذا كان من شروط البيع: كون المبيع مباح النفع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “شرح العمدة” ( 4/386) : ” وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية ، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم ” انتهى .
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (13/109) : ” كل ما يستعمل على وجه محرم ، أو يغلب على الظن ذلك ، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين ، ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله من لبس الملابس الشفافة والضيقة والقصيرة ، ويجمع ذلك كله : إظهار المفاتن والزينة ، وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب ” انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” ما حكم من يبيع الدخان والملابس التي فيها صور، فهل هذا بيع جائز؟ وهل ما وجده من الربح مال حلال أم حرام؟”.
فأجاب: ” لا يجوز للإنسان أن يبيع الدخان؛ لأن الدخان محرم، وإذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه، ولأن بيعه من باب التعاون على الإثم والعدوان.
وكذلك الملابس التي فيها صور تامة: لا يجوز بيعها؛ لأن بيعها يؤدي إلى لبسها، ولبسها حرام.
أما إذا لم يكن فيها إلا وجوه: فليست حراماً.
وكذلك الحفاظات التي تربط على القبل أو الدبر من الصبي: هذه لا بأس ببيعها وشرائها، وإن كانت فيها الصور، لأنها ممتهنة غاية الامتهان؛ حيث تلف على محل الأذى والقذر.” انتهى، من “اللقاء الشهري” (12/57).
وينظر جواب السؤال رقم: (221847) .
ثالثا:
إذا أمكن أن تبقى في المحل مع والدك ، دون أن تشتري أو تبيع النوع المحرم من الملابس، فلا حرج، بل يلزمك البقاء؛ منعا لغضب والدك المترتب على ترك العمل معه.
أما إذا لم يمكن العمل معه إلا بالمشاركة في البيع المحرم، فلا يجوز لك العمل معه، ولا يعد ذلك عقوقا ولو أدى إلى غضبه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وانظر: جواب السؤال رقم (233191).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة