تنزيل
0 / 0

الجمع بين حديثي ” يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد ” ، وحديث قراءة آية الكرسي قبل النوم

السؤال: 299108

نعلم بأن المسلم إذا قرأ آية الكرسي قبل النوم لا يقربه شيطان ، ولكن نجد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام : أن الشيطان يعقد على قافية المرء إذا نام ثلاث عقد ، فكيف نوفق بين قراءة آية الكرسي وبين حديث عقد الشيطان ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فإن كلا الحديثين المذكورين صحيح والحمد لله .

الحديث الأول :

أخرجه البخاري في “صحيحه” (1142) ، ومسلم في “صحيحه” (776) ، من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ .

واختلف العلماء في كون العقد من الشيطان هل هو حقيقي أم مجازي ، لكنه واقع ، وقصد الشيطان منه تثبيط المسلم عن الصلاة وفعل الخير .

قال النووي في “شرح مسلم” (6/65) :” وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْعُقَدِ ، فَقِيلَ هُوَ عَقْدٌ حَقِيقِيٌّ بِمَعْنَى عَقْدِ السِّحْرِ لِلْإِنْسَانِ وَمَنْعُهُ مِنَ الْقِيَامِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ” وَمِنْ شَرِّ النفاثات في العقد ” ، فَعَلَى هَذَا هُوَ قَوْلٌ يَقُولُهُ يُؤَثِّرُ فِي تَثْبِيطِ النَّائِمِ كَتَأْثِيرِ السِّحْرِ ، وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا يَفْعَلُهُ كَفِعْلِ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ عَقْدِ الْقَلْبِ وَتَصْمِيمِهِ فَكَأَنَّهُ يُوَسْوِسُ فِي نَفْسِهِ وَيُحَدِّثُهُ بِأَنَّ عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا فَتَأَخَّرْ عَنِ الْقِيَامِ ، وَقِيلَ هُوَ مَجَازٌ كنى به عَنْ تَثْبِيطِ الشَّيْطَانِ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ “انتهى.

والحديث الثاني :

أخرجه البخاري في “صحيحه” (2311) معلقا ، ووصله النسائي في “عمل اليوم والليلة” (959) ، والبيهقي في “الدعوات” (406) ، من طريق عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:” وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَبِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ ، فَخَلَّيْتُ عَنْهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟  قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، شَكَى حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، فَقَالَ:   أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ ، وَسَيَعُودُ  فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ سَيَعُودُ ، فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلَا أَعُودُ ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، فَأَصْبَحَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟  قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَكَا حَاجَةً وَعِيَالًا ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، فَقَالَ:  أَمَا إِنَّهُ كَذَبَكَ ، وَسَيَعُودُ  ، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ : لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا ، قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ  اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ  ا لبقرة/255 ، حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ ، فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ:  مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟   قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، قَالَ: مَا هِيَ؟  قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَهَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ البقرة/255 ، وَقَالَ: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ ، وَلَا يَقْرَبُكَ الشَّيْطَانُ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَمَا إِنَّهُ كَذُوبٌ وَقَدْ صَدَقَكَ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثٍ ، يَا أَبَا هُرَيْرَ؟   فَقُلْتُ: لَا ، قَالَ:  ذَلِكَ الشَّيْطَانُ   “.

والحديث صححه الشيخ الألباني في “تخريج الكلم الطيب” (31) .

وقد تعددت هذه القصة مع أكثر من صحابي ، وإن كان أشهرها حديث أبي هريرة المذكور .

ولا تعارض بين الحديث بفضل الله تعالى ، وبيانه كما يلي :

أن حديث ” يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ” ، هو حديث عام لكنه مخصوص بمن ورد في حقه أنه محفوظ من الشيطان ، ويدخل في ذلك من قرأ آية الكرسي قبل نومه استدلالا بالحديث الثاني ، وبهذا يُعمل بالدليلين .

قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (3/25) :” قَوْلِهِ :” أَحَدِكُمْ ” التَّعْمِيمُ فِي الْمُخَاطَبِينَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَخُصَّ مِنْهُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، وَمَنْ وَرَدَ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ يُحْفَظُ مِنَ الشَّيْطَانِ كَالْأَنْبِيَاءِ ، وَمَنْ تَنَاوَلَهُ قَوْلُهُ ” إِنَّ عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان ” ، وَكَمَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ عِنْدَ نَوْمِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُحْفَظُ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ “. انتهى.

وقال ابن علان في “الفتوحات الربانية على الأذكار النووية” (1/279) :” وقال العارف ابن أبي جمرة : وأما الجواب عن الثاني ، وهو : هل ذاك في عمومه ، في أهل الخصوص وغيرهم؟ فاللفظ يعطي العموم ؛ لكن يخصصه الآيات والأحاديث ، كقوله تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ الحجر/42 ، وكقوله – صلى الله عليه وسلم – ” من قرأ عند النوم سورة من القرآن كانت له حرزاً من الشيطان حتى يصبح ، ومن قرأ آية الكرسي عند مسائه، كانت له حرزاً من الشيطان ، أو كما قال ، ومن قال كلما أصبح أو أمسى: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ كانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، وليلته حين يصبح ، أو كما قال .

والأحاديث في ذلك كثيرة ، وقد نبه الشارع على مكائده كلها ، وجميع وجوه تسلطه علينا ، وبين المخرج منها ، والتحذير منه فجزاه الله خيرًا ، فهذا يخصص عموم الحديث “. انتهى

وبهذا الجمع يتبين أن حديث قراءة آية الكرسي مخصص لحديث عقد الشيطان .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android