ما الحكم في امرأة وقعت في الزنا وهي متزوجة ، وهي نادمة على فعلها أشد الندم وتابت وتحاول الإكثار من الطاعات، وابتعدت عن كل الأسباب التي أوقعتها في الفاحشة . ولكن زوجها شاهدها وأحضر معارفه وأقاربه وقام بفضحها أمامهم . وأجبرها على كتابة تنازل عن حضانة الأولاد وعلى أيصالات أمانة بمبالغ ضخمة جداً .
هذه المرأة تقيم حالياً في بيت أهلها ، وتريد استرداد أولادها لصغر سنهم، وحاجتهم لها، وزوجها يهددها بصورها ومحادثاتها السابقة إذا طلبت استرداد الأولاد ، ما حكم الشرع في ذلك ؟
وقعت في الفاحشة فطلقها زوجها ومنعها من حضانة الأولاد
السؤال: 297129
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الزنا جريمة منكرة، لا سيما إذا وقعت من المحصن، ولذا كانت عقوبته الرجم بالحجارة حتى الموت.
وإذا كانت هذه المرأة قد تابت إلى الله تعالى ، كما ذكر في السؤال ، فإننا نسأل الله تعالى أن يمن عليها ، ويتقبل توبتها، إنه هو التواب الرحيم ، وأن يبدل سيئاتها إلى حسنات ، ويعصمها من الفواحش والزلل .
وعليها أن تكثر من الطاعات، وأن تتجنب أسباب الفتنة، وأن تشغل وقتها بما ينفعها.
ثانيا:
الأصل أن الأم أحق بحضانة أولادها – قبل سن السابعة – ما لم تتزوج ، وليس المقصود بالحضانة الطعام والشراب والإيواء المادي فقط ، بل التربية، والتعليم، والرعاية النفسية والخلقية.
فإن كانت الأم كافرة أو فاسقة فلا يجوز تمكينها من حضانة أولادها .
فإن تابت ، واستقامت، كان لها حق الحضانة، وحضانتها مصلحة لأولادها لأنها أرحم بهم، وأقدر على رعايتهم.
قال ابن القيم – رحمه الله – :
“قال شيخنا – أي : ابن تيمية – : وإذا ترك أحدُ الأبوين تعليم الصبي وأمْره الذي أوجبه الله عليه: فهو عاصٍ ، فلا ولاية له عليه ، بل كل من لم يقم بالواجب في ولايته : فلا ولاية له عليه ، بل إما أن تُرفع يده عن الولاية ويقام من يفعل الواجب ، وإما أن يُضم إليه من يقوم معه بالواجب ، إذ المقصود : طاعة الله ورسوله بحسب .
قال شيخنا : وليس هذا الحق من جنس الميراث ، الذي يحصل بالرحم والنكاح والولاء سواء كان الوارث فاسقاً أو صالحاً ، بل هذا من جنس الولاية التي لا بد فيها من القدرة على الواجب ، والعلم به ، وفعله بحسب الإمكان .
قال : فلو قُدِّر أن الأب تزوج امرأة لا تراعي مصلحة ابنته ، ولا تقوم بها ، وأمها أقوم بمصلحتها من تلك الضرَّة : فالحضانة هنا للأم قطعاً .
قال : ومما ينبغي أن يعلم أن الشارع ليس عنه نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقاً ، ولا تخيير الولد بين الأبوين مطلقاً ، والعلماء متفقون على أنه لا يتعين أحدهما مطلقاً ؛ بل لا يقدم ذو العدوان والتفريط ، على البَرِّ العادل المحسن ، والله أعلم ” انتهى من ” زاد المعاد ” ( 5 / 475 ، 476 ) .
والسبيل أمامها أن توسط من يقنع والدهم ، بأن حضانتها للأولاد أصلح وأنفع لهم، فلعله أن يستجيب لذلك.
وعليها أن تكثر من دعاء الله ، أن يسترها بستره الجميل ، ويصونها ، وأن ييسر أمرها ، ويفرج كربها ، ويجمع شملها بأولادها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب