0 / 0

حول صحة حديث في فضل علي بن أبي طالب ، وفيه :” لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى ..”

السؤال: 299624

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْلَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ الْيَوْمَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ أَثَرِ قَدَمَيْكَ يَطْلُبُونَ بِهِ الْبَرَكَةَ ) ، فهل هذا الحديث صحيح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فإن فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كثيرة مشهورة ، ومن أعظمها وأفضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم له :  أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى  .

أخرجه البخاري في “صحيحه” (3706) ، ومسلم في “صحيحه” (2404) .

ولقد دأب الكذابون على وضع أحاديث في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومن هذه الأحاديث المكذوبة في فضله هذا الحديث الذي أورده السائل الكريم .

وهذا الحديث له ثلاثة طرق ، كلها موضوع مكذوب ، وبيان ذلك كما يلي :

الطريق الأول :

أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (1/320) ، ومن طريقه الشجري في “الأمالي” ـ ترتيب ـ (652) ، من طريق أَحْمَد بْن الْعَبَّاسِ الْمُرِّيُّ الْقَنْطَرِيُّ ، قال ثنا حَرْبُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّحَّانُ ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ : ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ:  وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، لَقُلْتُ فِيكَ الْيَوْمَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَخَذَ التُّرَابَ مِنْ أَثَرِ قَدَمَيْكَ ، يَطْلُبُونَ بِهِ الْبَرَكَةَ  ” .

وإسناده موضوع ، مسلسل بالمتروكين والضعفاء .

فيه : محمد بن عبيد الله بن أبي رافع :

قال البخاري في “الضعفاء الصغير” (332) :” منكر الحديث ” . انتهى ، وقال أيضا :” ضعيف ذاهب الحديث ” . انتهى من “العلل الكبير” للترمذي (ص395) ، وقال ابن معين :” ليس بشيء” . انتهى من “الضعفاء” للعقيلي (4/104) ، وقال أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (8/2) :” ضعيف الحديث منكر الحديث جدا ذاهب “. انتهى ، وقال الدارقطني :” متروك له معضلات ”  انتهى من “سؤالات البرقاني” (474) ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (925) :” مُنكر الحَدِيث جدا يروي عَن أَبِيهِ مَا لَيْسَ يشبه حَدِيث أَبِيه، فَلَمَّا غلب الْمَنَاكِير على رِوَايَته اسْتحق التّرْك “. انتهى.

وفيه : يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني :

قال فيه البخاري :” مضطرب الحديث” . انتهى من “التاريخ الأوسط” (2507) ، وقال أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (9/169) :” كوفي ليس بالقوى ، ضعيف الحديث “. انتهى ، وقال ابن معين :” ليس بشيء ” انتهى من “الكامل” لابن عدي (2132) .

وفيه : حرب بن الحسن الطحان :

قال الأزدي :” ليس حديثه بذاك ” انتهى من “ميزان الاعتدال” للذهبي (1768) .

والحديث حكم عليه الشيخ الألباني بالوضع في “السلسلة الضعيفة” (5592) .

الطريق الثاني :

أورده ابن أبي حاتم في “العلل” (941) ، فقال :” وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه أحمد بن عُثمان بْنِ حَكيم ، عَنْ حَسَن بن حُسَين ، عَنْ كادِحِ بْنِ جَعْفَر ، عَنْ عبد الله بن لَهِيعَة ، عن عبد الرحمن بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسار ، عن جابر بن عبد الله ؛ قَالَ: ” لمَّا قَدِمَ عليٌّ عَلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بفَتْح خَيْبَر ؛ قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :  لَوْلاَ أَنْ يَقُولَ فِيكَ طَوائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارى في المَسيحِ بْنِ مَرْيَمَ ؛ لَقُلْتُ فِيكَ اليَوْمَ قَولاً … وذَكَر الحديثَ؟

قَالَ أَبِي: هَذَا حديث ٌ موضوعٌ عِنْدِي ، والحسنُ بْنُ الْحُسَيْنِ هَذَا هُوَ العُرَني ، وأتيتُه وَلَمْ أكتُبْ عَنْهُ ، وَلَمْ يكنْ بصدوقٍ عندَهم ، وَكَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعة ” انتهى .

وآفته : الحسن بن الحسين العرني :

قال فيه ابن عدي في “الكامل” (3/181) :” روى أحاديث مناكير .. ولا يشبه حديثه حديث الثقات “. انتهى ، وقال ابن حجر في “التلخيص الحبير” (1/554) :” متروك ” انتهى .
 والحديث حكم عليه أبو حاتم بأنه موضوع .

الطريق الثالث :

أخرجه الشجري في “الأمالي” – ترتيب – (669) ، من طريق مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ الْأَعْوَرُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِي ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:   يَا عَلِيُّ ، إِنَّ فِيكَ مَثَلًا مِنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَبَّتْهُ النَّصَارَى حَتَّى أَنْزَلَتْهُ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ ، وَأَبْغَضَتْهُ الْيَهُودُ حَتَّى بَهَتُوا أُمَّهُ ، وَلَوْلَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنْ أُمَّتِي إِلَّا أَخَذُوا مِنْ تُرَابِكَ وَطَلَبُوا فَضْلَ طَهُورُكَ ، وَلَكِنْ أَنْتَ أَخِي ، وَوَزِيرِي ، وَصَفِيِّي ، وَوَارِثِي ، وَكَعْبَةُ عِلْمِي  .

وإسناده تالف ، فيه موسى بن إبراهيم المروزي ، قال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (8844) :” كذبه يحيى ، وقال الدارقطني وغيره: متروك “. انتهى.

فتبين مما سبق: أن هذا الحديث موضوع مكذوب ، وفيما ثبت في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه كفاية وغنى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android