0 / 0

ما معنى حديث : ( إذا وضعت المائدة فلا يقوم رجل حتى ترفع المائدة ) وهل هو حديث صحيح ؟

السؤال: 294453

يوجد حديث لم أستطع فهمه وربطه بما أعرفه من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ فَلَا يَقُومُ رَجُلٌ حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ , وَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ , وَإِنْ شَبِعَ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ , وَلْيُعْذِرْ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُخْجِلُ جَلِيسَهُ فَيَقْبِضُ يَدَهُ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الطَّعَامِ حَاجَةٌ ) . هل معناه : أنه يحرم القيام حال الفراغ من الأكل ، ويجب الاستمرار بالأكل ، حتى عند الشبع ؟ وهل يشمل ذلك ما إذا كان لكل أحد طعامه الخاص ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الحديث المذكور : أخرجه ابن ماجه في “سننه” 3295) ، وأبو نعيم في “حلية الأولياء” (3/74) ، والبيهقي في “شعب الإيمان” (5478) ، من طريق عبد الأعلى بن أعين ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

  إِذَا وُضِعَتْ الْمَائِدَةُ فَلَا يَقُومُ رَجُلٌ حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ وَإِنْ شَبِعَ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ ، وَلْيُعْذِرْ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُخْجِلُ جَلِيسَهُ فَيَقْبِضُ يَدَهُ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الطَّعَامِ حَاجَةٌ  .

والحديث ضعيف جدا ، فيه عبد الأعلى بن أعين ، قال فيه ابن حبان في “المجروحين” (773) :” يروي عَن يحيى بن أبي كثير ، مَا لَيْسَ من حَدِيثه لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ “. انتهى

والحديث : ضعفه ابن القيسراني في “معرفة التذكرة” (97) .

وقال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (238) :” ضعيف جدا “. انتهى

وقد جاء في مثل هذا المعنى : حديث آخر ضعيف أيضا .

أخرجه ابن ماجه في “سننه” (3294) ، من طريق الوليد بن مُسْلِمٍ ، عَنْ مُنِيرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ عَائِشَةَ:( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَهَى أَنْ يُقَامَ عَنْ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ ).

وهذا الحديث : ضعيف جدا ، أيضا ، كما قال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (239)

ثانيا :

معنى الحديث المذكور : أن من آداب الطعام ، إن كان المسلم يأكل مع إخوانه : ألا يقوم حتى يفرغ من معه من طعامهم ، فإنه قد يقوم قبل جليسه ، فيحوجه إلى القيام قبل أن يقضي منه حاجته .

وقد عدّه بعض أهل العلم من آداب الطعام .

قال الغزالي في “الإحياء” (2/8) :” أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَلَا يُرَاقِبَ أَكْلَهُمْ ، فَيَسْتَحْيُونَ ، بَلْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنْهُمْ وَيَشْتَغِلَ بِنَفْسِهِ .

وَلَا يُمْسِكَ قَبْلَ إِخْوَانِهِ إِذَا كَانُوا يَحْتَشِمُونَ الْأَكْلَ بَعْدَهُ ؛ بَلْ يَمُدَّ الْيَدَ وَيَقْبِضَهَا ، وَيَتَنَاوَلَ قَلِيلًا قَلِيلًا ، إِلَى أَنْ يَسْتَوْفُوا . فإن كان قليل الأكل توقف في الابتداء ، وقلل الأكل ، حتى إذا توسعوا في الطعام : أكل معهم أخيراً .

فقد فعل ذلك كثير من الصحابة رضي الله عنهم .

فَإِنِ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ : فَلْيَعْتَذِرْ إِلَيْهِمْ ، دَفْعًا لِلْخَجْلَةِ عَنْهُمْ “انتهى .

وهذا المعنى طيب ، مع القيد الذي ذكره : ” إن كانوا يتحتشمون الأكل بعده ” ؛ فمثل هذا من مكارم الأخلاق ، ومعالي الآداب التي ينبغي النظر إليها ، ومراعاتها ، ولو لم يصح بها الحديث ، فإن الخلق الفاضل يدعو الرجل إلى النظر إلى إخوانه ، ومراعاة حاجاتهم ، وأحوالهم.

وقد أوضحه الفقيه ابن حجر الهيتمي أكثر ، فقال في “تحفة المحتاج” (7/438) :” وَلَا يَقُومُ الْمَالِكُ عَنْ الطَّعَامِ ، وَغَيْرُهُ يَأْكُلُ ؛ مَا دَامَ يَظُنُّ بِهِ حَاجَةً ، إلَى الْأَكْلِ وَمِثْلُهُ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ “.

فقيد ذلك بمالك الطعام ، لأنه الذي يخجل الناس من قيامه عادة .

والظاهر أنه يلحق به عامة من يخجل الناس إذا قام هو ، ولم يفرغ من معه ، كما دل عليه عموم عبارة الغزالي .

وقيام المرء هنا قبل جليسه ليس حراما ، فقد نص أهل العلم على كراهته .

 قال الحجاوي في “الإقناع” (3/237) :” ويكره رفع يده قبلهم ، بلا قرينة ، وأن يقيم غيره عن الطعام قبل فراغه ، لما فيه من قطع لذته ، ولا يقوم عن الطعام حتى يرفع “. انتهى

ثالثا :

وأما إن كان لكل أحد من الجلوس طعامه ، بحيث ينفصل عن غيره كما في الأعراس : فلا كراهة هنا ، لأن العلة منتفية .

قال الصنعاني في “التنوير شرح الجامع الصغير” (11/5) :” (نهى أن يقام عن الطعام حتى يرفع) وذلك لأنه : قد يقوم أحد القاعدين ، وآخر لما يكتفِ من الطعام ، فيقوم لقيامه ، وإن قعد عد جشعًا كثير الأكل .

وهذا في مائدة عليها جماعة ، لا إذا كان وحده “. انتهى

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android