0 / 0

ما دار من الحوار بين هرقل وأبي سفيان كان قبل فتح مكة .

السؤال: 297705

كما هو معلوم أن أبا سفيان أسلم قبيل فتح مكة بيوم أي سنة 8 هجريا ، وشارك مع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم حنين ، ومن معلوم أيضا أن النبي أرسل خطابه لهرقل عظيم الروم عند مكوثه بتبوك أثناء غزوة تبوك سنة 9 للهجرة ، فكيف يكون الحوار الذي دار بين هرقل وأبي سفيان قبل قراءة هرقل لرسالة رسول الله قبل إسلام ابو سفيان ؟ وهو أسلم 8 هجريا ، والرسالة كانت 9 هجريا ؟

ملخص الجواب

رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه للإسلام ، وما دار على إثر ذلك من الحوار ، بين هرقل وأبي سفيان بن حرب : كان في وقت الهدنة ، وذلك قبل إسلام أبي سفيان، وقبل فتح مكة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أما إسلام أبي سفيان فكان عام فتح مكة في رمضان سنة ثمان . 

فقد أخرج الطبراني في “المعجم الكبير” (8/ 9) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ” ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا رُهْمٍ كُلْثُومَ بْنَ حُصَيْنٍ الْغِفَارِيَّ ، وَخَرَجَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ… وفيه : 

فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ :   وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ؟   .

قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، مَا أَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ ، وَاللهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللهِ غَيْرُهُ ؛ لَقَدْ أَغْنَى عَنِّي شَيْئًا .

قَالَ :   وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ ؟  .

قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، مَا أحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ هَذِهِ ، وَاللهِ كَانَ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءُ حَتَّى الْآنَ .

قَالَ الْعَبَّاسُ : وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَسْلِمْ ، وَاشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَبْلَ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُكَ ، قَالَ : فَشَهِدَ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ وَأَسْلَمَ …” انتهى.

وأما الحوار الذي دار بين هرقل عظيم الروم وبين أبي سفيان بن حرب فلم يكن في سنة تسع كما ذكرت ، وإنما كان قبل فتح مكة ، في المدة التي كانت فيها الهدنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفار قريش .  

وذلك عندما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي ، فلما أن جاء هرقلَ كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال حين قرأه : التمسوا إلي ها هنا أحدا من قومه لنسألهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! 

قال ابن عباس فأخبرني أبو سفيان : ” أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارا في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، قال أبو سفيان : فوجدنا رسول قيصر ببعض الشام ، فانطلق بي وبأصحابي حتى قدمنا إيلياء ، فأدخلنا عليه ، فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج ، وإذا حوله عظماء الروم ، فقال لترجمانه : سلهم أيهم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، قال أبو سفيان أنا أقربهم إليه نسبا…” الحديث أخرجه البيهقي في “دلائل النبوة” (4/377).

وأخرجه البخاري مختصرا (7) عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ، أَخْبَرَهُ : ” أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟…” الحديث.

وهذه الهدنة كانت قبل إسلام أبي سفيان، في المدة : ما بين صلح الحديبية، وفتح مكة؛ لقول هرقل لأبي سفيان : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ فقال أبو سفيان: لاَ ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا ” انتهى. أخرجه البخاري (7). 

وقد كان بدء بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الآفاق يدعوهم إلى الإسلام قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَبَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ ، بلا خلاف بين أهل السير.

قال ابن كثير في “البداية والنهاية” (6/ 468) في ذكره للأحداث التي حدثت سنة ثمان من الهجرة: ” كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ ، إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ …

 وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ بَدْءَ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَبَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ ، لِقَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ لِهِرَقْلَ حِينَ سَأَلَهُ : هَلْ يَغْدِرُ ؟ فَقَالَ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا .

وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ : وَذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي مَادَّ فِيهَا أَبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : كَانَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَوَفَاتِهِ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ هَاهُنَا ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ مُحْتَمَلًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ ” انتهى .

والحاصل :

أن رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه للإسلام ، وما دار على إثر ذلك من الحوار ، بين هرقل وأبي سفيان بن حرب : كان في وقت الهدنة ، وذلك قبل إسلام أبي سفيان، وقبل فتح مكة .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android