0 / 0
137,97122/08/2019

حول حديث :” أعظم النكاح بركة أيسره مئونة “.

السؤال: 294208

أود الحصول على توضيح حول هذا الحديث : ( أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً ) ، فهل تشير كلمة “مَئُونَةً ” إلى المهر فقط ؟ بمعنى أنه إذا كلما قلت قيمة المهر زادت البركة ؟ أم أنها تشير إلى جميع نفقات الزفاف ، بما في ذلك المهر ، وبطاقات الدعوة ، وقاعات زفاف والملابس والديكور؟ قد أتزوج قريبا ، وأنا شديدة القلق حيال هذه المسألة ، وأريد أن يكون زواجي مباركا ، وبفضل الله ورحمته، خفّضت النفقات من طرف عائلتي ، ولكن يعتريني خوف من أن يكون هناك مجال للإسراف ، وهدر المال ، حتى وإن كان الزواج يوما غير باقي الأيام ، حتى الدعوات سترسل عبر الإنترنت ، ومع ذلك فقد قامت عائلة زوجي المستقبلي بحجز قاعة ضخمة ، والدفع للقائم على الديكور ، الذي سيكون من ضمن مهامه تقسيم القاعة ، وطباعة عدد كبير من بطاقات الدعوة ، وهو ما يعتبر مبلغا ضخما ، فهل سينتج عن ذلك تفريط في البركة ؟ وإذا حدث أن خرج الرجال والنساء إلى فناء القاعة واختلطوا، فهل سأتحمل أنا وزوجي ذنب هذا الاختلاط ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا : من جهة إسناد الحديث .

فالحديث أخرجه أحمد في “مسنده” (24529) ، والنسائي في “السنن الكبرى” (9229) ، وابن أبي شيبة في “مصنفه” (16384) ، والحاكم في “المستدرك” (2732) ، وأبو نعيم في “حلية الأولياء” (3/186) ، جميعا من طريق حماد بن سلمة ، عن ابْنِ سَخْبَرَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً   ، وفي لفظ :  إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً  .

وقد اختُلف على حماد بن سلمة في تسمية ابن سخبرة ، فمرة يقال :” ابن سخبرة ” ، ومرة يقال : ” الطفيل بن سخبرة ” ، ومرة يقال :” ابن الطفيل بن سخبرة ” ، ومرة يقال :” عمر بن الطفيل بن سخبرة ” .

وأخرجه إسحاق بن راهويه في “مسنده” (946) ، من طريق وكيع .

وأخرجه الخطيب البغدادي في “موضح أوهام الجمع والتفريق” (1/290) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين .

كلاهما ( وكيع ، وأبو نعيم ) عن موسى بن بكر أو موسى بن أبي بكر ، عن القاسم ، عن عائشة به .

وأخرجه أبو داود الطيالسي في “مسنده” (1530) ، من طريق مُوسَى بْن تَلِيدَانَ مِنْ آلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، عن القاسم ، عن عائشة به .

وأخرجه القضاعي في “مسند الشهاب” (123) ، من طريق عيسى بن ميمون ، عن القاسم ، عن عائشة به .

ولأجل الخلاف في تعيين الراوي عن القاسم اختلف أهل العلم في صحة الحديث .

فهناك من قال إن الراوي هو عيسى بن ميمون الواسطي ، وهو في الوقت نفسه ابن سخبرة ، وهو أيضا ابن تليدان ، وهو متروك الحديث ، ولذا ضعف الحديث ، ومن هؤلاء الهيثمي في “مجمع الزوائد” (4/255) ، والشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (1117) .

ومنهم من قال إنه ليس عيسى بن ميمون الواسطي ، بل هناك اثنان باسم : ” عيسى بن ميمون ” ، أحدهما المتروك الذي يروي عن محمد بن كعب القرظي ، والثاني راوي هذا الحديث ، وهو الذي يقال له :” ابن تليدان ” ، من آل أبي قحافة ، وهو الذي سماه حماد بن سلمة :” ابن سخبرة ” ، وهو لا بأس به في الحديث .

وممن قال بذلك ابن معين ، وقواه الخطيب البغدادي في “موضح أوهام الجمع والتفريق” (1/298) .

قال ابن الجنيد في “سؤالاته” (125) :” سمعت يحيى بن معين يقول: ” عيسى بن ميمون الذي يحدث عن القاسم عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:  أعظم النِّكاح بركةً أيسره مؤنة   يقال له: ابن تليدان ، وهو من آل أبي قحافة ، ليس به بأس ، وهو الذي يحدث عنه حماد بن سلمة قال: حدثني ابن سخبرة ، هو هذا ، ولم يرو هذا عن محمد بن كعب شيئاً .

والذي يحدث عن محمد بن كعب ليس بشيء ” ، يعني: آخر يحدث عن محمد بن كعب ، ليس بشيء “. انتهى

والراجح قول ابن معين، ولذا قال العراقي في “المغني عن حمل الأسفار” (1/386) إن إسناده جيد.

هذا وقد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها بإسناد حسن لا إشكال فيه ، بلفظ :  إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ: تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا ، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا ، وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا    .

أخرجه أحمد في “مسنده” (24478) ، وابن حبان كما في “موارد الظمآن” (1256) ، من طريق أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ به مرفوعا .

والحديث من هذا الوجه  جود إسناده السخاوي في “المقاصد الحسنة” (ص330) ، وحسنه الشيخ الألباني في “إرواء الغليل” (6/238) رقم (1928) .

ثانيا : من جهة المعنى

أول ما يدخل في التيسير: هو المهر ، ويدل لذلك لفظ الحديث الحسن : (تيسير صداقها) .

قال ابن قدامة في “المغني” (7/212) :” وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُغْلِيَ الصَّدَاقَ ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ:  أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً ، أَيْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً   انتهى.

وقال شيخ الإسلام في “مجموع الفتاوى” (32/192) :” السُّنَّةُ: تَخْفِيفُ الصَّدَاقِ ، وَأَلَّا يَزِيدَ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنَاتِهِ ، فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:( إنَّ أَعْظَمَ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً ) انتهى.

بل لا يبعد أن يشمل ذلك أيضا : نفقة الرجل على زوجته طيلة حياتهما ، وعدم إرهاق الزوجة لزوجها بالنفقات؛ فكلما كان النكاح بعيدا عن السرف ، كان ذلك أرجى للبركة والخير فيه، وذلك لأن المؤونة هي الكلفة والنفقة .

قال ابن منظور في “لسان العرب” (13/425) :” ( مون ) مانَهُ يَمُونه مَوْناً: إِذا احتمل مؤونته ، وقام بكفايته ، فهو رجل مَمُونٌ. عن ابن السكيت . ومانَ الرجلُ أَهله يَمُونُهُمْ مَوْناً ومَؤُونةً كفاهم وأَنفق عليهم وعالهم “. انتهى.

ولأجل هذا ذكر أهل العلم أن التيسير يشمل المهر والنفقة .

قال القاري في “مرقاة المفاتيح” (5/2049) :” ( أَيْسَرُهُ ) أَيْ: أَقَلُّهُ أَوْ أَسْهَلُهُ ( مُؤْنَةٌ ) أَيْ: مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ؛ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْقَنَاعَةِ الَّتِي هِيَ كَنْزٌ لَا يَنْفَدُ وَلَا يَفْنَى “. انتهى.

وقال المناوي في “فيض القدير” (3/482):” ( خير النكاح أيسره ) أي أقله مؤونة ، وأسهله إجابة للخطبة ، يعني: أن ذلك يكون مما أذن فيه ، وعلامة الإذن التيسير .

ويستدل بذلك على يمن المرأة وعدم شؤمها ، لأن النكاح مندوب إليه جملة ، ويجب في حالة ، فينبغي الدخول فيه بيسر ، وخفة مؤونة ، لأنه ألفة بين الزوجين ، فيُقصد منه الخفة ، فإذا تيسر، عمت بركته ، ومن يُسْره: خفة صداقها ، وترك المغالاة فيه ، وكذا جميع متعلقات النكاح من وليمة ونحوها ” انتهى.

وقال الصنعاني في “التنوير شرح الجامع الصغير” (2/503) :” ( أيسرهن مؤنة ) من: مانه ، إذا كفاه ، كالمعونة من: عانه.

والمراد: أيسرهن مؤنة في الزواج، كما يرشد إليه حديث عقبة عند أبي داود: “خير النكاح أيسره” ، وحديث: ” خير الصداق أيسره “.

ويحتمل: أيسرهن مؤنة، في داوم الصحبة بقناعتها، فلا تكلف زوجها ما لا يحتمله حاله “. انتهى.

ثالثا :

الإسراف: هو من الأمور النسبية ، فقد ينفق رجلان قدرا متساويا من المال ، ويكون إسرافا لأحدهما لكونه فقيرا ، ولا يكون للآخر إسرافا لكونه غنيا ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (137954) .

فينبغي أن يراعى هذا عند الحكم على إنفاقٍ ما: أنه إسراف ، أو ليس بإسراف.

رابعا :

على فرض أن ما تقوم به عائلة زوجكِ هو من الإسراف ، فإن ذلك لن يضركما إن شاء الله تعالى، ما دمتما قد قمتما بما يستطيعان، من تقليل المهر والنفقة بقدر الإمكان، ولم تطلبا ذلك الإسراف ، ولم ترضيا به ؛ ولا يعاقب أحد بذنب أحد وخطئه ، قال الله تعالى :  وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى  الأنعام/164 .

وأما اختلاط الرجال بالنساء في الأفراح : فهذا من المنكرات ، فيجب عليكما منعه بكل سبيل ، إن استطعتما ذلك ؛ فإن غلبكم الناس بعد بذل الجهد والطاقة : فليس عليكما وزر ، وإنما الوزر على من قارف الذنب ، وسهل حدوثه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android