0 / 0
42,87718/07/2018

هل الحكمة في قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} خاصة بالأنبياء ؟

السؤال: 291002

قال الله في القرآن (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ)، هل هي في الأنبياء فقط ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا:

المراد بالحكمة في قوله تعالى:  ‌يُؤۡتِي ‌ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ البقرة/269 ، المراد بها: الإصابة في القول والفعل، فإن الله يهدي إليها من يشاء من عباده ، ومن يؤتَ الإصابة في ذلك منهم ، فقد أوتي خيرا كثيرا.

يقول السعدي: " … من آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرا كثيرا .

وأي خير أعظم من خير : فيه سعادة الدارين والنجاة من شقاوتهما!

وفيه التخصيص بهذا الفضل ، وكونه من ورثة الأنبياء ؟!

فكمال العبد متوقف على الحكمة، إذ كماله بتكميل قوتيه العلمية والعملية .

فتكميل قوته العلمية : بمعرفة الحق ، ومعرفة المقصود به .

وتكميل قوته العملية : بالعمل بالخير ، وترك الشر .

وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل ، وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره . وبدون ذلك ، لا يمكنه ذلك .

ولما كان الله تعالى قد فطر عباده على عبادته ، ومحبة الخير ، والقصد للحق ؛ فبعث الله الرسل مذكرين لهم بما ركز في فطرهم وعقولهم ، ومفصلين لهم ما لم يعرفوه ؛ انقسم الناس قسمين :

قسم أجابوا دعوتهم ، فتذكروا ما ينفعهم ففعلوه ، وما يضرهم فتركوه، وهؤلاء هم أولو الألباب الكاملة، والعقول التامة .

وقسم لم يستجيبوا لدعوتهم، بل أجابوا ما عرض لفطرهم من الفساد ، وتركوا طاعة رب العباد، فهؤلاء ليسوا من أولي الألباب، فلهذا قال تعالى: وما يذكر إلا أولو الألباب " انتهى من "تفسير السعدي" (115).

ثانيًا:

والذي تدل عليه نصوص الصحابة والتابعين، أن الحكمة هنا عامة، تشمل الأنبياء وغيرهم، فقد ورد عن السلف في الحكمة أقوال:

1- أنها القرآن والفقه به، عن ابن عباس، في قوله:  وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا  البقرة/ 269 " يعني المعرفة بالقرآن ، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله " .

وعن قتادة قوله:  يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا   البقرة/269

" والحكمة: الفقه في القرآن "، وعن أبي العالية: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا البقرة/269 قال: "الكتاب والفهم فيه".

بل قال مجاهد: "ليست بالنبوة، ولكنه القرآن والعلم والفقه" .

2- وقال آخرون: "معنى الحكمة الإصابة في القول والفعل" .

3- وقال آخرون: "هي العلم بالدين" .

4- وقال آخرون: الحكمة: "الفهم" .

5- وقال آخرون: الحكمة: "الخشية" .

6- وقال آخرون: هي "النبوة" .

والصحيح: أن هذه القوال متقاربة، والآية تحتمل كل هذه الأقوال، لأن الإصابة في الأمور إنما تكون عن فهم بها وعلم ومعرفة، وإذا كان ذلك كذلك ، كان المصيب عن فهم منه بمواضع الصواب في أموره ، فهما خاشيا لله : فقيها عالما، وكانت النبوة من أقسامه؛ لأن الأنبياء مسددون مفهمون، وموفقون لإصابة الصواب في بعض الأمور، والنبوة بعض معاني الحكمة.

فتأويل الكلام: يؤتي الله إصابة الصواب في القول والفعل من يشاء، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرا كثيرا .

انظر: "تفسير الطبري"(5/ 12).

قال ابن كثير: " والصحيح أن الحكمة -كما قاله الجمهور -لا تختص بالنبوة ، بل هي أعم منها، وأعلاها النبوة، والرسالة أخص ، ولكن لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع " انتهى من "تفسير ابن كثير"(1/ 701).

والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android